لغز السفينة الروسية: قرصنة إسرائيلية وصواريخ للشرق الأوسط؟
ما زال اختفاء سفينة الشحن الروسية «اركتيك سي» في المحيط الاطلسي لمدة اسبوعين في تموز الماضي لغزاً محيراً لم تبدده موسكو التي استعادت السفينة وألقت القبض على القراصنة المفترضين، ما زاد من الروايات التي نسجت حول ما يمكن ان يعتبر اول حادث قرصنة في المياه الأوروبية من قرون، وبينها ما يشير الى تورط اسرائيلي، والى شحنة صواريخ كانت مرسلة او مهربة الى دول عربية او شرق اوسطية، لكنها ضبطت في اللحظة الاخيرة من قبل الاستخبارات الروسية نفسها.
سفينة الشحن الروسية «اركتيك سي» اختفت في شهر تموز الماضي عندما كانت في طريقها لنقل شحنة من الخشب من فنلندا إلى الجزائر. هكذا كان الخبر الاول، الذي تلته اخبار عديدة بعضها يقول إن السفينة خطفت في إطار خلاف تجاري، فيما يقول البعض الآخر إنها كانت تستخدم لنقل المخدرات أو شيء آخر ذي قيمة أكبر وخطورة أعلى.
ووجدت البحرية الروسية السفينة، واحتجز الخاطفون المزعومون في 24 تموز الماضي، كما احتجز قبطان السفينة وطاقمه. أما الآن، فتدفع الرواية الروسية الرسمية التي تترك غموضاً كبيراً حول تفاصيل عديدة بقولها إن السفينة خطفت ببساطة واستردتها القوات الروسية من دون طلقة نارية واحدة.
يوم امس انضمت مجلة «تايم» الأميركية الى الساعين لفك اللغز، ونقلت عن المراقب الاوروبي لأعمال القرصنة والقائد السابق للقوات المسلحة الاستونية، الأميرال تارمو كوتس، قوله إن نقل السفينة لشحنة من الأسلحة هو التفسير الوحيد للتصرفات الروسية الغريبة خلال مراحل عملية الاختطاف والاسترجاع، مضيفاً «كبحار بأعوام من الخبرة، أستطيع أن أقول لكم إن الروايات الرسمية ليست واقعية». وقد سارع المبعوث الروسي لدى حلف شمال الأطلسي ديميتري روغوزين الى نفي هذه الرواية وقال إن على كوتس أن يتوقف عن «إطلاق العنان لفمه».
ولكن، إذا كانت الرواية الروسية الرسمية صحيحة، فلماذا قام الخاطفون باختيار سفينة تنقل ما لا تزيد قيمته عن مليوني دولار، فيما تحمل سفن كثيرة حمولات بقيم أكبر بكثير؟ ولماذا لم ترسل السفينة نداء استغاثة؟ لماذا قام الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بزيارة مفاجئة إلى روسيا غداة إنقاذ السفينة؟ وماذا قصد شقيق أحد الخاطفين ديميتري بارتينيف عندما قال للإذاعة الاستونية إن أخاه وآخرين، تم الإيقاع بهم، «ذهبوا ليجدوا عملاً وانتهوا في وسط نزاع سياسي، وأصبحو الآن رهائن في نوع من اللعبة السياسية؟».
من جهته، يقول محرر الصحيفة البحرية الروسية «سوففراخت» ميخايل فويتينكو لـ«تايم» «تكفي هذه الوقائع البسيطة، من دون أي فرضيات، للإيضاح بأنها لم تكن عملية قرصنة فحسب»، ويضيف «لم أر شيئاً كهذا في حياتي. إنها من أكثر المياه أمناً في العالم. لا تستطيع أن تخبئ سفينة هناك لأسابيع بغياب دور حكومي.» كما يقول فويتينكو وخبراء آخرون، إن شحنة سرية قد تكون خبئت في السفينة خلال توقفها في كالينينغراد للصيانة لمدة اسبوعين.
أما المعلقة السياسية البارزة يوليا لاتينينا، فتقول لـ«تايم» إن «أكثر التفسيرات قبولاً هو أن الإسرائيليين اعترضوا الشحنة التي كانت مرسلة إلى سوريا أو ايران. وسيستخدمون الآن الحادث كبطاقة تفاوضية مع روسيا حول بيعها أسلحة في المنطقة، مع السماح لها بالحفاظ على ماء الوجه».
لكن الموقع الالكتروني لصحيفة «يديعوت احرونوت»، نقل عن «مصادر روسية وأوروبية وشرق أوسطية» لم يذكر اسمها، قولها إن «صفقة ابرمت بين رجال اعمال روس وشرق أوسطيين حول بيع بعض من صواريخ أس-300 الموجودة في مرفأ كالينينغراد الذي تديره القوات البحرية الروسية»، وأن أشخاصاً بارزين في الصناعة العسكرية الروسية متورطون في الصفقة «قاموا بنقل عدد من الصواريخ الجديدة إلى المرفأ لضمها إلى عملية البيع».
وتؤكد مصادر «يديعوت أحرونوت» أن الكرملين لم يكن على علم بهذه الصفقة التي أبرمت مع رجال أعمال من القطاع الخاص. لكن وكالة استخباراتية لم تكشف هويتها بعد «علمت بالصفقة وأعلمت السلطات الروسية بها».
وتضيف المصادر أنه بعد يومين من خروج السفينة من فنلندا حيث حملت الخشب «للتمويه»، توجه زورق آلي وعلى متنه ثمانية أشخاص إلى السفينة وطلبوا العون على أنهم ضاعوا في البحر. حين صعدوا إلى متن السفينة، كما نقلت «يديعوت احرونوت»، عرف الثمانية عن أنفسهم على انهم من الشرطة السويدية واعتقلوا عناصر الطاقم البحري، الذي يؤكد أن الثمانية كانوا يتكلمون الروسية في ما بينهم.
إلى ذلك، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصادر روسية قولها إن «الخاطفين» الذين كانوا في الواقع ضباطاً في الاستخبارات الروسية، بقوا على متن السفينة ونقلوا لمسؤوليهم عثورهم على الصواريخ. وتضيف المصادر إن الفترة الزمنية الطويلة بين العثور على الصواريخ وإرسال روسيا الفرق «لإنقاذ السفينة»، كانت ناتجة عن رغبة الكرملين باحتجاز السفينة بعيدا عن أعين الإعلام، لتجنب أي حادث محرج يؤذي علاقة موسكو بإيران والجزائر، كما بإسرائيل والولايات المتحدة.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد