دراسة:القطط الأليفة أصلها من الشرق الأوسط والتدجين بدأ في مصر
قبل نحو 10 آلاف سنة، وفي مكان ما من الشرق الأدنى، كانت قطة برية تزحف نحو واحدة من قرى أوائل البشر المستوطنين، وأول من زرعوا الحنطة والشعير. وهناك شعرت بالأمان من الكثير من الحيوانات المفترسة في المنطقة مثل الضباع والقطط الكبيرة.
وكانت القوارض التي تعيش في بيوت المستوطنين ومناطقهم الزراعية فريسة سهلة. وإذا رأوا انها كانت تحصل على ما تعتاش عليه فان المستوطنين تسامحوا معها. وكان أطفالهم يرحبون بصغارها ببهجة.وكان هناك خمس قطط اناث على الأقل من النوع البري الذي يعرف باسم «فليس سلفيتريس» حققت ذلك الانتقال اليسير من الغابة الى القرية. ومن هذه القطط الأمهات الخمس انحدرت 600 مليون من قطط البيوت في العالم.
وقد اسس القاعدة العلمية لهذا السيناريو كارلوس دريسكول من المعهد القومي للسرطان وزملاء له. فقد قضى ما يزيد على ست سنوات وهو يجمع انواعا من القطط البرية في أماكن بعيدة مثل اسكتلندا واسرائيل وناميبيا ومنغوليا. ثم حلل الحامض النووي (دي أن أي) للقطط البرية والكثير من قطط البيوت وقطط الزينة.
وقد وزعت خمس سلالات فرعية في مختلف أنحاء العالم القديم، وقد عرفت بالقطة البرية الأوروبية والقطة البرية من الشرق الأدنى، والقطة البرية من جنوب افريقيا والقطة البرية من أواسط آسيا والقطة الصحراوية الصينية. وكان نموذجا من (الدي أن أي) يصنف في خمس مجموعات. ويقع (الدي أن أي) لجميع القطط المنزلية وقطط الزينة في مجموعة الشرق الأدنى، مما يوضح ان هذه السلالات الفرعية هي السلف، وفقا لما قاله الدكتور دريسكول وزملاؤه في تقرير نشر الخميس الماضي على موقع مجلة علمية على الانترنت. ويقول الباحثون ان (دي أن أي) القطط البرية الأقرب الى القطط المنزلية جاء من 15 قطة أخذت من صحارى إسرائيل والامارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية. وتقدر القطط المنزلية التي تتضمنها الدراسة في خمسة أنساب اعتمادا على تحليل محتويات الـ(دي أن أي)، وهو نوع انحدر عبر خط الاناث. وطالما أن اقدم موقع آركيولوجي دفنت فيه قطة يعود الى حوالي 9500 سنة فان علماء الجينات يشيرون الى أن القطط التي تعود اليها الأنساب الخمسة عاشت في حدود هذه الفترة الزمنية وكانت القطط الأولى الأليفة.
وقد استخدمت الحنطة والشعير في منطقة الشرق الادنى قبل 10 آلاف سنة ولهذا يبدو من المحتمل ان صوامع تخزين الحبوب في قرى العصر الحجري الحديث عاشت فيها فئران وان المستوطنين كانوا يرحبون بمساعدة القطط في تخليصهم منها.
وبعكس الحيوانات الأليفة التي تم تدجينها على يد البشر، يبدو وكأن القطط كيفت نفسها لحياة البيوت بنفسها، وهذا قد يفسر سبب درجة استقلال أحفادها من القطط. وقال الدكتور دريسكول: «كيفت القطط نفسها للبيئة الجديدة، لذلك فإن الدفع باتجاه الحياة المنزلية جاء من طرف القطط نفسها، لا من طرف الانسان».
والقطط هي «مؤشر على فترة المراهقة الحضارية بالنسبة للانسان» كما قال دريسكول، منذ قيام البشر بالتحول العسير بالانتقال من مرحلة الصيد إلى بروز التجمعات البشرية قبل ملايين السنوات.
وحتى فترة أخيرة كان يسود اعتقاد أن تدجين القط جرى في مصر، حيث اصبح حيوانا مقدسا. لكن قبل ثلاثة أعوام اكتشف بعض الاركيولوجيين الفرنسيين برئاسة دان دينيس فين بقايا قط عمره 8 أشهر مدفونة مع صاحبها في قبرص من العصر الحجري الحديث. واستقر في تلك الجزيرة فلاحون قدموا من تركيا الحالية وجلبوا معهم حيوانات أليفة بما فيها القطط لأنه لا يوجد أي دليل على وجود قطط برية في قبرص.
نيكولاس ويد
خدمة «نيويورك تايمز»
المصدر: الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد