بركان باكستان: مشرف يركب رأسه ومبعوث واشنطن يعود خالي الوفاض
الجمل: تصاعدت ضغوط الأزمة الباكستانية،التي أصبح الجنرال برويز مشرف يشكل بؤرتها الفاعلة المتزايدة النشاط، وقد تدرجت مراحل الأزمة الباكستانية، منذ قيام الإدارة الأمريكية بالإشراف على مرحلة تغذية الأزمة (دعم الجنرال مشرف) ورعاية نمو الأزمة (التحالف مع مشرف في الحرب ضد أفغانستان)، وفي نهاية الأمر، وقبل أن تحصل الإدارة الأمريكية على مخرجات الأزمة المطلوبة (السيطرة على أفغانستان وباكستان) جاءت التغذية العكسية هذه المرة (أزمة الجنرال مشرف) معاكسة تماماً لكل التوقعات الأمريكية..
* عودة جون نيغروبونتي خالي الوفاض إلى واشنطن:
عند اندلاع الصراع بين نظام الجنرال برويز مشرف من جهة، والمعارضة "المدنية" الباكستانية من الجهة الأخرى، حمل جون نيغروبونتي نائب وزيرة الخارجية الأمريكية حقائبه مغادراً العاصمة الأمريكية واشنطن إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، وتوقعت إدارة بوش في أن ينجح نيغروبونتي في توصيل الـ"تعليمات" الأمريكية إلى الجنرال مشرف، وأن ينجح أيضاً في الإشراف على قيام مشرف بتنفيذ التعليمات الأمريكية بالشكل المطلوب بواسطة البيت الأبيض.
ولكن، قضى نيغروبونتي بضعة أيام محاولاً إقناع الجنرال مشرف، علماً أن زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى عواصم بلدان العالم الثالث لا تتجاوز (بسبب الغرور الأمريكي) اليوم الواحد بما في ذلك زمن رحلة الطائرة من وإلى واشنطن..
وبرغم مهانة بقاء المسؤول الأمريكي الرفيع المستوى لبضعة أيام، فإن نيغروبونتي قد تلقى مهانة أخرى تمثلت في "عناد" الجنرال (حليف أمريكا) هذه المرة، وإصراره على عدم استعداده التخلي عن بذته العسكرية التي تمثل "جلده" التي لا يمكن أن يتخلى عنها لا طوعاً ولا قسراً.
أما الإهانة الثالثة لمبعوث بوش فتمثلت، كما أوردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في عودته إلى واشنطن خالي الوفاض ودون أي نتيجة، وكل ما كان هو أن الجنرال مشرف:
• رفض الاستقالة من منصبه.
• رفض التخلي عن رتبته العسكرية وخلع البذة العسكرية.
* تفاعلات الأزمة الباكستانية:
ترتبط تفاعلات الأزمة الباكستانية بالبيئة السياسية الداخلية والخارجية الباكستانية، وتشير التطورات الجارية على المسرح السياسي الباكستاني الداخلي والخارجي إلى الآتي:
* بالنسبة للبيئة السياسية الداخلية:
* عزز الجنرال مشرف سيطرته على السلطة.
* أعلنت بنازير بوتو رفضها الدخول في أي تحالف مع الجنرال مشرف.
* تزايدت المعارضة الشعبية لنظام الرئيس مشرف في المدن الباكستانية.
* سيطرت المليشيا القبلية المسلحة على مناطق القبائل.
* تزايد نفوذ تحالف ثلاثي: تنظيم القاعدة – حركة طالبان – أمراء القبائل الباكستانية.
* بدأت بوادر تحالف جديد يضم الحركات الإسلامية المسلحة الموجودة في منطقة كشمير، مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان وأمراء القبائل.
* بدأت بوادر نشاط جماعتي "عسكر طيبة" و"جماعة الجهاد" الأصوليتين الناشطتين في وسط باكستان وتحديداً في المدن الباكستانية الكبيرة مثل العاصمة السياسية إسلام آباد وكراتشي ولاهور.
* الجيش الباكستاني ما زال مؤيداً لقائده الجنرال برويز مشرف.
* بالنسبة للبيئة الخارجية:
* أصبحت المخاوف تسيطر على الهند وأفغانستان المتحالفة مع أمريكا.
* تزايدت التحركات الأمريكية – الإسرائيلية، الهادفة إلى استغلال حالة الفوضى الجارية حالياً في باكستان من أجل القضاء على الترسانة النووية الباكستانية، والقضاء نهائياً على البرنامج النووي الباكستاني.
* التفاعلات الجارية: أزمة الوجود الأمريكي في شبه القارة الهندية:
الوقائع الجارية تمضي في غير مصلحة الوجود الأمريكي في المنطقة، ويقول البعض بأن الوجود الأمريكي هو المسؤول عن حالة السخط والغضب والمعارضة السياسية العارمة ضد الجنرال مشرف، ليس لأنه حاكم متسلط، ولكن لأنه المسؤول عن الوجود الأمريكي في المنطقة.
ويرى المعارضون من خصوم مشرف بأن القضاء على نظام مشرف هو السبيل الوحيد للقضاء على الوجود الأمريكي في المنطقة.
عموماً، نقول المعلومات بأن الأمريكيين يعرفون الحل الصحيح للمشكلة ولكنهم كعادتهم لا يقومون بتطبيق الحل الصحيح إلا بعد اليأس من جدوى نجاح الحلول الأخرى!! وضمن هذا الإطار يرى الأمريكيون بأنهم أرسلوا نيغروبونتي من أجل التوصل إلى حل المشكلة في "إسلام آباد"، ولكن بعد عودته فاشلاً، فإنه يتوجب على الأمريكيين الآن اللجوء إلى حل المشكلة في "واشنطن"، وتقول المعلومات أن حلول واشنطن سوف تركز على الآتي:
• جعل زعماء مناطق القبائل الباكستانية يواجهون خيارين:
* القصف المكثف الأمريكي.
* التعاون مع أمريكا في عملية إخراج عناصر القاعدة وحركة طالبان من مناطق القبائل مقابل تلقي الأموال والدعم العسكري.
• القضاء على نظام الرئيس مشرف، واستبداله بجنرال آخر، يتولى أمر القضاء على المعارضة المدنية الإسلامية الباكستانية.
• القضاء في أقرب فرصة على ترسانة الأسلحة النووية الباكستانية والتي يبلغ حجمها حوالي 50 رأساً حربياً نووياً.
• ترتيب تسوية باكستانية – هندية حول إقليم كشمير على النحو الذي يجعل الجيش الباكستاني متفرغاً لمواجهة المليشيات المسلحة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد