نجـاد يقتـرح «مجلساً رئاسـياً» يجمعـه بقـادة الدول السـت
أينما كنت في طهران، الحديث هو عن لقاء جنيف اليوم الخميس. من السياسيين الى الصحافيين الى رجل الشارع العادي، الكل يسأل عن اجتماع إيران ومجموعة الدول الست. معظمهم يشتركون في التشكيك في نتيجة اللقاء، لا سيما أن الخطاب الرسمي هنا يحاول التأكيد في كل مناسبة على أن ما سيحكى في سويسرا، غير مرتبط بشكل كلي بالبرنامج النووي، بل بنقاش رزمة المقترحات الإيرانية، التي من المفترض أن تأتي بحلول ناجعة لكل مشاكل العالم.
الكلام الإيراني هذا لا يأتي من فراغ، بل من تأكيدات الدول المعنية، عبر رسائل مباشرة وغير مباشرة، أن رزمة المقترحات جديرة بالبحث، وأن بعض نقاطها أثارت اهتمام من سيجلسون في المقاعد المقابلة لأمين مجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، وفريق مفاوضيه.
وفي هذا الإطار، بدا المشهد السياسي في العاصمة الإيرانية أقرب إلى الترقب، منه إلى التشاؤم أو التفاؤل، لا سيما أن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد مد يده لمجموعة «5+1» عبر الحديث عن اجتماع رئاسي يجمعه بقادة دول المجموعة، وهو ما نظر إليه المراقبون في طهران على أنه يمثل تطورا على صعيد العلاقة المتوترة دوما بين الطرفين. وقد ذكرت وكالة «فارس» أن نجاد اقترح هيكلا منظما للمناقشات مع وجود ثلاث لجان تعالج قضايا مختلفة، و«مجلسا» من رؤساء الدول المعنية كهيئة عليا لاتخاذ القرارات.
وأكدت مصادر متابعة للقاء جنيف، أن لدى المفاوضين الإيرانيين توجيهات برفض الدخول في أي حديث مرتبط بالملف النووي، حتى ولو كان جانبيا، وإبقاء الحديث في الإطار المرسوم له من قبل طهران، هذا إذا ما أراد الخمسة الكبار وألمانيا الحفاظ على شعرة معاوية في العلاقة مع إيران.
وبما أن النووي لن يذكر في جنيف، فالحديث عن منشأة قم سيغيب لفظا. لكن الأجواء التي بثها الكشف عن المنشأة من قبل الإيرانيين، ستسيطر على اللقاءات، وقد تضيف إليها شيئا من التوتر، هذا إذا لم تفجرها. غير ان النجاح المرجو بالنسبة للإيرانيين، سيبقى فتح باب النقاش بينهم وبين المجموعة على أسس جديدة غير النووية، أي على أساس الرزمة المقترحة، لا سيما أن الولايات المتحدة ستشارك في المحادثات عبر وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية وليام بيرنز.
وكانت المواقف في طهران قد شددت بمعظمها على أهمية المحادثات بالنسبة لبعض الدول الأوروبية وأميركا. حتى ان نجاد صورها على أنها «فرصة استثنائية»، وكذلك فرصة «لإصلاح سلوك الإدارة الاميركية في تعاملها مع الشعوب»، مؤكدا استعداد إيران لبحث مختلف القضايا العالمية «عبر مفاوضات بعيدة المدى».
وأشار الرئيس الايراني الى ان «رزمة المقترحات الايرانية أخذت بالاعتبار التحديات، فضلا عن ضرورة تعاون ومساهمة
الجميع في حل هذه التحديات»، مشيرا الى أن اجتماع اليوم يتسم بخصائص مهمة من جوانب عديدة بينها «اختبار مدى مصداقية هذه البلدان ».
وحول النتائج المتوقع أن يخرج بها الاجتماع ، قال الرئيس الإيراني إن ايران تحضر اجتماع الخميس «ببرنامج قوي ومنسجم وحلول منطقية وأعدت نفسها لجميع الظروف». ووصف تصريحات بعض الدول الغربية حول المنشأة النووية الجديدة في قم، التي قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ان ايران أقامتها بشكل مخالف لقانون الوكالة، بأنها «من جملة أخطائهم التاريخية».
وأعلن نجاد ان بلاده ستقترح قيام طرف آخر بتخصيب اليورانيوم على المستوى المطلوب لتغذية مفاعلها النووي للأبحاث في طهران بالوقود. وأوضح «من الموضوعات المطروحة في هذه المفاوضات معرفة كيف نحصل على الوقود لمفاعل طهران.. كما قلت في نيويورك، نحن في حاجة الى اليورانيوم المخصب بنسبة 19,75 في المئة.. وقلنا ذلك ونقترح شراءه من اي جهة تكون على استعداد لأن تبيعه لنا. نحن على استعداد لتقديم اليورانيوم المخصب بنسبة 3,5 في المئة وبإمكانهم زيادة تخصيبه وتسليمه إلينا».
وكان جليلي قد تحدث قبيل سفره إلى جنيف، مؤكدا أن رؤية إيران للمفاوضات «إيجابية ومنطقية وهي مبنية على أساس إستراتيجية طويلة الأمد»، بينما حذر المستشار الإعلامي لنجاد، علي اكبر جوانفكر، من ان بلاده لن تسمح بأن «تسود القوة والنفوذ مفاوضات» جنيف.
وعشية المحادثات، برزت زيارة وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي الى واشنطن، وهي الاولى لمسؤول ايراني من هذا المستوى منذ سنوات، علما ان وزارة الخارجية الاميركية أكدت انه يتواجد في العاصمة الاميركية لزيارة الممثلية الايرانية في سفارة باكستان، وأنه ليس من المقرر ان يلتقي أي مسؤول اميركي، رافضة وصف الحدث بـ«المبادرة» الاميركية، التي تأتي بعد ساعات على سماح طهران لدبلوماسيين سويسريين بلقاء اميركيين محتجزين في ايران.
وقد استبق مسؤول اميركي رفيع المستوى محادثات اليوم الخميس، بالقول في جنيف «ننتظر (من الايرانيين) ان يكونوا مهيئين للتركيز على القضية النووية وأن يظهروا استعدادهم لاتخاذ تدابير بهدف استعادة الثقة المفقودة بالطابع السلمي» لبرنامجهم النووي. وأضاف المسؤول الاميركي «عليهم ان يكونوا اكثر شفافية بكثير مما كانوا عليه وأكثر تعاونا بكثير مما كانوا عليه منذ سنوات عديدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مشيراً إلى ان واشنطن تريد عقد لقاء ثنائي مع جليلي اليوم.
علي هاشم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد