انفجار كبير وغياب نجم من الفضاء
حديثًا، رصد العلماء انفجار أشعة غاما ناتج عن زوال نجم ضخم. سُمي هذا الانفجار GRB-221009A)، وكان شديد السطوع لدرجة أن وُصف بأنه (BOAT)، اختصارًا لـ «الأسطع على الإطلاق».
هذا الانفجار هو الألمع من بين انفجارات طاقات الأشعة السينية وأشعة غاما التي رُصدت على الإطلاق. إنه أسطع بـ 70 ضعفًا من أي انفجار لوحظ سابقًا. في مارس الماضي، نُشرت دراسة في عدد خاص من مجلة الفيزياء الفلكية، توضح بالتفصيل هذا الاكتشاف والنتائج المرتبطة به.
يقول عضو الفريق إريك بيرنز، الأستاذ المساعد في جامعة ولاية لويزيانا، إن انفجارًا بهذا السطوع لا يُرصد من الأرض إلا مرة كل 10 آلاف عام.
عندما يستنفد نجم ضخم وقوده ويتحول إلى ثقب أسود، تنبعث منه تيارات من انفجارات أشعة غاما تدوم نحو ثانيتين، تولّد هذه الانفجارات تيارات مكثفة من المادة تصطدم بالغاز المحيط بالنجم، ما يؤدي إلى إنتاج أشعة غاما عالية الطاقة. إذا كانت التيارات موجهة نحو الأرض، فيمكننا ملاحظة هذا الانفجار من كوكبنا.
يعكف الفلكيون على مراقبة السماء بحثًا عن أي انفجارات ساطعة، متضمنةً انفجارات أشعة غاما، وهكذا اكتشفوا «الأسطع على الإطلاق». في كل مرة يلتقط تلسكوب رصد الانفجارات، اختصارًا (BAT)، انفجارًا جديدًا لأشعة غاما، يتلقى فريق باحثي مرصد نيل غيريلز سويفت التابع لناسا إخطارًا.
صرحت مايا ويليامز، المؤلفة الرئيسية للبحث، عالمة الفلك من جامعة ولاية بنسلفانيا، أن الانفجار كان ساطعًا لدرجة أنه نشّط التلسكوب (BAT) مرتين.
حدث الكشف الأولي للانفجار باستخدام المعلومات التي جمعها تلسكوب (SWIFT) للأشعة فوق البنفسجية، وتلسكوب فيرمي لأشعة غاما التابع لناسا. رُصد الانفجار لاحقًا باستخدام أجهزة أكثر من 24 قمرًا صناعيًا، منها تلسكوب الأشعة السينية (NICER) على متن المحطة الفضائية الدولية، وتلسكوب الأشعة السينية (NuSTAR) التابع لناسا، والقمر الصناعي الجديد للاستكشاف بالأشعة السينية (IXPE)، ومن إحدى مركبات فوياجر.
وفقًا لهيوي سيرس، طالب الدراسات العليا في علم الفلك في جامعة نورث وسترن، غير المشارك في الدراسة، ساعدت البيانات المتعلقة بـ (BOAT) علماء الفلك على معرفة أنه انفجار أشعة غاما ذو طبيعة مختلفة عن المعتاد.
ما الذي جعله ساطعًا جدًا؟ أحد الأسباب هو قربه النسبي، إذ يبعد نحو 1.9 مليار سنة ضوئية من الأرض، ما يساهم في سطوعه الشديد. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد، فهو أيضًا أنشط مقارنةً بغيره من الانفجارات، وفقًا لبيرنز.
يعتقد الفلكيون أن التيارات التي أنتجها الثقب الأسود الخاص بـ (BOAT) كانت «أضيق» من المعتاد. مثلما يؤدي تضييق فتحة خرطوم الحديقة إلى توليد تيار أقوى، يوجه هذا التيار مباشرةً نحو الأرض. لكن لم يتوصل الباحثون بعد إلى تفسير ذلك.
يشير بيرنز إلى أن (BOAT) يظهر نقصًا في كفاءة معظم النماذج الحالية لفهم هذه الأحداث. تكون انفجارات أشعة جاما أسطع في لحظاتها الأولى، لكنها تواصل التوهج فترةً من الزمن. في حالة «الأسطع على الإطلاق»، قد يستمر التوهج عدة سنوات. تخطط ويليامز وفريقها لمواصلة المراقبة باستخدام (SWIFT) مرة كل أسبوع لأطول فترة ممكنة.
إضافةً إلى ذلك، سيستخدم الباحثون تلسكوبات جيمس ويب وهابل لمراقبة الحدث بأطوال موجية أخرى، لجمع أكبر قدر من البيانات عن هذا الحدث النادر.
وفقًا للباحثة المشاركة سارة داليسي، طالبة الدراسات العليا في الفيزياء الفلكية بجامعة ألاباما، فإن لـ (BOAT)، أهمية كبرى، إذ يتعارض مع فهمنا الحالي لمثل هذه الظواهر، وهو حدث فريد قد لا نراه إلا مرة في العمر.
أنا أصدق العلم
إضافة تعليق جديد