إعلان الحكومة اللبنانية.. خلال ساعات
إذا صحت تقديرات الرؤساء الثلاثة في لبنان وبعض المتابعين بدقة للاتصالات السياسية، فإن اللبنانيين سيكونون، مساء اليوم، أو غداً، على أبعد تقدير، أمام توليفة حكومية من ثلاثين وزيراً، تم حسم توزيع الحقائب فيها بين الموالاة والمعارضة بصورة نهائية، كما تم الدخول وللمرة الأولى منذ خمسة أسابيع في أسماء الوزراء، بمن في ذلك وزير الداخلية الماروني المحامي زياد بارود الذي سماه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ونال موافقة أولية عليه من معظم قوى الموالاة والمعارضة، على أن يتم تثبيت هذه الموافقات نهائياً صباح اليوم.
وقد لعبت مجموعة عوامل دوراً بارزاً في قرار تأليف الحكومة، أبرزها الدخول القطري المباشر، الذي جعل الصعب سهلاً، خاصة في الملعب العوني، وذلك بموافقة العماد ميشال عون، على الاقتراح الذي أطلقه »حزب الله« قبل أقل من أسبوعين، لجهة الدعوة إلى إسناد نيابة رئاسة الحكومة ووزارات الشؤون الاجتماعية والاتصالات والطاقة والزراعة الى ممثلي »تكتل التغيير والإصلاح«.
وقد خاض القطريون جولات من المشاورات، سواء من خلال هاتف رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم أو موفده الشيخ جبر بن يوسف، فيما كانت تبرز قوة دفع سعودية وسورية وأميركية تم التعبير عنها بأشكال مختلفة، أبرزها قرار السفير السعودي عبد العزيز خوجة بعدم العودة الى بيروت إلاّ بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة (يعود غداً على أبعد تقدير). كذلك سعى السوريون وبتدخل مباشر من الرئيس بشار الأسد مع حلفائه لأجل تسريع التأليف...
وهكذا أثمرت هذه العوامل، وغيرها، تنازلات عن وزارات كانت مصنفة في خانة »المحرمات«، وأبرزها العدلية التي عرضت على المعارضة في الأيام الأخيرة قبل أن تستقر الصورة على الاتصالات التي قرر العماد عون، على ما يبدو، إسنادها الى المهندس جبران باسيل بدل الطاقة التي ستسند إلى ممثل حزب الطاشناق آلان طابوريان.
ووفق معلومات المتابعين، فإن العماد عون أعطى جوابه النهائي ليل أمس الى رئيس الحكومة، الذي قرر تلبية دعوة العماد عون، الى مأدبة غداء تقام على شرفه، ظهر اليوم، في الرابية، ينتقل بعدها الى القصر الجمهوري من أجل الاتفاق مع رئيس الجمهورية على التوليفة الحكومية بصيغتها النهائية، فإذا سارت الأمور كما هو مقرر لها، ومن دون عراقيل، فإن الحكومة، ستعلن إما مساء اليوم، أو صباح غد، على أن تلتقط الصورة التذكارية فور الإعلان مباشرة، لتجتمع الحكومة وتشكل لجنة لإعداد البيان الوزاري.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع إن صيغة البيان الوزاري ستكون شبيهة بصيغة البيان الحالي (بما فيها حق المقاومة في تحرير الأرض)، مع تعديلات طفيفة لجهة التأكيد على احترام القرارات الدولية وخاصة القرار ١٧٠١ والمطالبة بوضع مزارع شبعا تحت الوصاية الدولية والتشديد على استئناف الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية فور إنجاز قانون الانتخاب، على أن يتم التأكيد أيضاً على مقررات الحوار الوطني ومضمون اتفاق الدوحة والعلاقات اللبنانية السورية.
ولاحظت الأوساط نفسها أن الخطاب الأخير للأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله، قطع الطريق على أية محاولة من أجل افتعال مشكلة حول البيان الوزاري، وأعاد بالتالي تثبيت مضمون البيان الوزاري الحالي بانفتاحه على مناقشة الاستراتيجية الدفاعية في ضوء المعادلة المثلثة الأضلاع (الاعتداءات والتهديدات والأطماع الإسرائيلية)...
وفيما توقع رئيسا المجلس النيابي والحكومة ان تعلن الحكومة اليوم، قالت أوساط مقربة من الرئيس بري أن جلسة مناقشة البيان الوزاري ستعقد في الأسبوع المقبل، وفي الوقت نفسه، ستواصل لجنة الإدارة والعدل مناقشة سلة الإصلاحات الواجب إدخالها على القانون الانتخابي وسيصار الى تحويل اقتراح القانون المعجل المكرر الوارد من »تكتل التغيير« والنائب أمين شري الى الهيئة العامة خلال عشرة ايام على أبعد تقدير.
وعلمت »السفير« أن رئيس الجمهورية طلب من الدوائر المختصة في القصر الجمهوري الاستعداد لعقد مؤتمر الحوار بدءاً من الثلث الأخير من هذا الشهر في القصر الجمهوري، حيث سيدعى إليه أطراف طاولة الحوار وبينهم الرئيس بري، الذي سيجلس كطرف، بينما يتولى سليمان إدارة الحوار بمعاونة فريق أكاديمي سياسي تم اختياره ويضم عدداً من المختصين في القضايا التي ستوضع على طاولة الحوار (بدأ تجهيز الملفات أيضاً).
كما علم أن رئيس الجمهورية يستعد للقيام بجولة عربية قد يستهلها من قطر، التي لعبت دوراً في صياغة التسوية الداخلية الحالية، على أن تشمل دولاً أخرى بينها السعودية والإمارات ومصر وسوريا، علماً أنه سيلتقي نظيره السوري بشار الأسد في العاصمة الفرنسية في نهاية الأسبوع المقبل على هامش القمة المتوسطية.
ومن المتوقع أن يفتح تشكيل الحكومة الأبواب جدياً أمام لقاء هو الأول من نوعه بين السيد نصر الله والنائب سعد الحريري، منذ »حرب تموز« عام ألفين وستة، علماً أن النائب الحريري تلقى دعوة رسمية لزيارة طهران ووعد السفير الإيراني في بيروت بتلبيتها في الوقت المناسب.
يذكر أن التشكيلة الحكومية التي نشرتها »السفير«، أمس، لم تطرأ عليها سوى تعديلات طفيفة.
وعلم ان اسم الوزير السني السادس قد بات من المرجح ان يكون لصالح الدكتور زهير مكداشي (خبير في شؤون الانظمة المالية والمصرفية واستاذ في جامعة لوزان في سويسرا وصاحب مؤلفات اقتصادية عديدة) الذي سيتولى وزارة الدولة للشؤون المالية، فيما تسند للوزير غازي يوسف وزارة دولة من دون حقيبة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد