عن سوريا وتركيا وما بينهما
بدأت تركيا بخطواتها الأولى في الشمال السوري ، بناءا على توافقات صيغت في استانه، بتثبيت نقاط عسكرية في محيط منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة “وحدات حماية الشعب” (الكردية).فيما تنتظر عشر مواقع أخرى داخل محافظة إدلب انتشارا للجيش التركي .
التحرك التركي آثار الحيرة والريبة لدى كثير من المراقبين ، إذ من المفترض أن تقوم تركيا بمهاجمة قوات” هيئة تحرير الشام” وعمودها الفقري “جبهة النصرة ” التي تحكم سيطرتها على إدلب . إلا أن هذا لم يحدث ، وسمحت الهيئة للقوات التركية بالدخول والتمركز في المحافظة دون مشاكل . صدقت توقعات صديق تركي قال لي….” ليس من السهل على تركيا خوض حربا ضد النصرة ، لأن حجم المتعاطفين معها داخل تركيا ليس بالقليل ” .
يتسائل كاتب المقال كمال خلف : هل خالفت تركيا اتفاق استانه و التفاهمات مع حليفي دمشق الأساسيين روسيا وإيران ؟؟ ولماذا تصمت دمشق حتى الآن على هذا الدخول التركي السلسل إلى معقل جبهة النصرة ، في وقت قال الرئيس أردوغان في طهران ، أن تركيا ستحارب التنظيمات الإرهابية وبينها النصرة ؟؟
نحاول أن نورد بعض الإجابات بناء على محاولتنا البحث عن توضيحات من بعض الأطراف المعنية وليس بناء على تحليلاتنا الذاتية .
في طهران كان الرئيس أردوغان يبحث بالعمق ما سيقوم به في ادلب ، أتطلع الإيرانيون بدقة وتفصيل دقيق من خلال ضباط الأمن والعسكر الأتراك الذين رافقوا الرئيس أردوغان إلى طهران على الأهداف التركية والدور الذي سيقوم به الجيش التركي داخل الأراضي السورية . هناك شعر الإيرانيون أن ثمة تحولا مهما في المقاربة التركية لمجمل الحرب في سوريا ، ومعظم أزمات المنطقة . الرئيس أردوغان وافق على تحييد بلاده تماما عن مهاجمة الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد . في ذات الوقت يرى أن فتح صفحة جديدة كاملة مع دمشق أمر مبكر .
الواضح أن دمشق حتى الآن صامته عن التحركات التركية داخل أرضها ، هي حصلت على ضمانات مصدرها الجانب الروسي ، يقول الروس لدمشق الآن…” أن كل شيء يحدث في ادلب هو تحت السيطرة ” ، وتعتمد دمشق على التطمينات الروسية في مراقبة مايجري في ادلب بصمت . أكثر من هذا حصلت دمشق على ضمانات روسية بخروج القوات التركية من سوريا في نهاية المهمة .
ولكن هل يمكن الوثوق بالنوايا التركية ؟؟ وهي أي تركيا لم تلتزم سابقا بتفاهمات مماثلة ؟؟ الجانب السوري لا يرى أن أنقرة جديرة بالثقة ، هو يرصد بقلق ما يشبه عمليات تتريك في بعض المناطق التي يتواجد فيها نفوذ تركيا مثل الباب وجرابلس غيرها ، العملة التركية و اللغة التركية في المدارس في هذه المناطق ، إفتتاح بريد .. الخ ، كلها أمور تتابعها دمشق عن كثب . ولا تشعر بالارتياح حيالها .
رغم ذلك الرؤية السورية تتحدث عن أن الوضع الآن بالنسبة لتركيا مختلف عن السابق . وإن تركيا اليوم لديها سياسيات مختلفة تدفعها أكثر باتجاه روسيا وإيران .
وربما هذا سيذهب بها لاحقا إلى إعادة العلاقات الطبيعية مع دمشق ، هذا الأمر بتقديرنا أصبح على الضوء البرتقالي، بإنتظارالشارة الخضراء . لا يستبعد أي من الأطراف المعنية هذا الأمر ، والكل لديه قابلية لذلك .
من غير الواضح حتى الآن ما هي آليات المعالجة التركية ، لسيطرة جبهة النصرة على محافظة إدلب . الواضح أن هناك مهمة تركية ينتظر الآخرون نتائجها . وننتظر معهم .
المصدر: كمال خلف - رأي اليوم
إضافة تعليق جديد