وفد الجامعة العربية لترقيع الأزمة اللبنانية
الجمل: وصل وفد الجامعة العربية المعني بحل الأزمة اللبنانية الحالية إلى العاصمة اللبنانية بيروت وقد نجح الوفد في عقد اجتماعات ولقاءات سريعة مع أطراف الأزمة، أعلنت بعدها الحكومة اللبنانية على لسان وزير الإعلام غازي العريضي إلغاء الحكومة لقرار إزالة شبكة اتصالات حزب الله والإبقاء على العميد وفيق شقير في منصب المسؤول عن أمن مطار بيروت، وبعدها انطلقت رصاصات الفرح في سماء الضاحية الجنوبية معقل حزب الله، فهل حُلّت الأزمة اللبنانية أم أن هناك جولة أخرى جديدة قادمة؟
* وفد الجامعة العربية ومخاطر "إعادة توجيه" الأزمة اللبنانية:
باستعراض المواقف المتباينة التي ظهرت داخل مداولات اجتماع وزراء الخارجية العرب المعني بحل الأزمة اللبنانية يتبين لنا بكل وضوح أن الغالبية العظمى من الوزراء العرب والحكومات العربية ما تزال غير قادرة على إدراك وتشخيص الأزمة اللبنانية وبدلاً من التريث و"حسن الإنصات" لمعرفة جذور وطبيعة الأزمة الدائرة حالياً، اندفع الوزراء العرب ووفد الجامعة نحو استراتيجية "حرق المراحل" باتجاه التوصل إلى حل سريع للأزمة، وكأن الأمر "مشاجرة عشائرية" يمكن إنهاؤها بمجرد لقاء مندوبي زعماء العشائر.
الأزمة اللبنانية تدور بين طرفين، أحدهما يتبنى خيار الاستقلال والمقاومة وعدم التبعية لأمريكا والغرب ورفض المشروع الإسرائيلي، والآخر يتبنى خيار التبعية لأمريكا والقبول بالمشروع الإسرائيلي وعدم المقاومة، وتطورت تداعيات الأزمة اللبنانية وتطوراتها حتى وصلت إلى نقطة الذروة 9 أيار التي تؤرخ للحظة فاصلة في تاريخ لبنان السياسي المعاصر، تتضمن: سقوط وانهيار قوى 14 آذار المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً، وصعود قوى 8 آذار الرافضة لمشروع إلحاق لبنان بالتبعية الأمريكية والمشروع الإسرائيلي.
من أساسيات مهام الجامعة العربية ووظائفها الجوهرية حماية البلدان العربية من التدخل الاستعماري الغربي وعدم الانخراط والدخول في تحالفات تخدم المصالح الغربية والإسرائيلية.
واقع الأزمة اللبنانية يقول بصعود القوى الوطنية وانهيار قوى التبعية والتحالف مع المصالح الغربية والإسرائيلية فهل سيعمل وفد الجامعة العربية من أجل "إنقاذ" قوى التبعية الغربية وحلفاء أمريكا وإسرائيل من شبح الانهيار وإعادة الروح لهم عن طريق دعم حكومة السنيورة بما يؤدي مرة أخرى إلى عودة اليهودي الأمريكي ديفيد وولش "رئيس أركان الأزمة" والحفاظ على ماء وجه وليد جنبلاط "نائب رئيس الأركان - إدارة" وسعد الحريري " نائب رئيس الأركان - إمداد" وسمير جعجع " نائب رئيس الأركان - عمليات" و"المساعد أول – إدارة" فؤاد السنيورة المكلف بإنجاز المعاملات في السراي الكبير!!
* لقاء الدوحة المتوقع: لعبة تعارض الأهداف وإعادة إنتاج زخم الأزمة:
استقبل زعماء قوى 14 آذار وفد الجامعة العربية كما تستقبل أم العروس الشاب القادم، بعد طول انتظار لإنقاذ ابنتها من شبح العنوسة، وتماماً مثلما تفعل أم العروس فقد امتزجت ردود أفعال قوى 14 آذار بالفرح والعجلة خوفاً من أن يهرب العريس إذا علم بـ"الحقائق المخبأة" وعلى عجل وافق زعماء 14 آذار على إلغاء القرارين حتى لا تلجأ الجامعة العربية إلى تكوين لجنة تنبثق عنها لجنة على النحو الذي يؤدي إلى الكشف عن الملفات الفضائحية كملف إمدادات الأسلحة الإسرائيلية وملف الاتصالات مع الموساد الإسرائيلي وملف لقاء سمير جعجع بتسيبي ليفني السري ومساعدة الموساد في الكشف عن هوية عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله إضافة لملفات أخرى خاصة بأصحاب السمو من الشيوخ والأمراء.
تشير التوقعات إلى أن زعماء قوى 14 آذار بدأوا مشاوراتهم مع حلفائهم الغربيين بشأن التفاهم حول ما يطلق عليه خبراء المفاوضات تسمية "السلة المتكاملة" وبكلمات أخرى، هي السلة المتكاملة والإطار التفاوضي الذي يركز على:
• تحديد المبادئ وخطوط التفاوض الأساسية.
• التسوية القائمة على التنازلات المتبادلة وفقاً لمبدأ مقايضة هذه بتلك.
استقوى زعماء 14 آذار بأمريكا وإسرائيل والغرب وظلوا يعرقلون كل المبادرات والآن إضافة إلى استقوائهم بالغرب سيسعون إلى الاستقواء بالأطراف العربية الخليجية وطالما أن هناك تفاهم أمريكي – سعودي – خليجي حول أجندة وبنود السياسات الخارجية فعلى الأغلب أن يكون "رئيس الأركان" في قوى 14 آذار اليهودي الأمريكي ديفيد وولش قد بدأ تنسيق تفاهماته وتحركاته في وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي والبنتاغون ووكالة المخابرات المركزية من أجل:
• وضع التصور الجديد الخاص بالأزمة اللبنانية في المرحلة القادمة.
• التحديد والتوافق على قواعد اللعبة الجديدة التي ستلتزم بتطبيقها "هيئة أركان الأزمة" اللبنانية التي يتولى رئاستها.
تصريحات جورج بوش وإيهود أولمرت التي انطلقت من تل أبيب هذه المرة دعماً لفؤاد السنيورة هي تصريحات تم إعدادها بعناية لأنها ركزت على رفع معنويات "المساعد أول - إدارة" وتجاهلت أي إشارة لـ"نواب الأركان"، وما كان لافتاً للنظر أن تصريحات بوش – أولمرت جاءت بعد تصريح اليهودي الأمريكي – الليكودي المتطرف: إبليوت إبراهام نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي والمسؤول عن شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي وقد أكد إبراهام بأن أمريكا ستعمل من أجل التصدي للأزمة اللبنانية مطالباً حلفاء أمريكا العرب بالتصدي لمشكلة وجود حزب الله في الساحة اللبنانية.
اجتماع الدوحة المتوقع سيركز بالتأكيد على جمع طرفي الأزمة: قوى 8 آذار وقوى 14 آذار بحضور حلفاء أمريكا الخليجيين وأمين عام الجامعة العربية وسيحاول حلفاء أمريكا استخدام الحوافز التي ستمثل "الجزرة" باعتبارها السبيل الوحيد لتفادي "العصا" الغليظة الإسرائيلية – الأمريكية.
لعبة تعارض الأهداف قد تأتي هذه المرة بواسطة أمين عام الجامعة العربية وحلفاء أمريكا الراعين للاجتماع، وعلى الأغلب أن تركز قواعد اللعبة الجديدة واللاعبين الجدد على ملف "التمسك بشرعية حكومة السنيورة" و"تنفيذ القرارات الدولية
والتصويت الفوري لانتخاب المرشح الرئاسي التوافقي وغير ذلك مما يؤدي إلى برمجة عملية إفشال الاجتماع وقيام الجامعة العربية والأطراف الراعية للاجتماع بالقول أمام الرأي العام اللبناني والعربي والعالمي بأن قوى 8 آذار هي المسؤولة عن إفشال الاجتماع والتوافق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد