ثلث جنود “إسرائيل” المشاركين في عدوان تموز ما زالوا تحت الصدمة
طغت تطورات التحقيق البوليسي مع رئيس الوزراء إيهود أولمرت حول قضايا الفساد على المشهدين السياسي والإعلامي في “إسرائيل” على حساب الذكرى السنوية الثانية للعدوان “الإسرائيلي” على لبنان في يوليو/تموز التي صادفت يوم أمس.
وكشفت القناة العبرية العاشرة، أمس، أن ثلث الجنود “الإسرائيليين” ممن شاركوا في العدوان على لبنان قد أصيبوا بعوارض ما يعرف ب “الكرب ما بعد الصدمة” ونوهت إلى استمرار عملية تأهيل الجنود ومحاولات إشفائهم نفسيا. وكشفت القناة العاشرة أن الجنود المصابين بالصدمة يواجهون شروطا حياتية قاسية حتى اليوم بدءا من الأرق والتوتر الدائم والبكاء والانطوائية. ويرى معلقون أن غياب الذكرى عن المشهد “الإسرائيلي” يعكس الرغبة “الإسرائيلية” في محو تلك الفترة من الذاكرة الجماعية.
ويرى أولمرت في تصريحات لصحف عربية محلية أن الهدوء المتواصل و”غير المعهود” من قبل على الحدود الشمالية يشكل إنجازاً مهماً للحرب، رغم أن ذلك لم يكن من الأهداف المعلنة للعدوان. في المقابل حذرت أوساط غير رسمية من مخاطر عودة حزب الله لسابق قوته في جنوب لبنان بما يفوق ما كان عليه قبل العدوان. واعتبر د. درور زئيف المختص بتاريخ الشرق الأوسط في مقال نشر ضمن موقع إذاعة الجيش، أن “إسرائيل” لم تفقد قوة ردعها حتى بعد حرب لبنان، لكنه شدد على أنها أوضحت لها محدودية استخدام القوة”.
وفي الناحية العسكرية يرى قائد هيئة الأركان في الجيش جابي اشكنازي في تصريح يبدو دعائيا تعبويا أن “إسرائيل” ستنتصر في الحرب المقبلة رغم عدم استكمالها استيعاب دروس الماضي والتدريبات العسكرية.
وفي تقرير قال أليكس فيشمان المعلق العسكري في “يديعوت أحرونوت” إن الجيش ينكب على استيعاب مئات العبر والدروس من الحرب لكن قائده اشكنازي يفضل التمحور في عشرة مواضيع، ويعزو لثلاثة منها خطورة خاصة هي مواجهة أزمة الثقة لدى المجتمع “الإسرائيلي” تجاه الجيش، واستكمال النواقص المهنية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ما يفسر قيامه بتعيين 13 جنرالا في غضون عام ونصف العام.
وبحسب فيشمان فإن التغيير الأهم من ناحية “ترميم الثقة” بعد الحرب قد حصل لدى الاحتياط فيما تمت عملية هيكلة الجيش النظامي من جديد كقوة عسكرية تستعد لحرب تقليدية لا لمكافحة “الإرهاب” ورعاية الأمن الجاري فقط وليس العكس.
وأكد الكاتب البارز مائير شيلو في “يديعوت” أن الحرب التي قيض لها أن تنزع سلاح حزب الله وتحطمه قد منيت بفشل ذريع لافتا إلى نجاح المقاومة بزيادة تسليح وانتشار رجالها في الجنوب. ويوضح أنه مر عامان على تلك الحرب و”إسرائيل” تستعد لاستعادة الجنديين الأسيرين بالمفاوضات (غير المباشرة والتبادل)، بعدما شنت عملية “عسكرية” واسعة بهدف استعادتهما. ويضيف “مر عامان والجيش ما زال منشغلا بالحواجز وعمليات الاغتيال وخدمة المستوطنات رغم كل استخلاصات الدروس والتدريبات”.
ويرى نحيك نبوت نائب رئيس الموساد سابقا أن “إسرائيل” ارتكبت خطأ حينما سمّت عدوانها على لبنان حربا، منوها إلى أنها عملية أو حملة توخت الدفاع عن النفس وردا على “الوعد الصادق”، وأن كلا الطرفين فوجئا منها ومن نتائجها.
ويوضح أن اعتبار حدث ناجم عن استفزاز حزب الله ورد “إسرائيلي” مفرط حربا يعكس عطبا في مستوى الفهم لا خللا لغويا فحسب ويقول إن ذلك يسلب “الحملة العسكرية” إنجازاتها ويربطها بحرب لبنان الأولى والفاشلة.
وبحسب المسؤول السابق كشفت الحرب على لبنان لأول مرة حجم القوات والعتاد المتوفرة بيد منظمة “متطرفة” مثلما ألقت الضوء على دلالتها التي تهدد الأنظمة الحاكمة. كما يعتبر أن الحرب قد كشفت أن العالم العربي في الدائرة الضيقة والعالم الغربي بالدائرة الأوسع يشهدان حرب حضارات وحربا دينية، ويضيف أنه قد تشكلت مصلحة مشتركة ولو جزئيا بين “إسرائيل” والعالم الغربي تتمثل بضرورة ضد الإسلام “المتطرف” بقيادة إيران.
كذلك يرى أن نتائج الحرب خاصة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب لجانب قوات أممية من شأنه توفير الفرصة لعملية “إشفاء” عربية وغربية للبنان. ويضيف كشفت المعركة لقاء مصالح غير مسبوق في تاريخ الصراع ومن ضمن ذلك طرح مبادرات عربية للسلام وإنجازها.
ويقترح الكاتب على “إسرائيل” التعاون مع مبادرة السلام العربية من خلال التعاون معها وبث الروح بها.
وديع عواودة
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد