ثروة النفايات المضيعة إلى متى؟
لم يعلم الشاب الفقير «أحمد» أهمية عمله الليلي، الذي يراه الكثيرون معيباً، حيث يجمع ما تحتويه حاويات وبراميل نفايات مدينته الصغيرة من علب كرتون وبخاصة تلك التي تكثر أمام المحال التجارية وباعة الخضار وغيرهم ليحزمها جميعاً في ساحة بيته ونهاية كل أسبوع إلى عشرة أيام يعمد «أحمد» لبيعها بالكيلو لمعمل إعادة تصنيع وغالباً ما يجمع قرابة السيارة المتوسطة الحجم خلال هذه الفترة يكفيه ثمنها وأهله سؤال الناس.
النفايات بالأرقام
لا يسمي أحمد عمله معالجة نفايات أو إعادة تدويرها، بل عمل يكفيه وأهله رزق يومهم، لكن علم الطاقات المتجددة أعطى هذه العملية أولوية في السنوات الأخيرة حيث بدأ العالم بشقيه المتقدم والنامي بالتفكير في كيفية الاستفادة من النفايات واستثمارها لا التخلص منها كما حال البلديات في سورية والتي تلجأ في الأغلب إلى طمرها أو تجميعها في مكبات مكشوفة تعترضها الكثير من المشاكل أهمها خلط النفايات المعدية التي تنتج عن المستشفيات مع بقية نفايات المدن، ويكثر النباشون حول الشاحنات والآليات المحملة بالنفايات بهدف فرز مختلف المواد البلاستيكية والمعدنية منها، إضافة لوجود نفايات خطرة مرمية مع النفايات البلدية، وبالطبع هناك إمكانية ظهور حرائق ونيران غير متحكم فيها.
وتقدر كمية القمامة الناتجة عن مدينـة دمشـق والموثقة بحسب تصريح المسؤول عن جمعها ونقلها في محافظة ريف دمشق وليد جحا لـ«الوطن» بنحو 1300 طن يومياً في الشتاء و1400 طن يوميـاً في المواسم أيام الصيف وخاصة فترة بيع البطيخ والملوخية، وبين جحا أن هذه الكمية تنقل إلى مكب النفايات أو ما يمكن تسميته معمل المعالجة في دير الحجر حيث يعالج المعمل المتقادم ما يقارب من 300 طن يومياً محولاً إياها إلى سماد طبيعي والباقي يطمر في التربة.
وتقدر كمية القمامة الناتجة عن مدينـة اللاذقيـة بحسب دراسة لقسم الطاقات المتجددة في كلية الهندسة الكهربائية، 230 –270 طناً يوميـاً تخضع لعمليات التخمر الهوائي من أجل إنتاج السـماد، أما قمامة حمص المدينة فتقدر بنحو 700 طن يوميـاً تجمع في مقلب مكشـوف، ونفايات حماة المدينة تقدر وسطيـاً بـ190 طناً يوميـاً تنخفض إلى 150 طناً شـتاءً لتصـل إلى 300 طن صيفـاً، وفي السلمية تصل وسطيـاً إلى 60 –70 طناً يوميـاً.
وبالطبع هذه مجموعة من عينات النفايات السورية التي تحتوي على نسبة عالية جداً من المواد العضوية بحسب دراسة أجراها رئيس قسم الطاقات المتجددة الدكتور سميح الجابي حيث تصل نسبة المواد العضوية في نفايات دمشق إلى قرابة 78% مصدرها إنتاج وتجهيز واستهلاك الطعام وهي تختلف باختلاف أشهر السنة وذلك تبعاً لوجود أنواع الخضر والفواكه وكذلك تختلف باختلاف عادات وتقاليد التجمعات السكانية والموقع الجغرافي، وهي المواد القابلة للتخمر والتحلل.
أما نسبة الـ22% المتبقية فهي مخلفات غير عضوية أي المواد القابلة وغير القابلة للاحتراق مثل «الورق والكرتون وقطع القماش القديمة والأخشاب وهياكل الآليات القديمة وأكياس النايلون والعبوات والعلب الفارغة البلاستيكية والمعدنيـة والزجاجية»، وتتميز نفايات القرى باحتـوائهـا على نسبة أعلى من المواد العضوية مقارنـةً مع نفايات المدن كما أن نفايات الأحياء التجارية في المدينة تتميز باحتوائهـا على كميات عالية من الورق والكرتون بعكس المناطق الصناعية التي تتكون نفاياتهـا من نسبة عالية من الخـردة والمعادن كما تزداد نسبة الخضار والفواكه في القمامة خلال فصل الصيف الذي يعتبر الموسم الطبيعي للعديـد منهـا.
اقتصاد النفايات
تختلف طرق التعامل مع النفايات ومعالجتها ولكن الأكثر ربحية ونتيجة تلك العاملة على الاستفادة من مراحل عملية التحويل البيولوجي للكتلة الحيوية من خلال عملية الهضم اللاهوائي لتحويل الكتلة الحيوية إلى غاز طبيعي تعتمد اعتماداً كلياً على النفايات السائلة البشرية والموجودة في مياه المجاري وعلى القمامة الصلبة التي يطرحها المجتمع البشري بشكل أساسي، وتسمى هذه العملية أيضاً عملية «الميثنة الحيوية» بحسب تعبير الدكتور الجابي الذي لخصها في خطوات عملية تبدأ بمرحلة تحضير الكتلة العضوية التي تتم فيها خطوات فصل الفضلات العضوية عن الفضلات غير العضوية ثم طحن الفضلات العضوية للحصول على جزيئات ذات أحجام صغيرة.
تطحن النفايات في هذه المرحلة طحنا أولياً إلى جزيئات حجمها لا يتجاوز (10سم3) ثم تمرر المواد المطحونة في محطة خاصة فيها حقل مغناطيسي للتخلص من الفضلات الحديدية وبعدها تمرر المواد في محطة غربلة دوارة تساهم في التخلص من الزجاج والألمنيوم والمعادن الأخرى والأحجار من داخل الكتلة العضوية ثم يعاد طحن مواد هذه الكتلة المنقاة على شكل جزيئات لا يتجاوز حجمها (3سم3) لتفرز بعدها المواد الخفيفة عن المواد الثقيلة بواسطة تيار هواء ينفخ عليها فتبقى في محطة الفرز الهوائي هذه المواد الثقيلة من الأحجار والزجاج والألمنيوم والمعادن الأخرى، إن وجدت. أما المواد العضوية الخفيفة الوزن، فإنها تدخل إلى محطة طحن ثالثة وتخرج على شكل جزيئات ناعمة لا يتجاوز حجمها نصف سم3.
بعد وصول حجم أجزاء الكتلة الحيوية نصف سم3 تتحول إلى مادة شبيهة بالعجينة تمزج مع النفايات العضوية السائلة وتنتقل إلى مرحلة الهضم اللاهوائي حيث تختلط مواد النفايات العضوية الصلبة مع الصرف الصحي الذي يحتوي على المواد والبكتريا اللازمة لإتمام عملية الهضم اللاهوائي، وينبه الدكتور الجابي إلى أن عملية الفرز الأولية للمواد الصلبة والمعدنية تساعد في إعادة هذه الأخيرة إلى دورتها في الصناعة.
وتبقى الكتلة الحيوية العضوية لتدخل مرحلة الهضم اللاهوائي ويمكن تفسير عملية التحويل البيولوجي للكتلة الحيوية على أنه تحليل أنزيمي مولد للطاقة بواسطة كائنات حية مجهرية من أنواع البكتريات، ويتم هذا التحليل في أوساط خالية من الهواء أي بعيدة عن الأوكسجين، ينتج عنها غاز الميتان وثاني أكسيد الفحم، وبعدها ينظف الغاز الناتج فبحسب توضيح الدكتور الجابي «إضافة إلى غاز الميتان وثاني أكسيد الفحم يحتوي الناتج على نسبة كبيرة من الرطوبة -بخار الماء- وعلى كميات مختلفة من الهيدروجين والآزوت وبعض الغازات الكبريتية العضوية واللاعضوية»، وتتبع عملية التنظيف طرقاً كيميائية مختلفة لتخليص الغاز من الشوائب العالقة فيه واستعماله وقوداً لتوليد الكهرباء، فالكمية الكبيرة الناتجة عن معالجة نفايات مدينة كدمشق وهي بمئات الأطنان يومياً يمكن استخدامها كمصدر متجدد للطاقة بدلاً من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
لا روائح ولا حشرات ولا أمراض
بعد تنظيف الغاز ومعالجته تأتي مرحلة التخلص من الفضلات الناتجة عن العملية وهي المرحلة الأخيرة من عملية التحويل لكن الدكتور الجابي يرفض تسمية تلك النواتج بالفضلات فهي بحسب تعبيره «تستعمل للحصول على سماد عضوي طبيعي أو لتحسين واستصلاح الأراضي المالحة أو للحصول على أعلاف حيوانية رطبة»، ويمكن الحصول على كمية مياه كبيرة من هذه الفضلات بعد معالجتها، تصلح للري أو تصلح للاستعمال في عملية الهضم اللاهوائي للكتلة الحية مرة ثانية كما يستخدم الغاز في التخديم «كوقود» للمعمل أو ما يمكن تسميته مؤسسة إعادة الاستثمار للنفايات.
وتعتبر عملية الهضم الحيوي عملية صديقة للبيئة، بسيطة التطبيق، واقتصادية، إذ لا حرقَ فيها، ولا انطلاق غازات سامةِ، ولا رشاحة، ولا رائحة، ولا حاجةَ لمساحات لدفن النفايات، وتمتاز هذه العملية كما أوضح الدكتور الجابي بأنها «تخفّضُ 50% من حجم المخلفات، وتخفّضُ 25% من وزنها، والسماد الناتج عنها يتميز بنتروجين أكثر ملاءمة للبنات من السماد الناتج عن المخلفات المجففة بوجود الهواء، دون روائح ولا يجذب الحشرات، وغني بالمغذيات العضوية للتربة الزراعية، وأقل حجماً من المخلفات الطازجة، كما تقضي عملية التخمر على كافة الجراثيم مسببات الأمراض، وتهضم بذور الحشائش الضارة الموجودة في المخلفات الطرية، ويمتلك السماد الناتج تركيبة متجانسة متوازنة مثالية من عناصر ومغذيات مهمة ما يسهل امتصاصه من النبات.
وينتج عن عملية التخمر أيضاً غازاً حيوياً يمكن استخدامه كطاقة حرارية بديلة في تسخين المياه والتدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية، ومن أهم محاسن هذه التجارة العلمية «توفر الهاضم سماداً مجانياً للأراضي، وتجنب الغاز الناتج عن حرق أطنان من الحطب في الأرياف، ما يوفر فرصة حقيقية في الحفاظ على الغطاء النباتي، كما يوفر كميات كبيرة من الوقود التقليدي لإنتاج الطاقة، ولهذا يسمى الهاضم الحيوي أيضاً مصنع التخصيب الحيوي يدخل عليه مخلفات حيوانية، مخلفات نباتية، مخلفات منزلية عضوية، مخلفات صناعية عضوية، ومخلفات مصانع الأغذية لينتج طاقة حيوية ذات تقنية بسيطة، ومتوافرة، وميسرة حتى في الأماكن البعيدة عن مصادر الطاقة التقليدية، وهي لا تحتاج لاستثمارات عالية وتمويل مالي كبير، لا تطلق ملوثات بيئية وإنما يمكن أن تكون وسيلة للتحكم بالملوثات البيئية، وهي طاقة غير ناضبة، يمكن توليد طاقة كهربائية كافية منها لاستهلاك التجمعات السكانية البعيدة.
دمشق نموذجاً
لبيان أهمية النفايات ومقدار الفائدة المستفادة من إعادة تدويرها يضرب الدكتور الجابي مثالاً علمياً على نفايات دمشق العضوية والتي تقدر بـ(1000) طن بعد فرز 22% المواد الصلبة منها، فإن هذه الكمية سوف تخلط مع كمية تساوي (5000) طن من النفايات البشرية السائلة «الصرف الصحي»، وبعد المعالجة في عملية الهضم اللاهوائي سينتج لدينا 145 طناً من غاز الميتان وذلك بعد أن نغطي كل الاحتياجات الحرارية اللازمة لكافة مراحل العملية باستعمال هذا الغاز، و265 طناً من ثاني أكسيد الفحم و153 طناً من المواد الأولية التي يمكن إعادة الاستفادة منها واسترجاعها لدورة التصنيع وذلك بالإضافة إلى كمية من الماء تساوي 2790 طناً يمكن تنقيتها واستعمالها في الري وكمية 1200 طن من البقايا والفضلات التي تستخدم كسماد لإعادة إحياء التربة المالحة أو كعلف رطب للحيوانات، وكمية 147 طناً من الأحجار والصخور والأتربة غير صالحة للاستعمال.
ما بين الربح والخسارة
يؤكد الدكتور الجابي أن «البحث العملي في مجالات الطاقات المتجددة مازال في خطواته الأولى، لكن هناك مجالات متعددة من مسائل الطاقات الجديدة قد تم طرقها بنجاح من قبل دول أخرى في العالم المتقدم والنامية على حد سواء» وبين الجابي أن «حسابات الجدوى الاقتصادية التي أعدتها مراكز البحث العلمي في هذه الدول والتي أعدتها فرق الأمم المتحدة في مجال الطاقات الناتجة عن الكتلة الحيوية، قد أثبتت نجاح هذه الاستثمارات في مجال طاقة الكتلة الحيوية، الأمر الذي يحتم علينا أن نفكر جدياً في طرق هذا المجال من الطاقات البديلة وخاصة أن هناك كميات متوافرة ودائمة من الكتلة الحيوية تضيع يومياً هدراً في كل مكان».
ما سبق يبين آلية تعامل مختلفة مع النفايات عن آلية العمل في البلديات السورية حيث تعامل النفايات على أنها عبء تبحث عن آليات التخلص منه ومواراته الثرى بأقرب وقت ممكن لكن الدكتور الجابي يرى أن «مسألة الفضلات الصلبة البلدية «القمامة» والتي في الدول المتقدمة بيئيـاً تخضع لإدارة خاصـة تهتم بهـا مثلهـا مثل مسـألة الميـاه والصرف الصحي تسمى إدارة النفايات يتضمن نظام إدارتهـا الاهتمام بهذه المشكلة ابتـداءً من عملية جمعهـا إلى طرق معالجتهـا بهدف الاستفادة قدر الإمكان من مكوناتهـا وخاصةً في ظل التحديات المستقبليـة والحالية للموارد الأولية، بحيث يتحول التفكير من كيفيـة التخلص من القمامـة إلى إيجاد الحلول وطرق معالجـة الكميـات الهائلة المنتجة يوميـاً واعتبـارهـا ثروة اقتصاديـة يجب الاستفادة منهـا».
الاستفادة من النفايات تعد مطلباً اقتصادياً أكثر منه موضوعاً خدمياً كما هو الحال في معظم بلداتنـا ومدننا في حين وضع العديـد من الدول إستراتيجيات لإدارة النفايات مع الأخـذ بعين الاعتبار مجموعة مهـام أساسية بهدف تخفيض وطـأة مشكلات المعالجـة حيث عمدت تلك الدول بحسب الدكتور الجابي إلى «منع تـولد وإنتاج النفايات، وهو برنامج يهدف إلى تقليل مخلفات عملية التصنيـع وتضمن البرنامج كذلك استعمال منتجات تامـة الصنـع»، لكن هذا العمل برأي الدكتور الجابي «يتطلب اعتمـاد طرق تصنيع جديـدة تقوم على أساس التقنيات النظيفـة أي تلك التي تقلل من إنتاج النفايات عنـد المصـدر والحصول على مواد يمكن استعمالها لفترة أطول ولعـدة مرات».
إعادة تدوير
ولا تنتهي المسألة عند منع أو تقليل إنتاج النفايات لكنها تتوجه إلى برامج استرجاع للموارد الطبيعية وإعادة تدويرهـا، أي استخدام بعض مواد القمامة ذات القيمة الاقتصـادية «الورق والكرتون والزجـاج والمعادن والبلاستيك» كمواد خـام في إنتاج سـلع جديدة ليس بالضرورة أن تكون مماثلة لتلك التي نتجت عنهـا النفايات فعلى سبيل المثال يمكن استخدام الفضة المستخلصة من صناعة التصوير في إنتاج طلاء المعادن كما يمكن استعمال العلب البلاستيكية في تصنيع الأنابيب أو المواسـير، ولكن هذا البرنامج يتطلب وعياً بيئياً عالي المستوى لدى مواطني البلدات من أجل عملية الفرز كما يتطلب تسويقاً للمواد المسترجعة وبيعهـا إلى مؤسـسة أو شركة تستعمل هذه المواد وتحولهـا إلى منتجـات مفيـدة، وفي مثل هذه الحالة يجب العمل بحسب تعبير الدكتور الجابي على «إحساس المواطنين بالمسؤولية تجاه هذه النفايات وأهميتها وفائدتها التي ستنعكس عليه حاضراً ومستقبلاً» وهي مسألة صعبة الحصول بوقت قريب فغالباً «ما تلحظ الناس يرمون أعقاب السجائر في الطريق مثلاً حتى وإن كانوا في سياراتهم وغالباً ما تشاهد أفراداً كثراً يرمون علب المشروبات الغازية في الحدائق أو على الرصيف في حين سلة القمامة لا تبعد عنهم بضعة أمتار وأحياناً أقل بكثير» وتكبر المشكلة إذا ما وصلت إلى العرف العام الذي يتعامل مع النفايات والعاملين على جمعها معاملة مبنية على مفاهيم العيب والدونية غالباً.
رغم تلك النظرة إلى النفايات ومؤسساتها تبقى مسألة جمع القمامة من الأحياء السكنية من المتطلبات الصحية الأساسيـة وهي أول خطـوة في إدارة الفضلات الصلبة وتمثل عمليـة نقلهـا حلقة الوصل بين الجمع والمعالجـة، ويجب أن يكون نظام جمع ونقل القمامة سريعاً لأن لتراكمهـا أضراراً صحية واجتماعيـة واقتصادية حيث يجب ألا تتجاوز فترة بقاء القمامة ثلاثـة أيام في الفصل البارد ويومـاً واحـداً في الفصول الدافئـة.
نفايات قاتلة
فمن تلك الفضلات ما يمكن تصنيفه بالنفايات الخطرة وتعامل معاملة خاصة في طريقة حفظها أو نقلها أو التخلص منها وتشكل في طبيعتها أو كميتها أو تركيزها تهديداً محتملاً على صحة الإنسان والكائنات الحية بسبب عدم قابليتها للتحلل «ثباتها»، قد تكون مميتة وتدخل نفايات المستشفيات والمراكز الصحية ضمن هذا التصنيف، وهناك نفايات غير خطرة تتولد نتيجة للأنشطة المختلفة للإنسان وتشمل القمامة المنزلية والفضلات الناتجة عن الأنشطة التجارية والصناعية، وإذا تركت دون معالجة فإنها تؤثر على صحة الإنسان والبيئة المحيطة، ويضاف إليها النفايات الخاملة أي تلك التي لا تسبب بعد وضعها في موقع رمي النفايات أي تغيير فيزيائي أو كيميائي كبير في التركيب.
وتزداد النفايات بحسب المواسم ولكنها تنتج بشكل مستمر وبكميات متزايدة مع ازدياد عدد السكان حيث إن كمية القمامة تقارب 0.8كغ لكل شخص يومياً في الدول الناميـة في حين تصل إلى 1.95كغ لكل شخص يومياً في الولايات المتحدة الأميركية أما في فرنـسا فالكمية الوسطية 1.1كغ لكل شخص يومياً أي إن كمية القمامة التي يخلفهـا الفرد تتعلق بدخل المواطنين والمستوى المعيشـي لهم.
ولا يقف الأثر السلبي للقمامة عند حدود الآثار الصحية بل تتجاوزها لتطرح اليوم مجموعة من المشكلات البيئية المعقدة وذلك نتيجة طرق التعامل معها حيث تقوم الإستراتيجية الأساسيـة للتخلص منها منذ أقدم العصور وحتى الآن في كثير من الدول وخاصةً الدول الناميـة على طرحـها على الأرض خارج حـدود البلدة أو المدينـة في حفر أو منخفضـات موجودة طبيعيـاً على شكل أكوام مكشـوفـة مشكلة ما يسمى المطامر أو المكبات المكشوفة ولكن هذه الطريقة في التخلص لم يعـد من يناصرهـا لقبح منظر هذه الأكوام ما يؤدي إلى تشـويه منظر الأرض الطبيعيـة، وتعفن المواد العضوية التي تحويهـا القمامة ما يؤدي إلى انتشـار الغازات السامة «غاز الميتـان» في الهواء الطلق إضافة للروائح الكريهـة والأمراض والأوبئـة عن طريق الذباب والبعوض والحيوانات الشاردة منتقلة إلى البيئـة المحيطة وخاصةً إذا احتوت القمامة نفايات المستشفيات.
مستعمرات جرثومية
وفي مثل هذه الظروف تنمـو مستعمرات جراثيم وجيوش من الحشـرات الضارة، كما يؤدي الاحتـراق الذاتي للقمامـة إلى تشكل وانتشـار غازات ضـارة، والمشهد الأكثر وضوحها هو تطاير بعض مواد القمامة «أكياس البلاستيك» إلى المناطق المحيطة وتشـوه منظر الأرض إضافة إلى أنها تحجـز الضـوء والأوكسجين عنهـا ما يفقدهـا إنتاجيتهـا الزراعيـة، والشكل التلوثي المخفي والذي يظهر لاحقاً هو تلوث المياه الجوفية وبالتالي المجاري المائيـة بسبب ميـاه الأمطار السـاقطة فوق سطـح التربـة التي تغطي المكب وتصل إلى ما تحتهـا من نفايات مطمورة مستخلصـةً منهـا بعض المواد الخطـرة كالمعـادن الثقيلـة والمواد العضوية وغيرهـا بحيث تتحـول إلى محاليل ملحيــة سـامة تدعى «الرشـاحة» لهـا تأثيرهـا البيئـي الملوث على التربـة والميـاه المحيطـة بالمكـب، فهل سيأتي يوم ندير فيه قماماتنا كمصدر ثروة بدلاً من مصدر عيب؟ وهل يقتدي أصحاب العلاقة بتجربة الشاب الفقير «أحمد»؟
جابر بكر
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد