ما هي مصلحة واشنطن في إشعال منطقة شبه القارة الهندية
الجمل: أصبح الوضع في شبه القارة الهندية يهدد بالانزلاق نحو مرحلة جديدة بسبب تزايد وتائر الأداء السلوكي الأمريكي الهادف إلى تصعيد الأوضاع باتجاه المزيد من التسخين المتزامن على الساحتين الأفغانية والباكستانية وتشير المعلومات والتقارير الإخبارية إلى أن الديمقراطيين بقيادة المرشح أوباما والجمهوريين بقيادة جون ماكين يطالبون إدارة بوش بضرورة حشد وتعبئة المزيد من القوات بما يؤدي إلى إشعال منطقة شبه القارة الهندية.
* ماذا تقول الوقائع الجديدة وإشاراتها؟
تقول المعلومات الواردة بأن حركة طالبان قد انقسمت إلى جناحين أحدهما متشدد يطالب بتصعيد الصراع ضد الوجود العسكري – الأمريكي – الغربي وحكومة كرازاي إضافةً إلى ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق مع المليشيات الإسلامية المتشددة المنتشرة على طول المنطقة الممتدة من دول آسيا الوسطى الخمسة وحتى شمال الهند التي يبلغ عددها حوالي 250 فصيل مسلح. الآخر، يتمثل في حركة طالبان الباكستانية التي تكونت مؤخراً في منطقة القبائل التي تعمل بشكل موازي مع حركة طالبان الأفغانية الأم التي يتزعمها الملا محمد عمر، والفرق بين الحركتين يتمثل في أن طالبان الأفغانية ضد الولايات المتحدة والناتو وحلفائهما ونظام كرزاي ، أما طالبان الباكستانية فتقاتل ضد الولايات المتحدة والناتو وحلفائهما ونظام برويز مشرف ولاحقاً انقسمت حركة طالبان الباكستانية إلى جناحين هما: حركة طريق طالبان الباكستاني، وحركة طريق طالبان الجهادي.
الانقسام في الحركة أخذ طابعاً جهوياً إثنو-ثقافياً، فسكان مناطق القبائل الواقعة باتجاه الشمال تؤيد حركة طريق طالبان الباكستاني، وسكان منطقة وزيرستان الواقعة إلى الجنوب يؤيدون طريق طالبان الجهادي. وعلى الصعيد الميداني، تقول التسريبات بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بإجراء بعض الترتيبات للشروع في تمديد أنابيب النفط والغاز من تركمانستان وتمريره عبر مناطق غرب أفغانستان الهادئة نسبياً، وصولاً إلى إقليم بلوشستان الباكستاني الذي استطاعت أمريكا بالتعاون مع إسلام آباد استقطاب زعماءه إلى جانب الجهود الأمريكية التي تسعى لاستخدام بلوشستان الباكستانية كنقطة انطلاق لاستهداف إيران عبر إقليم بلوشستان الإيراني السني.
* جهاز المخابرات الباكستانية والدور المرعب القادم:
تقول التسريبات الأخيرة بأن جهاز المخابرات الباكستاني (isi) الذي اشتهر بدوره الأخطبوطي في مناطق شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى ومناطق الخليج العربي والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، قد أصبح حالياً على وشك التحول إلى "دولة داخل الدولة" وذلك على خلفية المواقف الأخيرة التي أكدت بأن الجهاز قد أصبح على وشك الخروج من قبضة الحكومة الباكستانية والتحول إلى سلطة مخابراتية مستقلة، تماماً مثله مثل المحكمة الدستورية العليا الباكستانية والبرلمان الباكستاني (السلطة التشريعية) ومجلس الوزراء الباكستاني (السلطة التنفيذية). التسريبات الواردة من باكستان تقول بأن الرئيس مشرف لم يعد قادراً على فرض كلمته على جهاز المخابرات بسبب تكتل قادة وعناصر هذا الجهاز وتمسكهم باستقلالية الدور الوظيفي الذي يقوم به، وضرورة فصل الجهاز دستورياً عن السلطة التنفيذية بحيث تقتصر علاقته معها على تزويد أجهزة الدولة بالتقارير والمعلومات مقابل أن تقوم الدولة بدعم ميزانية تمويل الجهاز.
تقول التسريبات والمعلومات بأن الحكومة الباكستانية لم تعد تتمتع بأي وجود فاعل داخل المخابرات وقد تآكل نفوذ الحكومة الباكستانية داخل المخابرات بسبب الصراع المحتدم منذ فترة طويلة بين أنصار وحلفاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأنصار حركة طالبان الباكستانية، وتقول المعلومات بأن الجماعات الأصولية الإسلامية قد نجحت في القيام بعملية التغلغل والاختراق للجهاز وأصبح معظم عناصر فروع ودوائر المخابرات تعمل بالوكالة عن الحركات الإسلامية.
تقول المعلومات بأن جهاز المخابرات الباكستانية قد لعب دوراً كبيراً في إفشال خطة التدخل العسكري الأمريكي في شمال باكستان، إضافةً إلى إفشال محاولات الجنرال مشرف في استخدام الجيش الباكستاني والمخابرات الباكستانية في القضاء على تنظيم القاعدة وحركة طالبان المتمركزة في مناطق القبائل الواقعة على الحدود الباكستانية – الأفغانية.
انفلات جهاز المخابرات الباكستاني من قبضة الحكومة الباكستانية، أصبح في حد ذاته مصدراً كبيراً لانزعاج البيت الأبيض وتقول التسريبات بأن الانفجار الذي سبق أن استهدف السفارة الهندية في باكستان تم تنفيذه بواسطة جهاز المخابرات الباكستانية دون علم الحكومة الباكستانية أو الرئيس مشرف، وتقول المعلومات بأن المخابرات الباكستانية قد دخلت عملياً مرحلة الشراكة مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان، على النحو الذي يمكن القول معه بأن انفجار السفارة في كابول هو من أولى ثمرات هذه الشراكة، وإضافةً لذلك يوجد تعاون وثيق بين عناصر جهاز المخابرات الباكستاني والحركات الإسلامية الناشطة في إقليم كشمير المتنازع عليه مع الهند، وتقول المعلومات بأن جماعة عسكر طيبة الإسلامية وغيرها من الحركات الكشميرية ستقوم خلال الفترات القادمة بتنفيذ المزيد من العمليات داخل الهند، وذلك بما يؤدي إلى إشعال المنطقة وتحريك ملف أزمة كشمير التي تستغلها واشنطن حالياً كورقة لضبط التوازن القائم على أساس اعتبارات فرض الأمر الواقع بين الهند وباكستان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد