ثلاثة سيناريوهات متوقعة للأزمة الصومالية
الجمل: تعود الجميع على مشاهدة مناظر البث المباشر للقتال الجاري منذ فترة طويلة وحتى الآن في الصومال، ومن الواضح أن الصراع المسلح الدائر في مقديشو سيترتب عليه العديد من النتائج التي تفيد لجهة انفتاح الأزمة الصومالية باتجاه المزيد من اللايقين والمستقبل المجهول.
* الوضع الميداني: تقديرات الموقف؟
يدور القتال حالياً في العاصمة الصومالية مقديشو بين الطرفين الرئيسيين الآتيين:
• الطرف الأول: يتكون من تحالف إعادة تحرير الصومال الذي يقوده شيخ شريف أحمد – قوات الحكومة الانتقالية الصومالية.
• الطرف الثاني: يتكون من تحالف حركة شباب المجاهدين والحزب الإسلامي الصومالي.
برزت الخلافات في 31 كانون الثاني 2009 عندما تم إجراء صفة سياسية صومالية بإشراف غربي أمريكي ترتب عليها ما يلي:
• انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال وقد انسحبت بالفعل.
• إقالة الحكومة الانتقالية ورئيسها وبالفعل فقد تم ذلك.
• قيام البرلمان الصومالي بانتخاب زعيم لحركة المحاكم الشرعية شيخ شريف أحمد رئيساً للصومال، وبالفعل فقد تم انتخابه.
• إعلان الاتحاد الإفريقي عن مساندته للحكومة الانتقالية الجديدة والتزامه بحمايتها وبالفعل يقوم حالياً حوالي 4200 جندي تابعين لقوات الاتحاد الإفريقي بحماية الحكومة الانتقالية الصومالية وتحديداً القصر ومطار مقديشو وميناء مقديشو.
تقول المعلومات والتسريبات أن قوات تحالف المجاهدين – الحزب الإسلامي استطاعت السيطرة على معظم مناطق العاصمة الصومالية أما قوات تحالف إعادة تحرير الصومال – الحكومة الانتقالية فلم يعد يسيطر سوى على القصر الرئاسي والمطار وطريق المطار إضافة إلى الميناء الرئيسي في العاصمة. وتقول المعلومات بأن هذا الوضع الميداني ظل مستمراً طوال ثلاثة أسابيع. والسبب الذي يمنع قوات تحالف المجاهدين – الحزب الإسلامي من احتلال ما تبقى هو وجود قوات الاتحاد الإفريقي فيها لحمايتها حسب التفويض الممنوح لها من قبل الاتحاد الإفريقي.
* السيناريوهات المتوقعة:
برغم أن الوضع المتأزم في الصومال يصعب التكهن بشكل السيناريوهات المحتملة لتطوراته على المدى الطويل أو المتوسط، إلا أنه من الممكن توقع السيناريوهات الآتية باعتبارها الأكثر احتمالاً على المدى القصير:
• سيناريو انهيار الحكومة الانتقالية الحالية: ويتوقف حدوثه على عدم حصول الحكومة على دعم داخلي أو خارجي إضافة إلى قيام الاتحاد الإفريقي بالتخلي عن حماية أو دعم الحكومة، بما يجعلها في حالة انكشاف كامل في مواجهة الهجوم الرئيسي النهائي بواسطة قوات حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي.
• سيناريو بقاء الحكومة الانتقالية: ويتوقف حصراً على حصولها على الدعم الخارجي والداخلي إضافة إلى امتناع قوات حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي من شن الهجوم النهائي عليها تجنباً للدخول في مواجهة مع الاتحاد الإفريقي وهي المواجهة التي ستدفع الاتحاد الإفريقي إلى معاداة حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي مما قد يدفع بالاتحاد الإفريقي إلى تبني قرار التدخل المباشر في الصومال.
• سيناريو الحسم المؤجل: ويتوقف حدوثه على استمرار الوضع القائم بحيث تستمر سيطرة الحكومة على القصر والمطار وطريق المطار والميناء بفضل دعم قوات الاتحاد الإفريقي وفي الوقت ذاته تستمر سيرة حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي على بقية أرجاء العاصمة والمناطق الأخرى.
إن كل واحد من هذه السيناريوهات الثلاثة يتضمن عدداً من السيناريوهات الفرعية المرتبطة به وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• سيناريو بقاء الحكومة الانتقالية عن طريق الدعم الداخلي والخارجي سيتضمن عواملاً ومشاهداً فرعية منها احتمالات حدوث التدخل العسكري الإثيوبي مرة أخرى إضافة إلى احتمالات زيادة القوات الإفريقية بما يجعلها تصل إلى 8 آلاف عنصر. إضافة إلى احتمالات انضمام المزيد من الأطراف المسلحة الصومالية إلى القتال بجانب الحكومة.
• سيناريو انهيار الحكومة الانتقالية: بفعل الهجوم النهائي سيتضمن عوامل ومشاهد فرعية يمكن أن يتمثل أبرزها في حدوث صفقة تقوم بموجبها الحكومة الانتقالية باتخاذ قرار الانسحاب من مقديشو تحت حماية القوات الإفريقية أو ربما دخول المزيد من الأطراف المسلحة الصومالية في القتال إلى جانب قوات حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي بما يعطي زخماً أكبر وعدم التردد في شن الهجوم النهائي حتى لو أدى ذلك إلى المواجهة ضد قوات الاتحاد الإفريقي.
• سيناريو الحسم المؤجل سيتضمن وجود حكومتين صوماليتين الأولى هي الحكومة الانتقالية الشرعية برئاسة شيخ شريف أحمد والثانية حكومة الأمر الواقع برئاسة حسن ضاهر عويس زعيم تحالف حركة المجاهدين والحزب الإسلامي وستسيطر هذه الحكومة عملياً وميدانياً على الصومال فيما ستسيطر الحكومة الشرعية على القصر والمطار والميناء والعلاقات الدبلوماسية طالما أنها تنال اعتراف الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وعلى ما يبدو فإن حدة القتال الدائر حالياً في العاصمة الصومالية مقديشو ستتزايد وتائرها لعدة أسباب من أبرزها أن ذهاب رئيس الحكومة الانتقالية شيخ شريف أحمد إلى مؤتمر الاتحاد الإفريقي وحصوله على دعم الزعماء الأفارقة إضافة إلى إعلان واشنطن قرار تأييدها لحكومته جعلت تحالف حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي أكثر إدراكاً لاحتمالات الخطر بالفشل والإخفاق إذا تباطأوا في الهجوم النهائي وحسم الموقف لأن التباطؤ معناه وصول الإمدادات والدعم للحكومة الانتقالية ومن ثم نجاحه في كسر الهجوم.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد