رواية جديدة لجون بولتون عن الغارة الإسرائيلية على سوريا
الجمل: ما تزال حالة الهستيريا وعدم التوازن المعرفي مسيطرة على ذهنية جون بولتون، صديق إسرائيل الوفي، والذي قال عنه اليهودي الأمريكي وزعيم جماعة المحافظين الجدد ريتشارد بير بان: "جون بولتون هو الرجل الذي أتمنى الوقوف إلى جانبه عندما تقوم مملكة الرب اليهودي (هرمجدون) في أورشليم..".
* الخبير "الكبير" جون بولتون يتحدث مرة أخرى عن سوريا:
نقلت صحيفة «أورشليم بوست» تصريحات جون بولتون الجديدة التي قال فيها:
• إن ما قامت الغارة الإسرائيلية باستهدافه في سوريا هو منشأة نووية.
• إن كوريا الشمالية هي التي قدمت المساعدة والمعونة الكافية واللازمة لإقامة المنشأة النووية السورية.
• إن إيران هي التي قامت بتحمل نفقات تمويل المنشأة النووية السورية.
• إن تعاون الدول الثلاث سوريا، إيران، وكوريا الشمالية، يؤكد إلى أنها تعمل ضمن "محور الشر".
كذلك وجه بولتون الانتقادات ليس لسوريا وإيران وكوريا الشمالية فحسب، بل وأيضاً للولايات المتحدة الأمريكية نفسها عندما اتهم الإدارة الأمريكية بالصمت والتكتم إزاء الغارة الإسرائيلية ضد سوريا، واستنتج بولتون قائلاً بأن هدف الإدارة الأمريكية من وراء هذا الصمت، هو المضي قدماً في مخطط إزالة اسم كوريا الشمالية من قائمة الإرهاب الأمريكية.
* جون بولتون والتعليلات الجديدة إزاء سوريا:
قال جون بولتون بأن ما لفت انتباهه وأثار اهتمامه إزاء صمت الإدارة الأمريكية، يتمثل في أن الدافع الأساسي وراء هذا الصمت ليس الاعتبارات الأمنية وإنما الاعتبارات السياسية.
وأشار بولتون في حديثه قائلاً "توجد اهتمامات أمنية مشروعة، ولكن لا يوجد سبب يبرر عدم التوضيح والكشف عن ماهية المنشأة النووية السورية التي تمت مهاجمتها"، وأضاف بولتون قائلاً "إذا لم يكن هناك تورط كوري شمالي، فقد كان الأمر سيشكل مناسبة للإدارة الأمريكية لكي تتحدث علناً وتستفيد من مزايا حديثها، وإذا لم يكن الأمر يتعلق بمنشأة نووية، فإن على الإدارة الأمريكية أن توضح لنا ذلك..".
تحدث بولتون "متحيزاً" لصالح إسرائيل و"ضد" الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة، عندما قال أن توجيه الانتقادات لإسرائيل بسبب تعاملها وتجاوبها غير المتناسب إزاء الغارة –عن طريق الصمت عليها- فإن ذلك في حقيقة الأمر يمثل انتقاداً لأمريكا، وبالتالي فإن الأمريكيين الذين ينتقدون صمت إسرائيل على الغارة إنما هم ينتقدون أمريكا نفسها في المقام الأول ثم إسرائيل في المقام الثاني..
* جون بولتون وإشكالية "الحساسية" إزاء سوريا:
يعتبر جون بولتون من الشخصيات التي اشتهرت بالطابع الدرامي النمطي من بين جميع المسؤولين الأمريكيين الذين يدينون بالولاء الأعمى لإسرائيل. بكلمات أخرى، جون بولتون لم يفقد "بصره" بالنظر إلى جرائم إسرائيل، وإنما فقد "بصيرته" في معرفة مدى إدراك العالم أجمع لعدم مصداقية ما يقول ويصرح به، وهو الأمر الذي جعل الكونغرس يجد الكثير من الحرج والخجل في الموافقة على تعيين جورج بوش له سفيراً أمريكياً في الأمم المتحدة.
اشتهر جون بولتون بأن عداءه لسوريا يفوق عداء إسرائيل لها، وتبدأ قصته الجديدة مع سوريا، عندما كتب مقالاً في صحيفة وول ستريت جورنال قبل حدوث الغارة الإسرائيلية ضد المفاعل النووي السوري "المفترض"، وتحدث فيه عن وجود تعاون سوري – إيراني – كوري شمالي في المجال النووي، واتهم سوريا بأنها تقوم بالمضي قدماً في تطبيق برنامجها النووي الخاص.
حملة بولتون التي بدأها في صحيفة وول ستريت جورنال ترتب عليها حملة بواسطة اللوبي الإسرائيلي قطعت أشواطها: المرحلة الأولى، والثانية والثالثة والرابعة.. وحالياً، فإن حديث بولتون الجديد لا يمكن النظر إليه على عواهنه، وتركه يمر دون تدقيق. بكلمات أخرى، ما الذي يقصد ويرمي إليه حديث بولتون الجديد؟ ولكي نحاول أن نفهم بعضاً من ذلك، إن لم يكن كل ذلك، فإنه يتوجب علينا طرح بعض الأسئلة:
• لماذا أدلى جون بولتون بهذه التصريحات في هذا الوقت بالذات؟
• لماذا تناول حديث بولتون الإدارة الأمريكية بالنقد هذه المرة؟
• لماذا أصر بولتون على مطالبة الإدارة الأمريكية بالقيام بنفي الطابع "النووي" عن المنشأة السورية التي استهدفتها إسرائيل، إن لم تكن فعلاً هذه المنشأة –بنظر الأمريكيين- هي منشأة نووية؟
• لماذا ربط بولتون بين الدول الثلاثة سوريا – إيران – كوريا الشمالية، مرة أخرى بفكرة "دول محور الشر" القديمة التي بدأت إبان فترة الرئيس السابق رونالد ريغان.
عموماً، إن مقاصد ونوايا، أو بالأحرى، المعاني الخفية التي يمكن التقاطها من عبارات جون بولتون التي تتميز في ظاهرها بالفظاظة والجلافة، وهي مقاصد ونوايا تحمل أكثر من معنى ومن دلالة، وذلك لأنها ترافقت مع تحركات اللوبي الإسرائيلي ضد الأمم المتحدة، واقتراب موعد انعقاد مؤتمر أنابوليس، وتزايد الضغوط والتهديدات ضد إيران، إضافة إلى الخلافات داخل الإدارة الأمريكية حول مدى مصداقية المعلومات الاستخبارية التي قدمتها إسرائيل لأمريكا. وعلى ما يبدو فإن تصريحات جون بولتون هي مؤشر لبداية حملة إعلامية ضد بعض عناصر الإدارة الأمريكية الذين وإن كانوا مؤيدين لإسرائيل ومعادين لسوريا وإيران، فإنهم يرفضون اعتماد الوسائل العسكرية في التعامل مع إيران وغيرها، ويطالبون باستخدام الوسائل الدبلوماسية وتكثيف الضغوط والعقوبات الاقتصادية والسياسية بدلاً من العمل العسكري.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد