مجزرة المشمش التي لم يتحدث عنها أحد
على الرغم من انتشار صناعة قمر الدين في العديد من البلدان العربية والإقليمية، إلاّ أنّ قمر الدين السوري يبقي هو الأكثر شهرة وتميزاً عند المستهلكين، ولا يزال الأكثر طلباً في أسواق العالم، فسورية كانت السبّاقة لابتكار هذه الصناعة ونشرها في العالم، وهي معروفة منذ العصر الأموي.
وبغض النظر عن ارتباط هذا المنتج وشرابه بشهر رمضان، مشروب قمر الدين هو بالفعل من المشروبات اللذيذة التي تمتاز بمذاقها الخاص المُعتّق، والذي يمزج الطعم الحلو مع الحامض بطريقة فريدة، ولاسيما إن كان من المشمش الشامي ذي النكهة العطرية المميّزة.
المؤسف اليوم أن هذا المشمش الشامي الفائق التميّز طعماً وجمالاً، والذي كان يكسو غوطة دمشق، قد أتت الحرب على أغلبه، فأغلب الأسر التي كانت تعيش في الغوطة على موسم المشمش، وتنتظره من عامٍ إلى عام، فَقَدَ ما تبقى منها مصدر عيشه الوحيد،
خسرت غوطة دمشق (90 %) من أشجار المشمش، ولم يبقَ اليوم سوى (10 %) مثلما أوضح فايز شيخ قويدر رئيس لجنة الكونسروة وقمر الدين، في غرفة صناعة دمشق وريفها، (وهو من منتجي قمر الدين، ولديه منشأة تنتج 300 طن من قمر الدين سنوياً).
شيخ قويدر أوضح أنّ إنتاج سورية من قمر الدين يصل سنوياً إلى حدود 10 آلاف طن، يُصدّر منها نحو 75 % إلى مختلف دول العالم، أي نحو 7500 طن، ليبقى 2500 طن في السوق المحلية فقط.
وأمام هذه المجزرة المشمشيّة في الغوطة، وقع ما تبقى من مصانع قمر الدين بأزمة حقيقيّة إزاء نقص المادة الأولية الرئيسية (المشمش) غير أنّ صنّاع (قمر الدين) لم يستسلموا، وراحوا يستجرّون المشمش من مختلف الأماكن والمحافظات، ولا سيما من محافظة حمص التي تنتج كميات كبيرة من المشمش تصل إلى 34 ألف طن ولكن منتجي قمر الدين احتاجوا إلى كمياتٍ أكبر، فاستوردوا من لبنان والأردن ما يحتاجونه من المشمش، لتلبية طاقة معاملهم الإنتاجية من قمر الدين.
وأضاف أنّ وزارة الزراعة سرعان ما بادرت إلى توزيع غراس المشمش ومختلف الأشجار المثمرة على ما تبقى من مواطني الغوطة، لزراعتها في تلك الأراضي التي تعرّضت لتلك المجازر الزراعية.
في هذه الأثناء يحاول بعض رجال الأعمال السوريين إعادة إحياء هذه الصناعة عبر إقامة استثمارات ضخمة لانتاجها، وقد وافقت هيئة الاستثمار مؤخراً على ترخيص مشروع لصناعة وإنتاج المربيات وقمر الدين، وفق المرسوم 8 لعام 2007 لأربعة مستثمرين (محمد الحاج موسى، وحسين العبيد، وحسين وسلمان صقر).
وتشير المعطيات الأولية لهذا المشروع إلى أنه سيُنتج 5 طن من المربيات المتنوعة، إضافة إلى 240 ألف علبة من قمر الدين، وهذا يعني نحو مئة طن من قمر الدين.
الأيام
إضافة تعليق جديد