استقالة لاريجاني وآثارها المحتملة على المفاوضات النووية
لفتت استقالة كبير المفاوضين في الملف النووي وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أنظار المراقبين لكونها تحمل الكثير من الدلالات لجهة تزامنها مع مناخ من التوتر المتزايد مع الولايات المتحدة وحلفائها بسبب رفض طهران تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم.
وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين إلهام قد أعلن في طهران السبت أن الرئيس محمود أحمدي نجاد قبل استقالة لاريجاني دون أن يحدد الأسباب، لافتا إلى أن سعيد جليلي نائب وزير الخارجية سيخلفه في هذا المنصب.
بيد أن المتحدث لم يوضح ما إذا كان جليلي سيخلف لاريجاني في منصب كبير المفاوضين فقط أم في منصبه الأساس وهو الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، علما بأن هذا المنصب يتبع مباشرة لمرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي المقرر الفعلي لكافة السياسات الخارجية بما فيها ااملف النووي الإيراني.
مصدر إيراني مقيم في الخارج اعتبر أن الاستقالة جاءت بعدما بلغ الخلاف ما بين لاريجاني والرئيس أحمدي نجاد نقطة اللاعودة، لا سيما بسبب رغبة الأخير مدعوما من التيار المتشدد في الحرس الثوري توجيه المفاوضات النووية بطريقة تتفق ورؤيتهم للصراع مع الغرب.
وقال مسؤول مركز الدراسات الإيرانية بالعاصمة لندن إن لاريجاني سبق وقدم استقالته احتجاجا على عدم توليه رئاسة الوفد الذي التقى الأميركيين في بغداد قبل أشهر، مشيرا إلى أن الرجل سحب الاستقالة نزولا عند أوامر خامنئي.
كما ربط د. علي نوري زاده الاستقالة (أو الإقالة بحسب رأيه) بزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران ولقائه بخامنئي، وتسليمه مقترحات روسية لحل أزمة الملف النووي الإيراني.
ولفت إلى تناقض التصريحات بين لاريجاني الذي قال إن الحكومة تلقت فعلا مقترحات روسية، وبين ما قاله أحمدي نجاد الذي نفى أن تكون للمقترحات الروسية أي علاقة بالملف النووي.
وتوقع زاده أن يشهد الملف النووي الإيراني تصعيدا خطيرا لا سيما بعد أن تعيين رئيس الجمهورية -بحسب رأيه- سعيد جليلي الذي ينتمي إلى الصف الثالث من دبلوماسيي وزارة الخارجية رغبة منه بممارسة قدر أكبر من السيطرة على مسار المفاوضات.
ولم يستبعد الخبير الإيراني المقيم بلندن أن يكون الحرس الثوري وراء استقالة لاريجاني استنادا إلى مواقفهم المتشددة تجاه أي تهاون مع الموقف الغربي تجاه الملف النووي "حتى لو كان ذلك على حساب الدخول في صراع عسكري مع الولايات المتحدة".
بيد أن الخبير بشؤون الأمن القومي الإيراني د. محمد صادق الحسيني اعتبر أن الاستقالة ليست أمرا جديدا كون علي لاريجاني سبق وقدم استقالته أكثر من مرة، معترفا بوجود خلافات بين ذلك الرجل وبين أحمدي نجاد فيما يتعلق بطريقة التعاطي مع مفاوضات الملف النووي.
وقال الحسيني إن الخلاف المعروف للجميع بين الرجلين يمس الأسلوب والتكتيك، ولا يتعلق بالإستراتيجيات المتصلة بالأزمة النووية القائمة مع الغرب.
بيد أن الخبير الإيراني اتفق مع الرأي القائل إن الاستقالة جاءت برغبة من رئيس الجمهورية (بموافقة من خامنئي) في "سد منافذ الرياح التي يمكن للمعسكر الإصلاحي الإيراني الدخول منها إلى الملف النووي" وذلك بفضل العلاقة الطيبة التي تجمع لاريجاني برئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني.
كذلك لم يستبعد أن يكون للاستقالة علاقة مباشرة بالتحضيرات التي يعدها مؤيدو أحمدي نجاد للانتخابات البرلمانية المقبلة، معتبرا أن هذا التغيير لن يمس الإستراتيجية الإيرانية في التعاطي مع شؤون الملف النووي كون هذه الإستراتيجيات من اختصاص خامنئي والتي لا يمكن للاريجاني أو خلفه أو حتى الرئيس أحمدي نجاد تجاوزها.
عدي جوني
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد