الصراع على أفغانستان بين واشنطن وطهران
الجمل: أصبح الموقف في المسرح الأفغاني أكثر تعقيداً بسبب التحركات المتعاكسة حيناً والمنسجمة حيناً آخر وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بدور وتوجهات الأطراف الثالثة الإقليمية والدولية لجهة علاقتها مع القوى الأفغانية وواشنطن.
* ماذا تقول آخر التقارير والتسريبات:
تقول المعلومات أن وزير الخارجية الإيراني مانوشهر متكي قد قام قبل يومين بزيارة مدينة مزار شريف الأفغانية وكان لافتاً للنظر أن الزيارة قد استغرقت يومين كاملين وما كان لافتاً للنظر أيضاً أن واشنطن بدأت بالتعاون مع كابول وإسلام آباد جهود تهدف إلى التفاوض مع من أطلقت عليهم التقارير تسمية "المعتدلين" في حركة طالبان.
* خلفيات التحركات الجديدة في المسرح الأفغاني:
أشارت المعلومات إلى أن التحرك الإيراني في شمال إيران هدفه الأساس هو محاولة إحياء حركة تحالف الشمال المعادية لطالبان التي سبق أن حاربت بقيادة الجنرال عبد الرشيد دوستم إلى جانب القوات الأمريكية ضد حركة طالبان ولكن واشنطن بعد أن أكملت احتلال أفغانستان تخلت عن تحالفها مع حركة تحالف الشمال.
تقول بعض التسريبات أن مساعي طهران إحياء تحالف قوات الشمال هي مساعي تتميز بالآتي:
• المساندة الكبيرة بواسطة روسيا ودول آسيا الوسطى الخمسة (كازاخستان – تركمانستان – أوزبكستان - كيرغيزستان).
• ردع المساعي الأمريكية لشق حركة طالبان.
• ردع المخطط الأمريكي الهادف إلى استدراج الهند عسكرياً لصالح أمريكا في المسرح الأفغاني.
• فرض المزيد من الضغوط على نظام حامد كرزاي الأفغاني.
زيارة الوزير الإيراني متكي إلى مزار شريف جاءت من الناحية المعلنة على خلفية المشاركة في احتفالات عيد النيروز الذي يحتفل به الإيرانيون والأكراد والأذربيجانيون والطاجيك باعتباره يمثل رأس السنة الفارسية الجديدة ولكن الزيارة من الناحية غير المعلنة كان هدفها توجيه الرسالة الآتية إلى إدارة أوباما وحلفائها الغربيين:
• إن إيران تتمتع بوجود حلفاء في أفغانستان وتحديداً شعوب الشمال الأفغاني.
• إن إحياء حركة طالبان الأفغانية هو أمر مرفوض إيرانياً وروسياً ومن قبل دول آسيا الوسطى.
• إن إيران تمتلك القدرة على إشعال جبهة جديدة في شمال أفغانستان بما يجعل وضع قوات الناتو والقوات الأمريكية حرجاً للغاية والتي تعاني بالأساس وضعاً حرجاً في جبهة الحرب المشتعلة في جنوب أفغانستان.
• لقد نجحت حركة طالبان في تهديد خطوط إمداد القوات الأمريكية وقوات الناتو المارة عن طريق باكستان والآن من الممكن أن تقوم قوات تحالف الشمال الحليفة لإيران بقطع خطوط الإمداد البديلة القادمة عبر دول آسيا الوسطى وشمال أفغانستان.
• إن دخول إيران على خط مزار الشريف - تحالف قوات الشمال سيكون رداً على مساعي واشنطن لإدخال بعض الأطراف العربية الوهابية – السلفية في مساعي المفاوضات التي تسعى واشنطن لإجرائها مع عناصر المعتدلين في حركة طالبان والذين بالأساس من ذوي الأصول الوهابية – السلفية.
تشير بعض التحليلات إلى أن مخطط إشعال المواجهة الأفغانية – الأفغانية الذي تسعى أمريكا وحلف الناتو لتطبيقه يتضمن دفع قبائل شمال أفغانستان (الطاجيك – الأوزبك – التركمان - الهزار) إلى الدخول في مواجهة ضد قبائل جنوب أفغانستان والذين يتمثلون بالباشتون والبالوش، وهذا معناه تقسيم أفغانستان على أساس الخطوط الإثنية والعنف السياسي الإثنو – طائفي إلى شمال وجنوب يحاربان بعضهما، وبكلمات أخرى، يمكن أن نطلق على هذا السيناريو تسمية سيناريو حرب قندهار (عاصمة الجنوب الباشتوني) ضد مزار شريف عاصمة الشمال الطاجيكي الأوزبكي، أما محور كابول – واشنطن فسيقوم في حال حدوث هذا السيناريو بدور المتفرج الذي ينظر إلى أعداءه وهم يقتلون بعضهم البعض.
* ما هي الأبعاد الإضافية للتحرك الدبلوماسي الإيراني؟
تنخرط القوات التركية حالياً في العمليات العسكرية التي يقوم بها حلف الناتو والقوات الأمريكية في أفغانستان ضد مناطق الجنوب الأفغاني التي تقطنها قبائل الباشتون ذات الأصول الباكستانية والهندية، ولكن في حالة اندلاع الصراع في شمال أفغانستان فإن من الصعب على القوات الأمريكية المشاركة في القتال ضد قوات التحالف التي تضم قبائل الأوزبيك والطاجيك والتركمان، والتي تمثل امتداد إثنو-ثقافي تركي في آسيا الوسطى، إضافة إلى القبائل باعتبارها تمثل شعوب تركستان الشرقية والتي هي أحد المكونات الرئيسية لمفهوم الأمة التركية بشقيها الغربي الذي تمثله تركيا والشرقي الذي تمثله بلدان آسيا الوسطى وشمال أفغانستان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد