01-03-2018
الجيش يتقدم في الغوطة على محورين
لم تتوقف عمليات الجيش في الساعات التي تفصل بين مواعيد التهدئة اليومية التي حددتها «الهدنة الإنسانية» الروسية، وتمكنت قواته من التقدم على جبهتي شرق الشيفونية وغرب دوما. وبالتوازي، يتواصل الخلاف بين الأطراف الدولية حول تفسير قرار مجلس الأمن الذي أقرّ «هدنة شاملة» في سوريا، وآلية تطبيقه ومراقبته المنتظرة
تستمرّ المداولات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن حول آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن المتضمن إقرار هدنة عامة في سوريا، فيما تدخل «الهدنة» الروسية المؤقتة يومها الثالث، من دون تحقيق أيّ خروقات. فكما كانت ساعات اليوم الأول الخمس في معبر مخيم الوافدين، لم يغادر أحد غوطة دمشق الشرقية، أمس، باستثناء مواطن باكستاني وزوجته، كانا يعيشان هناك منذ نحو ثلاثين عاماً.
التطور اللافت أتى في الساعات التي فصلت بين الهدن، فقد حقق الجيش تقدماً مهماً على جبهتي حوش الضواهرة وشمال حرستا. وبعد تمهيد ناري كثيف على الأطراف الشرقية للجيب الذي تسيطر عليه الفصائل المسلحة، تمكن الجيش من اختراق الخطوط الدفاعية في محيط حوش الضواهرة، وتقدم غرباً وصولاً إلى مختبرات «سيفكو» الطبية ومفرق الشيفونية الشرقي. وتراجع المسلحون في هذه الجبهة نحو المواقع الممتدة بين الشيفونية والفوج 274، فيما عملت قوات الجيش على تثبيت النقاط التي كسبتها خلال معارك فجر أمس. أما على محور حرستا، فقد تمكنت القوات من السيطرة على جزء من المزارع الواقعة غرب مدينة دوما وشمال حرستا، وهي المنطقة الموازية لمستشفى الشرطة من الجهة الشرقية، وتعدّ الفاصل الرئيس بين دوما والطريق الدولية دمشق ــ حمص.
موسكو صاحبة مبادرة «الهدنة الإنسانية» أكدت مجدداً، أمس، أن المسلحين استهدفوا منطقة «المعبر الآمن» في محيط مخيم الوافدين، لمنع المدنيين الراغبين في الخروج من الغوطة الشرقية من مغادرتها، محمّلة الفصائل المسلحة، وخاصة «جبهة النصرة»، مسؤولية «تعثر» الهدنة. وأتى ذلك رغم التحضيرات الحكومية والروسية لمراكز إيواء ونقاط طبية تستهدف مساعدة الخارجين المفترضين. وركّزت التصريحات الروسية أمس على أحقيّة الحكومة السورية في «محاربة التنظيمات الإرهابية» التي تستهدف العاصمة دمشق يومياً. وبينما رأى الرئيس فلاديمير بوتين أن من غير المقبول التغاضي عن القصف اليومي الذي يطاول أحياء دمشق يومياً، شدد وزير الخارجية سيرغي لافروف على أن بلاده ماضية في دعم القوات الحكومية «لاجتثاث الإرهاب»، لافتاً إلى «عدم إمكانية تقسيم الإرهاب إلى جيّد وسيّئ». وقال في كلمة خلال انعقاد دورة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، إن «روسيا مع الحكومة السورية أعلنت بالفعل إقامة ممرات إنسانية فى الغوطة الشرقية... غير أن المسلحين والأطراف الداعمة لهم يعوقون تسليم المساعدات وإخلاء المواطنين الراغبين في مغادرة المنطقة، ويواصلون قصف دمشق».
ومن غير المعروف إن كانت «الهدنة» المؤقتة سوف تمدّد في ضوء غياب أيّ مغادرين عبر «المعبر الآمن»، لكون صيغتها الأوّلية تحدّد مدتها بثلاثة أيام (تنتهي اليوم) قابلة للتجديد. وبينما نفى المتحدث باسم «جيش الاسلام»، حمزة بيرقدار، استهداف المعبر، وأوضح أن «أهالي الغوطة يرفضون هذه المسألة (الخروج) جملة وتفصيلاً»، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لووكوك، أن نحو أربعين شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية جاهزة ومستعدة للتوجه إلى الغوطة الشرقية قرب دمشق. ومن جانبه، طالب الاتحاد الأوروبي كلاً من روسيا وتركيا وإيران (كجهات ضامنة في محادثات أستانا) بالتدخل لوقف المعارك في الغوطة الشرقية والسماح بدخول المساعدات. وبدورها، دعت فرنسا روسيا إلى ممارسة «ضغوط قصوى» لاحترام الهدنة في الغوطة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، انييس فون دير مول: «تعهدت المجموعات المسلحة الموجودة في الغوطة الشرقية أمام مجلس الأمن الدولي باحترام القرار 2401 وقبول الهدنة، لكن نظام بشار الأسد لم يتعهد بذلك». وطالب المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر، قبيل اجتماع لمجلس الأمن أمس لبحث الملف السوري، بـ«إيجاد آلية مراقبة» للتحقق من صمود وقف إطلاق النار. أما نظيره الروسي فاسيلي نيبينزيا، فقد استنكر حصول الفصائل المسلحة في الغوطة «على العناوين الإلكترونية لجميع المنسّقين السياسيين» للبعثات الدبلوماسية في مجلس الأمن. وأكد أن هناك من يحاول تفسير قرار المجلس 2401 وفق أهوائه وبشكل انتقائي.
القضية الأخرى التي أثارت جدلاً على خلفية القرار الأممي، كانت عمليات تركيا العسكرية في عفرين ووجوب وقفها وفق قرار التهدئة؛ فقد استنكرت أنقرة التصريحات الأميركية التي خرجت حول هذه النقطة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، إنّ ما قالته وزارة الخارجية الأميركية حول وجوب قراءة بلاده نص قرار مجلس الأمن بشكل جيد، لا يستند إلى أساس، وهو محاولة لتحريف محور ذلك القرار. ولم يقتصر الانتقاد التركي حول هذه النقطة على الولايات المتحدة، فقد نفت وزارة الخارجية التركية بعض المعلومات التي وردت في بيان الرئاسة الفرنسية، بشأن المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان، والفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم الإثنين الماضي. وشرح أقصوي أن ماكرون لم يشر إلى العمليات الجارية في عفرين أثناء حديثه عن قرار مجلس الأمن 2401، على عكس ما ذكره بيان الرئاسة الفرنسية. وأضاف أن بلاده أبلغت السلطات الفرنسية رفضها «عدم إمداد الرأي العام بحقيقة الأمور، رغم أن المكالمة مسجلة».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد