حشد أمريكي عسكري جنوب شرق آسيا بالتوازي مع حشد الشرق الأوسط
الجمل:إضافة إلى الحشد الأمريكي في منطقة الخليج العربي، وبحر العرب، فهناك حشد عسري أمريكية آخر يتم حاليا للأساطيل البحرية الأمريكية في الشواطئ البحرية المتاخمة لدولة كمبوديا بجنوب شرق آسيا.
الموساد الإسرائيلي، كعادته، استغل الفرصة، وقام بتنفيذ واحدة من عملياته الاستخبارية السرية الأكثر خطورة في الوقت الحالي، وتتعلق هذه العملية السرية بتهريب كميات ضخمة من الأسلحة المخزنة في كمبوديا.
يقول تقرير وينماديسون الاستخباري الصادر في واشنطن، بأن إسرائيل ظلت لاعباً رئيسياً في منطقة جنوب شرق آسيا، وهو ما لم ينتبه إليه أحد، وقد بدأت أنشطة الموساد الإسرائيلي تكتسب خطورتها في هذه المنطقة، منذ لحظة قيام الملياردير ورجل الأعمال الصناعي الوافر الثراء الإسرائيلي شاؤول ايزنيبيرج في تنفيذ مذابحه المروعة في المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن الإسرائيلي شاؤول يرتبط بعلاقات (تجارية وثيقة) مع المنشآت العسكرية الصينية، إضافة إلى أنه ظل المورد الرئيسي للأسلحة والعتاد العسكري لنظام بول بوت الكمبودي السابق، وترجع ارتباطاته بمنطقة جنوب شرق آسيا إلى كونه من أبناء الجالية اليهودية في جنوب شرق آسيا.
الغريب في الأمر أن الإسرائيلي شاؤول ايزنيبيرج، كان يعيش في أوروبا، وقد فرّ هارباً خلال الحرب العالمية الثانية إلى منطقة الشرق الأقصى، وبرغم كل ذلك، فقد قام ببناء علاقات وثيقة للغاية مع الشركات وأجهزة الاستخبارات اليابانية خلال فترة الحرب، موقعاً الكثير من الاتفاقات وعقود الصفقات مع الحكومة اليابانية الامبراطورية، برغم تحالفها في الحرب العالمية الثانية ضمن دول المحور جنباً إلى جنب مع إيطاليا موسوليني الفاشية، وألمانيا هتلر النازية.
وكان مركز أعمال شاؤول يقع في مدينة شنغهاي الصينية التي كانت تحت الاحتلال الياباني آنذاك. وفي هذه المدينة كان الإسرائيلي شاؤول ايزنيبيرج عميلاً مرتبطاً بجهاز المخابرات الامبراطوري الياباني، وقد اشترك شاؤول لاحقاً في تأسيس منظمة ارغون اليهودية، التي اشتركت جنباً إلى جنب مع منظمتي الهاغاناه، وشتيرن، في الجرائم ضد العرب في فلسطين المحتلة في نهاية أربعينيات القرن الماضي.
كذلك انضم شاؤول ايزنيبيرج إلى عضوية منظمة شنغهاي بيتار، والتي أسسها اليهودي البولندي الصهيوني يعقوب جابوتنيسكي خلال حقبة ثلاثينيات القرن الماضي.
تقول المعلمات بأن ارتباط شاؤول ايزنيبيرج القوي بالأطراف العسكرية الإسرائيلية والصينية، كان سبباً مباشراً لاعتماد نظام الخمير الحمر الكمبودي السابق عليه في الحصول على الأسلحة والعتاد العسكري. وقد نجح شاؤول في توفير احتياجات كمبوديا آنذاك عن طريق جلب الأسلحة الصينية والإسرائيلية، وقد قدمت الحكومة الإسرائيلية الغطاء القانوني والتسهيلات اللازمة لشركة تزيم الإسرائيلية الملاحية، والتي كان شاؤول نفسه يمتلك 49% من رأسمالها. وتعتبر هذه الشركة بمثابة ثالث أكبر شركة عالمية للملاحة.
وبرغم وفاة شاؤول في العاصمة الصينية بكين عام 1997م عند إصابته بنوبة قلبية مفاجئة، إلا أن (رفقاءه) في الموساد الإسرائيلي) تولوا أمر تسيير دفة أعمال الشركة في منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا.
تم توقيع اتفاقية بين الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي والحكومة الحالية على برنامج يهدف إلى إعادة تصدير مخزونات الأسلحة الهائلة التي سبق أن اشتراها نظام الخمير الحمر.
تتوزع مخازن الأسلحة في كل المدن الكمبودية تقريباً، ولا تتميز هذه المخازن بأي إجراءات سلامة أو وقاية أمنية، وقد انكشف التورط الإسرائيلي في عملية تهريب هذه الأسلحة إلى خارج كمبوديا، في عام 1999م، عندما شب حريق غامض دمّر أحد مستودعات الأسلحة التابعة للجيش الكمبودي، وقد كشف ضابط محطة جهاز المخابرات النيوزيلندية الموجودة في كمبوديا عن طريق تقرير إلى حكومته يقول فيه بأن (مجموعة إسرائيلية صغيرة) متعاونة مع بعض العسكريين الكمبوديين كانت تقوم بسرقة وتهريب الأسلحة والعتاد لصالح بعض الميليشيات المسلحة الموجودة في جنوب شرق آسيا.
وأشار تقرير واينماديسون إلى قيام الموساد الإسرائيلي بإمداد ميليشيا التاميل التي تقاتل الحكومة السيريلانكية بالأسلحة والعتاد العسكري الكمبودي المخزن، وفي الوقت نفسه ظل الموساد الإسرائيلي يقوم بإمداد الحكومة السيريلانكية من هذه المخزونات.. وقد افتضح الأمر عندما اصطدمت سفينة محملة بالأسلحة تابعة لشركة (تزيم الملاحية الإسرائيلية) مع سفينة شحن يابانية.. وعندما حاولت الحكومة اليابانية ملاحقة الأمر قضائياً، قام الموساد الإسرائيلي بتقديم أوراق وشهادات ثبوتية مزورة بهدف تضليل التحقيق.. وكانت المفاجأة أكبر عندما تبين أن الإدارة الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية تعملان جنباً إلى جنب مع الموساد الإسرائيلي من أجل منع تسرب أي معلومات تتعلق ببرنامج إعادة تصدير مخزونات أسلحة نظام الخمير الحمر الكمبودي وذلك لأن الأمر سوف يؤدي إلى كشف فضيحة كبرى داخل أمريكا تتعلق ببرنامج الـ10 مليارات دولار الذي أشرف على تنفيذه هنري كيسنجر من أجل أن تقوم إسرائيل بتزويد الخمير الحمر وزعيمهم بول بوت بالأسلحة الإسرائيلية والصينية.. من أجل زعزعة الاستقرار في جنوب شرق آسيا. وقد أشرفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية آنذاك على إدارة كامل العملية السرية، والتي يتوقع لها إن انكشفت أن تحمل اسم (كمبوديا- غيت).
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد