إسـرائيـل: تقليـص الميزانيـة لزيـادة النفقات العسـكريـة
من المقرر أن تبحث الحكومة الإسرائيلية اليوم الخميس، في تقليص الميزانية العامة بحوالي 2 إلى 2,2 مليار شيكل، تقتطع بشكل أفقي من ميزانية كل واحدة من الوزارات. غير أن وزارة الدفاع ستكون الوزارة الوحيدة المستفيدة من هذا التقليص العام، الذي يأتي أساسا لتغطية نفقات إضافية فيها بقيمة 1,5 مليار شيكل.
وتتوقع محافل مختلفة أن يسهم هذا التقليص في إثارة خلافات داخل الائتلاف الحكومي من جهة، وزيادة العبء المفروض على الطبقات الفقيرة من جهة أخرى. ورغم الأحاديث التي سبقت أوانها عن سرعة خروج الاقتصاد الإسرائيلي من الأزمة، فإن الخبراء يقدرون أن إسرائيل بحاجة إلى إقرار تقليص أكبر في ميزانية العام 2010.
وبررت المحافل الحكومية الإسرائيلية التقليص الأولي في الميزانية، بأنه يأتي لتغطية تكاليف الاستعداد لمواجهة انفلونزا الخنازير (حوالي 500 مليون شيكل) ونفقات أمنية إضافية بقيمة 1,5 مليار شيكل. ومن المتوقع أن تتأثر الوزارات ذات الصلة بالخدمات الاجتماعية أكثر من غيرها، نظرا للتقليصات الكثيرة التي أدخلت على ميزانياتها في الأعوام الأخيرة. والوزارات الأشد تضررا من هذا التقليص هي وزارات التعليم، والصحة، والرفاه الاجتماعي. وهذا يعني أن الشرائح الأضعف في المجتمع الإسرائيلي باتت تواجه عبئا إضافيا يتمثل في تقليص الإعانات بعد أن زيد العبء الضريبي.
وكان وزير التعليم جدعون ساعر قد أعلن معارضته لتقليص ميزانية وزارته لأنها «تمس بالشباب، بالرفاه التعليمي، بالنوادي وحركات الشبيبة». وقال متحدث باسم الوزارة ان «التعليم هو الأمن الحقيقي لنا وهو يحتاج اليوم لزيادات موازنة وليس لتقليصات». وأشارت مصادر في الوزارة إلى أنه في الفترة بين عامي 2001 و2010، جرى تقليص ميزانية وزارة التعليم بأكثر من 5 مليارات شيكل. ولا يمكن معرفة أثر التقليص على ميزانية التعليم إلا من قراءة مقياس التنافس الدولي المعروف باسم «جي سي آي»، حيث تراجعت مكانة إسرائيل من الموقع 25 في العام 2007، إلى الموقع 98 هذا العام. كما أن مستوى الثقافة تراجع أيضا في إسرائيل من الموقع 31 إلى الموقع 103. ولا يقل أهمية عن ذلك أن نوعية التعليم للإدارة والأعمال تراجعت في إسرائيل من الموقع 15 إلى الموقع 65.
ويمس التقليص المنوي إقراره اليوم، عددا من الاتفاقيات التي أبرمت مع أعضاء في الائتلاف الحكومي. وبين هذه الاتفاقيات ما يمس تمويل المدارس الدينية بحوالي 314 مليون شيكل، مما يثير غضب حركتي «شاس» و«يهدوت هتوراة». كما أنه يمس تعهدات لحزب العمل بحوالي 200 مليون شيكل وتعهدات لـ«إسرائيل بيتنا» بحوالي 70 مليون شيكل. ومنذ الإعلان عن نية التقليص، والعديد من قيادة الأحزاب الحريدية وحزب العمل يعلنون أنهم يرون في ذلك نقضا للتعهدات وانتهاكا للاتفاقيات.
غير أن الغضب من التقليص ليس حكرا على الأوساط السياسية، بل تعداها إلى الأوساط الاقتصادية. إذ يرى بعض هؤلاء أن التقليص يمس بالتوظيفات التي تمت في الأحياء الفقيرة. وأعلن رئيس مكتب تنسيق المنظمات الاقتصادية، شرغا بروش، أن «وزارة المالية في طريقها لاقتراف خطأ جسيم. فالتقليص يتعارض مع تفاهمات تحققت فقط قبل ثلاثة شهور. وهذا هو السبيل لإعادة إدارة السياسة الاقتصادية نحو الحوار بالمواجهات والصراعات وليس بالاتفاق».
وجاءت الحملة الأشد على التقليص من أعضاء الكنيست من حزب العمل ومن حزب «ميرتس». وقال حاييم أورن من «ميرتس» أنه «بعد أن تفاخر وزير المالية بإقرار ميزانية لعامين، تختار الحكومة الأكبر والأقل قدرة سلم أولويات هو الأسوأ عن طريق التقليص الأفقي. وبسرعة كبيرة، تبينت خدعة عدم زيادة ميزانية الدفاع عن طريق المساس بالدعم الخاص للشرائح الضعيفة في المدن الضعيفة».
أما شيلي يحيموفيتش، من حزب العمل، فقالت ان رئيس الوزراء بنيامين «نتنياهو ركب موجة انفلونزا الخنازير وهو يوجه ميزانيات هائلة للمؤسسة العسكرية على حساب الميزانيات الاجتماعية. فالأخطار على إسرائيل، التي تشكل ذريعة التقليص، يجب أن تغطى من ميزانية الدفاع الهائلة نفسها، وليس من الميزانيات الاجتماعية الضعيفة».
وفي كل الأحوال، فإن تقليص الميزانية بعد أقل من ثلاثة شهور على إقرارها في الكنيست، يشير بوضوح إلى مصاعب تواجه الحكومة في تمويل بعض نفقاتها. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية عجزت عن إيجاد موارد إضافية لتغطية نفقات أمنية، بينها استعدادات لمواجهة الخطر الإيراني. ويقدر خبراء في الاقتصاد أن العيب في ميزانية إسرائيل كان معروفا أساسا من خلال اضطرار الحكومة للقبول بميزانية تحتوي على نسبة عجز تزيد ست مرات عن ما كان معهودا في الماضي.
وكانت جهات أمنية إسرائيلية قد ادعت بأن الميزانية الإضافية المطلوبة للجيش تتعلق بتعزيز قوة إسرائيل في مجالين: قدرة تفعيل المدرعات، برا، ومعالجة الأخطار البعيدة المدى المسماة «الدائرة الثالثة». وأعلن الجيش حاجته لشراء ناقلات جند مدرعة من طراز «نمر» المصنوعة أساسا وفق نموذج دبابة «ميركافا». كما أن الجيش أراد التزود بمنظومات مضادة للصواريخ توضع على الدبابات لمنع إصابتها بالصواريخ المضادة للدروع. وفوق كل ذلك، يدعي الجيش الإسرائيلي أن إيران على وشك تجاوز السقف التقني وامتلاك سلاح نووي، مما يستدعي إما الهجوم أو الدفاع، وهو يتطلب إجراءات ونفقات وتحضيرات.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد