مهلة أخيرة لتنفيذ اتفاق درعا: الحافلات تنتظر الرافضين
كسر إعلان «اللجنة المركزية» المفاوِضة باسم المسلّحين، التوصّل إلى اتفاق مع الحكومة السورية حول أحياء درعا البلد، جمود المشهد في المنطقة الجنوبية، التي كانت قبل أيّام على شفير معركة واسعة جديدة، لولا وساطة روسية مستمرّة. واستدعى إعلان «المركزية» ردود فعل غاضبة من قِبَل فصائل درعا التي ترفض أيّ اتفاق، خصوصاً تلك المتحصّنة في أحياء درعا البلد، حيث أفشلَت الاتفاق السابق. وبعد سلسلة اجتماعات مكثّفة بين اللجنة الأمنية والعسكرية الحكومية و«اللجنة المركزية»، برعاية الجانب الروسي، جرت طوال الأسبوع الماضي، وتكثّفت في نهايته، تمّ التفاهم على الخطوط العريضة للاتفاق المُرتقب، الذي من المفترض أن يتضمّن تسليم «المركزية» ستّ لوائح للدولة، من أجل معالجة كلّ لائحة على حدة: واحدة تتضمّن أسماء المنخرطين في التسوية، وثانية لغير الراغبين فيها، وثالثة بأسماء الذين سلّموا أسلحتهم، ورابعة للمتخلّفين عن الخدمة العسكرية، وخامسة بأسماء المكلّفين بالخدمة العسكرية، إضافة إلى لائحة سادسة تحمل أسماء الخارجين عبر معبر السرايا إلى خارج درعا البلد. ويتمّ لاحقاً، بحسب الاتفاق الجديد، استحداث مراكز جديدة للتسوية، مع التشديد على عدم قبول تسوية أوضاع أي مسلّح ينتمي إلى تنظيمَي «داعش» و«هيئة تحرير الشام»، في إشارة إلى رؤوس الفصائل المسلّحة التي هاجمت بالقنّاصات قوات الجيش أثناء محاولة دخولها أحياء درعا البلد بموجب الاتفاق السابق، أواخر شهر تموز الماضي.
وبالتزامن مع إعلان «المركزية» التوصّل إلى اتفاق جديد، كانت تصل إلى مركز مدينة درعا حافلات لنقل المسلّحين غير الراغبين في التسوية، إلى منطقة خفض التصعيد في ريف إدلب. ولربّما أرادت الحكومة السورية، من خلال استقدام الحافلات، تنبيه المسلّحين إلى أن «هذه المهلة هي الأخيرة، ولم يَعُد هناك أيّ مجال لخروقات إضافية أو محاولات لكسب الوقت»، خصوصاً لاعتقادها أن أيّ فشل جديد «سيُظهر الحكومة في موقع العاجز أمام الفصائل المسلحة الرافضة للتسوية، وهو أمر مرفوض حكومياً». وما يدفع الحكومة، هنا، إلى رفع مستوى التهديد هو الخلافات الحادّة بين الفصائل حول الاتفاق، والتي سرعان ما ظهرت إلى العلن، حيث حمّلت غالبية الفصائل، «اللجنة المركزية»، مسؤولية «استسلام درعا البلد»، ما دفع المتحدّث باسم الأخيرة، عدنان المسالمة، إلى إصدار بيان أكّد فيه أن «كل البنود قيد الدراسة، ولا قرار نهائياً ريثما يتمّ الاتفاق على كلّ التفاصيل». وحول هذه الخلافات، يكشف رئيس «لجنة المصالحة في درعا»، حسين الرفاعي، لـ«الأخبار»، أن «هذه الانقسامات، سببها المسلحون المتطرّفون»، مبيّناً أن «الحافلات الأربع التي وصلت إلى درعا، هي لِمَن يرغب في الخروج حين تطبيق الاتفاق، ولم تُسجّل أي قوائم للراغبين بذلك بعد». وبدا لافتاً أنه، للمرّة الأولى، يأتي الحديث الرسمي على ذكر وجود سلاح ثقيل في حوزة المسلحين في درعا، وإيراد ذلك صراحة في التداولات والمفاوضات، بعدما اقتصر الحديث سابقاً عن السلاح فردي، وأحياناً المتوسّط، إذ من المفترض أن كلّ السلاح الثقيل قد تمّ تسليمه في تسوية 2018 برعاية روسية».
أمّا داخل أحياء درعا البلد، فتسود حالة من التوتّر، مع تسريب مشروع الاتفاق الجديد، وما رافقه من تصريحات للناطق الرسمي باسم «المركزية»، الأمر الذي أدّى إلى ما يشبه «النفير العام» داخل أوساط المسلحين، لـ«مواجهة أيّ اتفاق يؤدّي إلى تسليم درعا البلد» للحكومة السورية، وفق تنسيقيات المسلحين، «وجعلِ كلّ من يقدِم على التسوية، هدفاً مشروعاً للفصائل الرافضة للاتفاق والمتمسّكة بسلاحها». وشهدت الساعات التي تلت الإعلان عن مشروع الاتفاق، تجمّعاً للمدنيين على معبر السرايا الرئيس، بعدما تنفّس الأهالي الصعداء لناحية إمكانية تطبيق الحلّ السلمي، والإفراج عن المعتقلين وكشف مصيرهم. ويكشف مصدر مطّلع على مسار المفاوضات، أن «التعويل حالياً على مدى قدرة المركزية على إقناع المسلّحين ببنود الاتفاق، وسط تعنّت القسم المتطرّف منهم، والذين لا مكان لهم سوى مقاعد الحافلات التي ستقلّهم إلى الشمال»، ويلفت المصدر إلى أن «هناك من بادر إلى توتير الأجواء وإطلاق القذائف ورصاص القنص باتجاه المعبر، في محاولة لإفشال الاتفاق مجدداً، حتى قبل أن يبدأ عملياً»، مؤكداً أن «هذه المحاولات سيكون مصيرها الفشل حتماً». ويشير إلى أن «نجاح الاتفاق في درعا البلد، سيعني حتماً الانتقال إلى مناطق أخرى لإنجاز مصالحات وتسويات فيها». كذلك، تكشف مصادر أهلية من داخل أحياء درعا البلد، لـ«الأخبار»، أن «العدد المتوقّع للدفعة الأولى التي وافقت على التسوية هو قرابة 90 مسلحاً». وتُنبّه المصادر إلى أن «ملف الراغبين في الخروج إلى الشمال، بقي رهن الضغوط من قِبَل قيادات الفصائل على المركزية»، مُذكّرة بأن «قيادات الفصائل أرغمت الأهالي سابقاً على إعلان تأييدهم للخروج الكامل وتسليم المنطقة خالية من أهلها، لإحراج الحكومة السورية وحليفها الروسي أمام المجتمع الدولي».
جعفر ميا - الأخبار
إضافة تعليق جديد