المازوت بين رفع الدعم وقلة المادة وتهريبها
مشكلة المازوت اشتعلت وكلما هجم البرد اشتدت الازمة هذا الكلام ليس من الهواء وانما كان نتيجة جولتنا الميدانية على بعض كازيات دمشق وريفها ومحاورتنا لاصحابها ولبعض السائقين والمواطنين...
فليس من المعقول ان يبحث سائق سرفيس من خطوط دمشق عن المازوت ولا يجده الا في احدى كازيات الكسوة وإذا تأخر لحظات تبخرت المادة.. وليس من المنطق أن يأتي اصحاب المنشآت الصناعية ويترجوا اصحاب الكازيات للحصول على المادة.. فإذا نالوها فهذا يعني حرمان المواطن والسائقين منها.. وهذا الذي يجري.. فالتاجر يدفع أكثر فينال حصة الاسد؟! وليس من الحق ان يقف صاحب سيارة ما في الطابور لساعات وساعات. واحياناً كل اليوم للفوز بشيء من المادة!! وليس من الصحيح ان يناوب هذا المواطن أو ذاك ومعه زوجته واولاده وكل واحد يحمل «بيدون» بيده ليؤمنون بعضاً من وقود الشتاء.
ازمة المازوت القديمة الجديدة ومعاناة المواطنين محور تحقيقنا الآتي:
حسام دبوس «مواطن» قال: منذ أكثر من شهر ونصف سجلت على الدور في الكازية وكل يومين أتصل ولكنهم يعتذرون.. واضاف انا كمواطن لا اريد ان أهربه ولا أتاجر به ولا لأستعمله في منشآتي الصناعية وانما حاجتي فقط 300 لتر، كي اقي اطفالي برد الشتاء كوني اسكن فوق السطوح.. فماذنبي اشغل اسرتي بهذا الهم المفترض ان يكون متوافراً بشكل آني مع بداية كل فصل شتاء ويكون مدروساً عدد السكان والحاجة الفعلية مع الأخذ بعين الاعتبار الاخوة الوافدين العرب.
واضاف.. كذلك الأخذ بعين الاعتبار تزايد المنشآت الصناعية والسياحية وحتى الحقول الزراعية وكل ذلك يعمل على مادة المازوت الحيوية.. واذا كانت المادة تهرب في بعض المناطق الحدودية وهذا صحيح فماذنب ابناء المدن الداخلية وتضرر مصالحهم.. ولماذا معاقبة الجميع بذنب المهربين؟! ولماذا لا يعاقبون هم... ويعاقب اصحاب الكازيات التي تتلاعب بالمادة..
صالح عباس «مواطن» قال والله لو اعرف ان الكهرباء هي الأخرى في بلدنا ثابتة ومستقرة لأشتري مكيفات او سخانات ولكن يا أخي كذلك الكهرباء يوم تأتي وعشرة تغيب.. والمشكلة ان الشتاء قادم وعندي اولاد صغار واسكن في بيت مخالف ومتخلف لايدخله ضوء ولا شمس لذا انا احتاج للمازوت بأي وسيلة.. وانا كما تشاهد احمل «بيدون» المازوت وابحث واستفسر اين توجد كازية لاقف ساعات واشتري كل يوم «بيدون» وأضعه في الخزان كي اضمن الدفء في الشتوية بالحد الأدنى. واضاف يا أخي انا راتبي على قد الحال بينما البعض وحتى من الاخوة الوافدين قادرين ان يدفعوا لاصحاب الكازيات او للصهاريج او حتى للباعة الجوالين زيادة وتأتي المادة الى عندهم.. بينما انا وامثالي كثر نقتصد بالمازوت كي نطعم اولادنا الصغار....
احمد شتوي المحمد ـ سائق ـ قال انام واحلم واستيقظ واحلم بان يكون خزان السرفيس «مفول» ولكن لايكاد يمر يوم الا والهث مثل كل زملائي السائقين وراء المازوت. يقولون المازوت في الكازية الفلانية فما أن نصل اليها يكون قد نفد، اتصل بزملائي عبر الموبايل فيقولون ملأنا من الكازية الفلانية اذهب اليها فتكون النتيجة ذاتها يقولون في الرحمة او في الزبداني او في كازية الدولة وهكذا يمر الوقت وانا يا أخي كما تشاهد أعمل عليها بالاجرة فإذا لم اعمل فلن يكون في نهاية اليوم هناك طعام لأولادي.
بسام جولان ـ سائق سرفيس قال: البارحة وصلت حتى الكسوة للحصول على المازوت فنفد خزاني ولم اجد شيئاً هناك فتنقلت في اكثر من سرفيس للوصول الى كازية فيها مازوت حتى حصلت على نصف «بيدون».. وبذلك تركت السرفيس في الشارع عرضة لاي شيء وضاع اليوم.. فهل من المعقول انا كسائق لايمر يوم إلا وأتكبد فيه خسائر بسبب عدم وجود الوقود.. واضاف اذا كان البعض يتلاعب فيه وهذا امر طبيعي فمن المفترض ان يحاسب حساباً عسيراً...
ماهر شهاب ـ متعهد جمع القمامة قال: كثيراً ما تتوقف الآليات لنفاد المازوت منها رغم تعاون اصحاب الكازيات معنا تقديراً منهم لاهمية عملنا ولكن ليس من المنطق ان يقضي الجرار كل الوقت بالتنقل من كازية الى اخرى بحثاً عن المازوت.. وبالوقت نفسه غير مسموح له بحرية التنقل وهذه ايضاً مشكلة اضافية... نحن مستعدون لمضاعفة السعر والمهم ان تتوفر المادة.. الشتاء قادم والظروف الجوية سوف تكون صعبة وتكثر القمامة كذلك.. ونريد حلاً..
احمد عيدو ـ صاحب محطة يا هلا، قال: محطتنا تخدم جرمانا والمليحة وعقربا وعشرات القرى الأخرى.. والمشكة تكمن بنقص المخصصات، فمثلاً مخصصاتنا لهذا العام هي نفسها كما كانت عليه في السنوات الماضية مع العلم ان عدد السيارات قد ازداد وسيارات دوما وحرستا وسيارات سوق الهال العابرة تأتينا وكلها تبحث عن المادة.. المطلوب زيادة المخصصات لكل الكازيات بالوقت نفسه وبذلك تحل المشكلة.
عاصم قسام... صاحب كازية قسام، قال: لقد زادت لنا الجهات المعنية فقط 5% وهذا لا يكفي طبعاً بسبب ان المحطة التي يتوفر فيها المازوت يأتي السائقون والمواطنون واصحاب الفعاليات الاقتصادية اليها.. فلو توفرت المادة وزادت الكمية لكل الكازيات اظن ان المشكلة سوف تحل.. واضاف ايضاً هناك مئات من المواطنين واصحاب الصهاريج الخاصة مسجلين على الدور منذ شهرين ولا نستطيع تلبيتهم بسبب الضغط وعدم توفر المادة بشكل مستمر فيوم تكون وعشرة غائبة.
نبيه عبيد ـ صاحب محطة عبيد، قال: الجهات المعنية معها حق بترشيد المادة.. لأن بعضها يهرب الى الدول المجاورة عبر الخراطيم العابرة والبعض يهرب الى الدول المجاورة عبر خزانات الشاحنات «الترانزيت» وهناك من يخزنه في خزانات تحت الأرض بانتظار رفع اسعاره ليستفيد من الفرق.. ولكن بالوقت نفسه هناك حق على الجهات المعنية.. لان اشاعة رفع السعر هي التي خلقت هذه المشكلة وصار الذي صار..
المشكلة تتفاقم ومهما قال المواطنون عنها هناك الكثير. فنحن لا ننكر ان البعض يستغل رخص المادة او دعمها ويهربها الى خارج البلاد بكل الاساليب مستفيداً من فارق السعر.. وكذلك لا ننكر الجهود التي تقوم بها الجهات المعنية لقمع هذه الظاهرة او على الاقل للتخفيف منها.. ولكن بالمقابل لايسعنا الا ان نقف مع الاخوة سائقي «السرافيس» ومعاناتهم اليومية وكذلك الاخوة المواطنين اصحاب الدخل المحدود الذين يحلمون كل يوم بالظفر «ببيدون» مازوت لحماية اسرهم من برد الشتاء القادم.. نضع هذه المعطيات امام الجهات المعنية.. لعلها تجد آذناً صاغية..
عارف العلي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد