فشل جولة رايس والغموض مازال يغلف مؤتمر الخريف
للمرة السابعة منذ بداية العام الجاري تنهي وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس جولة مكوكية لها في المنطقة، وتعود إلى بلادها دون تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن مؤتمر الخريف الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش.
رايس التي وصلت المنطقة هذه المرة وكلها عزم وإصرار على إجبار الإسرائيليين والفلسطينيين على تقديم مزيد من التنازلات، تمهيدا لإنجاح المؤتمر الدولي الذي دعا بوش لعقده الشهر المقبل، غادرت المنطقة وهي تطلق الوعود مجددا بالعودة إليها لمزيد من النقاشات. أما المشهد السياسي فقد أمسى أكثر غموضا وتعقيدا بعدما فشلت في التقريب بين الفرقاء، أو الوصول معهم إلى اتفاق على أجندة المؤتمر أو المشاركين فيه أو حتى وقت انعقاده.
فشل رايس واكبه خيبة أمل فلسطينية بعد تجديدها الانحياز للإسرائيليين وتأييدها لرفضهم طرح المواضيع الجوهرية على أجندة المؤتمر، بحجة "عدم القفز على خارطة الطريق".
وبدلا من الحديث عن حل الصراع في المنطقة، أنهت رايس جولتها وهي تعتبر المؤتمر المرتقب "بداية للمسيرة الأكثر جدية التي تشارك فيها منذ زمن بعيد"، بل ذهبت لحد "تفهمهما" للمخاطر الأمنية المحتملة وراء الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية.
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خالد العمايرة يرى أن هذه الزيارة "أثبتت فشل السياسة الأميركية في المنطقة"، وأن اجتماع السلام في أنابوليس "سراب يقصد به تجميل الوجه القبيح للإدارة الأميركية".
ويقول العمايرة إن التحركات الدبلوماسية تهدف بالأساس إلى "إجبار الفلسطينيين على القبول بالأمر الواقع، وإعطاء الكيان الصهيوني مزيدا من الوقت لابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس، وإكمال الطوق الذي تفرضه إسرائيل حول المراكز السكانية الفلسطينية".
ومن مظاهر فشل زيارة رايس حسب العمايرة "عدم تمكنها من حمل إسرائيل على الانصياع لما يسمى مبادئ الشرعية الدولية"، مضيفا أن إسرائيل "تتهرب من التوصل إلى وثيقة ملزمة مع السلطة الفلسطينية تحدد شكل الاتفاق النهائي الذي يأمل الطرف الفلسطيني التوصل إليه".
وفي محاولة لتخفيف حدة التشاؤم الفلسطيني من الموقف الأميركي قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن مهمة رايس اقتصرت على الاستماع "استمعت باهتمام أكثر مما تحدثت، وكانت تسأل وترغب في أن تعرف أين هي المواقف الفلسطينية والإسرائيلية كي تكون قادرة على تقريب وجهات النظر".
وأضاف المالكي أن رايس نجحت "في تهيئة الأجواء لمزيد من اللقاءات المستقبلية"، مشيرا إلى أن المنطقة ستشهد العديد من الزيارات لمسؤولين أميركيين بينهم مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ومساعد وزيرة الخارجية وغيرهم.
وذهب للقول إن الوثيقة التي سيخرج بها المتفاوضون هي التي ستحدد طبيعة التوقعات وتؤسس لعملية تفاوضية حول قضايا الحل النهائي بشكل يضمن الحقوق الفلسطينية.
وفي إسرائيل شكك البروفيسور شلومو بروم المختص بموضوع الصراعات المحتملة في نتائج مؤتمر أنابوليس، مشيرا إلى ضعف كل من بوش ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، ووصفهم بأنهم "بِطاط عرجاوات".
وشدد بروم على أن رايس لم تفلح في تقريب وجهات نظر الفرقاء، كما أن جولتها الأخيرة دفعت الساسة الإسرائيليين للتشبث أكثر بمواقفهم المتحفظة من المؤتمر، مستغلين ضعف موقف أولمرت وفقدانه القاعدة الأخلاقية لاتخاذ قرارات حاسمة بسبب التحقيقات ضده والحرب الفاشلة على لبنان، وهو الرأي نفسه الذي تبناه المعلق البارز في صحيفة إيديعوت أحرنوت نحوم برنيغ.
وديع عواودة- عوض الرجوب
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد