ما هو مستقبل الأزمة الأفغانية وتداعياتها الإقليمية والدولية
الجمل: بدأت مراكز الدراسات والصحف الأمريكية التابعة لجماعة المحافظين الجدد تهتم أكثر فأكثر بالأزمة الأفغانية، والتي أصبحت المخاوف الأمريكية والإسرائيلية تتزايد حول تصعيداتها المحتملة.
* الأزمة الأفغانية وتداعياتها الداخلية والإقليمية والدولية:
*داخلياً: أصبحت حكومة الرئيس الأفغاني المنصّب أمريكياً حامد كرازاي لا تمارس أي سلطة سياسية حقيقية إلا ضمن حدود العاصمة كابول حصراً، وذلك لأن حركة طالبان والفصائل الأفغانية الأخرى المعارضة أصبحت تسيطر على معظم الأجزاء الحيوية، الأمر الذي أدى إلى نشوء ظاهرتين سياسيتين هما:
* ظاهرة فراغ قوة وسلطة الحكومة الأفغانية المدعومة أمريكياً وغربياً.
* ظاهرة نشر قوة وسلطة الحركات المسلحة المعارضة.
عملية فراغ القوة والسلطة، وعملية نشر القوة والسلطة تمثلان حالياً الظاهرتين الأكثر نفوذاً وهيمنة على الأوضاع الأمنية السياسية المتعلقة بأفغانستان.
* إقليمياً: تتداخل صراعات الأزمة الأفغانية ضمن الحيز الجيوسياسي الإقليمي الذي توجد ضمنه أفغانستان، والذي يضم:
* الباكستان.
* إيران.
* دول آسيا الوسطى (وتحديداً قيرغزستان، أوزبكستان، تركمانستان، وطاجكستان).
عدوى الأزمة الأفغانية انتقلت حالياً بكل تداعياتها وأبعادها إلى باكستان، عن طريق ما يعرف بـ"مناطق القبائل"، والتي تمثل في حقيقة أمرها حزاماً ديموغرافياً أفغانياً – باكستانياً مشتركاً..
الصراع الدائر في أفغانستان بين الإسلاميين وحكومة كرازاي المدعومة أمريكياً، ترتب عليه نشوء صراع موازي في باكستان بين الإسلاميين وحكومة الجنرال برويز مشرف الباكستانية المدعومة أمريكياً...
التماثل الموجود بين باكستان وأفغانستان، فيما يتعلق بالطبيعة النوعية لقوى الحكم وقوى المعارضة، أدى إلى:
* تحالف النظامين الباكستاني والأفغاني المدعومين أمريكياً.
* تحالف المعارضتين الإسلاميتين الأفغانية والباكستانية المدعومتين شعبياً.
* بالنسبة لإيران، تقول المعلومات بأن النظام الأفغاني والقوات الأمريكية يقومان بدعم الحركات السنيّة الإيرانية المعارضة، وبالمقابل تقوم إيران بدعم الحركات الإسلامية المعارضة للنظام الأفغاني وللوجود الأمريكي.
يتهم الأمريكيون إيران بمحاولة فرض النفوذ الإيراني على أفغانستان، وبأن إيران قد لعبت في هذا الاتجاه لعبة مزدوجة، فقد رحبت طهران في بداية الأمر بسقوط نظام حركة طالبان، ولكنها تحالفت معها ثانية، وبكلمات أخرى فقد رحب الإيرانيون بإخراج الأمريكيين لحركة طالبان من الباب... ولكنهم (أي الإيرانيون) يقومون منذ فترة طويلة وحتى الآن بدعمها من الشباك!!
وحتى الآن ما تزال قوات الناتو وقوات الحكومة الأفغانية عاجزة عن تحقيق الانتشار العسكري في مناطق الحدود الإيرانية – الأفغانية، والتي أصبحت أكثر قابلية للاشتعال بسبب تأييد الشيعة الأفغانيين لنظام الثورة الإيرانية الحالي، ومعارضتهم لتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية المعادية لإيران...
* بالنسبة لدول آسيا الوسطى، كانت الإدارة الأمريكية تعمل باتجاه بناء تحالف استراتيجي كبير في بلدان آسيا الوسطى يهدف إلى تطويق مناطق جنوب روسيا والسيطرة على منابع نفط منطقة آسيا الوسطى، ولكن بسبب تحالف دول آسيا الوسطى مع روسيا والصين ضمن تحالف منظمة تعاون شنغهاي، فقد رفضت دول آسيا الوسطى الانخراط في التحالفات الأمريكية، أو السماح لأمريكا ببناء القواعد العسكرية... وكذلك، قامت دول آسيا الوسطى بقطع دعمها ومساعداتها لقوات "تحالف الشمال الأفغاني"... والذي أصبحت هذه الدول تنظر إليه باعتباره بمثابة قوات "الطابور الخامس" الأمريكي في آسيا الوسطى... وإضافة إلى ذلك، فقد انخفضت شعبية تحالف الشمال داخل أفغانستان بسبب تزايد السخط الشعبي ضد أمريكا وحكومة كارازاي...
* دولياً: على خلفية الحرب ضد الإرهاب، استطاعت الإدارة الأمريكية "تدويل" الصراع الأفغاني عبر الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية... ومن أبرز إنجازات الولايات المتحدة في هذا المجال:
* توريط حلف الناتو في القيام بشن حرب "وكالة" بالنيابة عن القوات الأمريكية في أفغانستان.
* ابتزاز أموال اليابان والأوروبيين والدول الخليجية النفطية لتمويل الحرب.
الاهتمام الأمريكي الجديد بأفغانستان، هذه المرة، يهدف إلى الآتي:
* توظيف الملف الأفغاني في بناء الذرائع ضد إيران، لجهة تحميلها المسؤولية عن دعم حركات التمرد الأفغاني التي تقوم بشن الهجمات ضد قوات حلف الناتو... على النحو الذي يحرض دول الناتو من أجل المزيد من التشدد والعداء ضد إيران في أزمة الملف النووي الإيراني التي تتزعمها أمريكا وإسرائيل...
* مباشرة العمليات العسكرية والاستخبارية السرية بالانطلاق من أفغانستان ضد إيران...
* الحصول على المزيد من الأموال، سواء عن طريق مطالبة الكونغرس الأميركي بالمزيد من المخصصات في الميزانيات، أو عن طريق توفير الذرائع لجهة ابتزاز أموال الحلفاء العرب الخليجيين، واليابان، ودول الاتحاد الأوروبي.
* استدراج الهند، التي تزايدت روابطها مؤخراً مع الولايات المتحدة، إلى التدخل في أفغانستان.
وعموماً، يشير موقع شبكة أوبان ديموكراسي الإلكتروني الأمريكي بأن دور أمريكا – حلف الناتو في أفغانستان قد أدى إلى إضعاف التحالف الدولي القوي الذي كان مؤيداً وداعماً لأمريكا في الفترة التي أعقبت مباشرة هجمات الحادي عشر من أيلول وبدايات غزو أمريكا لأفغانستان.
وأيضاً، أدى إلى إضعاف موقع العناصر الأفغانية الأكثر اعتدالاً في الساحة السياسية الأفغانية، وإضافة إلى كل ذلك، يتمثل في أنه عزز قدرة وحيوية حركة طالبان وتنظيم القاعدة في تجنيد المزيد من العناصر الجهادية الجديدة... والتي سوف تلعب دوراً كبيراً في إشعال الصراع ليس في أفغانستان وحسب بل وفي مختلف أنحاء العالم...
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد