خامنئي لا يمانع فرزاً جديداً ...وإعادة الانتخابات غير مستبعدة
تقدم مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي، ومجلس صيانة الدستور في ايران، خطوة اضافية نحو محاولة استيعاب الاضطرابات الشعبية التي تلت إعلان فوز الرئيس محمود احمدي نجاد بولاية ثانية امام منافسه الرئيسي مير حسين موسوي، مع الإعلان عن الموافقة على إعادة فرز بعض صناديق الاقتراع، وحتى عدم استبعاد إعادة الانتخابات.
وقال خامنئي بحسب التلفزيون الرسمي «اذا استدعت دراسة المشاكل إعادة فرز للأصوات في بعض صناديق الاقتراع، فيجب ان يتم ذلك بحضور ممثلين عن المرشحين لكي يتأكد الجميع» من النتائج. وبث التلفزيون صوراً لخامنئي متحدثا الى ممثلي المرشحين الاربعة للرئاسة وهم بالاضافة الى نجاد وموسوي محسن رضائي ومهدي كروبي. وقال ان «معسكري الناخبين كليهما من الشعب الايراني ويؤمنان بالنظام الاسلامي»، معتبراً ان «جو المودة» الذي ساد خلال الحملة الانتخابية «ينبغي الا يتحول الى جو من العداء».
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه لا يوجد فيما يبدو اختلاف يذكر في السياسة بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومنافسه المعارض مير حسين موسوي. وأضاف في مقابلة مع محطة «سي إن بي سي» التلفزيونية أن «الاختلاف بين نجاد وموسوي في ما يتعلق بسياساتهما الفعلية ربما ليس كبيراً مثلما يعلن عنه... وفي أي من الحالين فإننا سنتعامل مع نظام إيراني معاد تاريخياً للولايات المتحدة».
واعلن مجلس صيانة الدستور في وقت انه مستعد لإجراء إعادة فرز جزئية، من دون ان يستبعد «إمكانية إعادة الانتخابات». وفي ما يبدو انه أول تنازل حقيقي من السلطات لحركة الاحتجاج المستمرة، قال المتحدث عباس علي كادخودي، بحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية، ان مجلس صيانة الدستور لا يستبعد «إمكانية إعادة الانتخابات، على خلفية مطالبة موسوي و(مهدي كروبي) بإلغاء الانتخابات، شريطة ان تكون هذه المطالب موثقة قانونيا».
كما اعلن كادخودي ان المجلس، الذي اجتمع مع موسوي وكروبي والمرشح الثالث محسن رضائي، «مستعد لإعادة فرز صناديق الاقتراع المتنازع عليها في وجود ممثلين عن المرشحين»، مشيرا الى انه «من الممكن ان يكون هناك بعض التغييرات في المحصلة». وشدد على ان «احدا لا يمكنه ان يسلب اصوات الشعب»، نافيا «إمكانية التلاعب بما يصل الى 10 ملايين صوت».
وقال علي اكبر محتشمي بور، مساعد موسوي، ان رئيس الوزراء السابق اطلع مجلس صيانة الدستور على 15 مخالفة انتخابية، بينما ذكر مسؤول مقرب من المرشح الإصلاحي انه يرفض اقتراح إعادة فرز أصوات الناخبين، ويصر على إجراء انتخابات جديدة. واضاف ان «المجلس أمر بطباعة 53 مليون بطاقة اقتراع للانتخابات، ولم يستخدم سوى 39 مليون فقط منها، مما يعني أن هناك أربعة عشر مليون صوت لم يتم احتسابهم».
في هذا الوقت، تواصلت حركة الاحتجاج في الشارع الايراني بعدما استفاق الإيرانيون على نبأ مقتل سبعة متظاهرين وإصابة آخرين في نهاية التجمع الحاشد، امس الاول. وذكرت قناة «برس تي في» ان الايرانيين السبعة قتلوا بعدما حاول «قطاع طرق» مهاجمة «موقع عسكري» في وسط طهران، ما يرفع عدد قتلى التظاهر الى ثمانية.
وبعد إعلان مقتل المتظاهرين السبعة، خرج آلاف المحتجين إلى شوارع العاصمة، وهاجموا مقراً لعناصر الباسيج وأزالوا أسلاكا شائكة وأشعلوا النار في مناطق متفرقة من طهران. وفي فترة بعد الظهر، ورغم الحظر الرسمي، قام الآلاف من أنصار موسوي بمسيرة نحو مبنى التلفزيون الحكومي، علما ان المرشح الخاسر دعا أنصاره إلى إلغاء المسيرة «حفاظا على أرواحهم». وتجمع الآلاف في شمالي العاصمة في ساحة وناك.
وفي وقت سابق، احتشد عشرات الآلاف من انصار نجاد في ميدان ولي عصر، الذي كان مؤيدو موسوي يعتزمون التجمع فيه. وبث التلفزيون الرسمي مشاهد من التظاهرة التي تمثل على حد قوله «جميع فئات المجتمع». وأطلق على التظاهرة اسم «مسيرة الوحدة». وطوال التغطية، ناقش محللون دلالات هذا التجمع الذي «سيضع حداً للمؤامرة وانعدام الأمن» وسيحبط «مخططات الأعداء»، وفق مجلس تنسيق الدعاية الاسلامية الذي دعا الى التظاهرة. ويتبع هذا المجلس مباشرة خامنئي وينظم التظاهرات الرسمية.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات التي طالت مشهد واصفهان وشيراز، نفذت اعتقالات في مختلف أنحاء البلاد. وبينما ذكرت وكالة «اسنا» إن نحو 100 شخص اعتقلوا في اضطرابات بالقرب من جامعة في مدينة شيراز الجنوبية، قال مسؤول إصلاحي إن السلطات اعتقلت ليل الاثنين الثلاثاء إصلاحيين بارزين، هم بهزاد نبوي، وسعيد هاجاريان، ومحمد علي ابطحي، وهم المساعدون المقربون من الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، في منازلهم.
وقد اعلن وزير الاستخبارات غلام حسين محسني إجئي، إن الوزارة تلاحق «فئتين» من الناس. واوضح «أرادت فئة تحقيق هدفها من خلال التفجيرات والإرهاب.. وفي ما يتصل بهذا، جرى اعتقال 50 شخصا وجرى اكتشاف أكثر من 20 عبوة ناسفة.. كانوا مدعومين من خارج البلاد». وتابع أن «الفئة الثانية كانت تتألف من جماعات معادية للثورة، اندست إلى المقر الانتخابي (للمرشحين) واعتقل نحو 26 من هذه العناصر».
وذكر التلفزيون الإيراني ان «عناصر رئيسية» في الاضطرابات اعتقلت ووجدت بحوزتها متفجرات وبنادق. بينما أعلن قائد قوات الشرطة في اصفهان العميد حميد رضا صدر السادات، ان الشرطة «تميز بين الغوغائيين وعامة أبناء الشعب»، مؤكدا أن «الشرطة وقوى الأمن ستتصدى للغوغائيين بحزم».
وفي موازاة حملة الاعتقالات، حظرت السلطات الايرانية على الصحافة الأجنبية، تغطية التظاهرات «غير القانونية التي تجري من دون ترخيص من وزارة الداخلية او المشاركة فيها». وهذا التوضيح من وزارة الثقافة يعني انه لا يحظر على الصحافيين الأجانب تغطية التظاهرات فحسب، بل لا يمكنهم كذلك العمل خارج مكاتبهم.
وكان رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني انتقد مهاجمة ميليشيا الباسيج لجامعة طهران يوم الأحد الماضي. وقال «ما الذي يعنيه تعرض الطلبة في السكن الجامعي للهجوم في منتصف الليل؟.. وزارة الداخلية مسؤولة عن هذا وينبغي ان تحاسب عليه». وقال ان «الأحداث التي تشهدها البلاد حاليا تتطلب التعامل معها بقدر من المسؤولية»، داعياً المعترضين الى التحرك «وفقاً للإطار القانوني». وأكد أنه أمر بإجراء تحقيق بشأن الحوادث في طهران.
كما اعتبر لاريجاني ان «مواقف بعض الدول الغربية تعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد»، مؤكداً ان «المواقف المتسرعة وغير المتزنة لبعض الدول الأجنبية حيال هذه الأحداث مؤشر على وجود أبعاد أخرى لهذه القضية». واضاف «لا حاجة لأن تشعر اميركا بالقلق حيال ايران وانتخاباتها.. أنتم بحاجة أشد الى الشعور بالقلق إزاء تسوية فضائحكم السياسية والأمنية السابقة في المنطقة.. وكم هو جيد ان تكشفوا الآن عن صورتكم الحقيقية بعد أشهر من ارتدائكم قناع الخداع لشهور مضت.. حيث كان بعض السياسيين البسطاء يعتقدون بصدقكم في رفع شعار التغيير».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد