الصراع السعودي – المصري في لبنان: السيناريو المؤجل

18-07-2010

الصراع السعودي – المصري في لبنان: السيناريو المؤجل

الجمل: تشير التسريبات الخافتة إلى وجود تحركات ناعمة لجهة تعزيز الدور المصري في الساحة اللبنانية, وتقول المعلومات بأن القاهرة قد بدأت محاولة استطلاع محدودة لجهة مقاربة مدى إمكانية إحراز التقدم في الدبلوماسية المصرية إزاء لبنان: فماهي محفزات طموحات القاهرة إزاء لبنان, وما مدى قدرة القاهرة على احتواء الساحة اللبنانية, وما هي قابلية بيروت لجهة الجلوس ضمن مظلة النفوذ المصري؟

- دبلوماسية القاهرة الجديدة: التحركات الناعمة إلى أين؟

نشر مركز دراسات ستراتفور الأمريكي تقريراً دبلوماسياً حول التحركات المصرية في الساحة اللبنانية, أشار فيه إلى العديد من المعلومات ذات القيمة الإستخبارية, منها:
    - لقاء الرئيس المصري حسني مبارك مع سمير جعجع زعيم حركة القوات اللبنانية.
    - لقاء الرئيس المصري حسني مبارك مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري زعيم تيار المستقبل.
    - لقاء الزعيم الناصري اللبناني إبراهيم قليلات مع بعض كبار المسؤولين المصريين.
حمل تقرير ستراتفور الأمريكي عنوان (لبنان: العقبات التي تواجه دوراً مصرياً أكبر), هذا, وقد تطرق التقرير إلى العديد من النقاط الهامة, والتي يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
      - وجود تحالف سوري – تركي, إضافة إلى تزايد الدور التركي في منطقة شرق المتوسط والعراق.
      - وجود تحالف سوري – إيراني, إضافة إلى تزايد الدور الإيراني في منطقة شرق المتوسط والعراق.
وعلى خلفية هذه النقاط, ورصد التقرير, إدراك القاهرة المتزايد, بأن الدور المصري في منطقة شرق المتوسط لم يتراجع وحسب, بل و أصبح عرضة للمزيد من التآكل, وبالتالي, فمن الضروري بذل المزيد من الجهود والمساعي الحثيثة لجهة تعزيز النفوذ المصري في هذه المنطقة، خاصة وأن انتهاء الدور المصري في منطقة شرق المتوسط سوف تمتد تداعياته إلى الدور المصري في ملفات الصراع العربي – الإسرائيلي, وعلى وجه الخصوص الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي ظلت تراهن القاهرة على مدى جدواه في الحفاظ على مكانة مصر السياسية الإقليمية الشرق أوسطية.

- الدور المصري في المسرح اللبناني: لماذا بيروت

تشير المعطيات, إلى أن الدور المصري كان أكثر قوة خلال مرحلة ما قبل اتفاقية كامب ديفيد, وذلك بفعل قوة علاقات دبلوماسية خط دمشق – القاهرة, ولكن, خلال الفترة الممتدة من لحظة توقيع القاهرة على اتفاقية كامب ديفيد, لم تخرج القاهرة من معركة الصراع العربي – الإسرائيلي وحسب, وإنما سعت أيضاً لإخراج منظمة التحرير الفلسطينية, من خلال إستدراجها لإتفاقيات أوسلو ومدريد, بما لن يترتب عليه سوى ترك دمشق وحدها في ساحة الصراع العربي – الإسرائيلي..
ارتباط السياسة الخارجية المصرية بالسياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية, ألحق ضرراً بالغاً بمكانة و دور مصر الإقليمي الشرق أوسطي, وكان أن انسحب هذا الضرر على الساحة اللبنانية, و عندما اندلعت حرب صيف 2006م, بين حزب الله والقوات الإسرائيلية, فقد أدى الموقف المصري من هذه الحرب ليس إلى إضعاف دبلوماسية القاهرة في لبنان.. وإنما إلى خروج القاهرة من الساحة اللبنانية..
سعت القاهرة, بمساعدة أمريكية إلى محاولة تعزيز دورها في الساحة اللبنانية عن طريق التفاهم والحوار مع سمير جعجع  زعيم القوات اللبنانية, و رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري زعيم تيار المستقبل, لجهة القيام بتنسيق المواقف, والسعي لاتخاذ موقف مشترك إزاء القضايا اللبنانية والشرق أوسطية, وإضافة لذلك, وكما أكدت التسريبات الواردة في تقرير مركز ستراتفور الأمريكي, فقد سعت القاهرة إلى محاولة استثمار التيار الناصري الناشط في لبنان, وعندما أدركت القاهرة بأن مصطفى حمدان زعيم التيار الناصري اللبناني يرتبط بعلاقات قوية مع دمشق, فقد لجأت القاهرة إلى محاولة استثمار الزعيم الناصري اللبناني إبراهيم قليلات بما يتيح إضعاف توجهات التيار الناصري اللبناني الداعم لدمشق.. ويؤسس لتيار موازي داخل التنظيم موالي للقاهرة..

- الصراع السعودي – المصري في لبنان: السيناريو المؤجل

سعى محور واشنطن – تل أبيب إلى بناء تجمع المعتدلين العرب, الذي ضم القاهرة – الرياض – عمان – قوى 14 آذار اللبنانية – حركة فتح الفلسطينية, وأشارت معطيات خبرة هذا التجمع إلى أن التوافق بين أطرافه كان حول بنود جدول أعمال دبلوماسية شرق أوسطية, تضمنت المحاور الآتية:
      - اعتماد تعريفات جديدة, لجهة اعتبار أن إيران وحلفاؤها الشرق أوسطيين تمثل مصدر الخطر الرئيسي لاستقرار الشرق الأوسط.
      - تمديد خيوط التقارب والإرتباط أكثر فأكثر بين أطراف تجمع المعتدلين العرب والإسرائيليين.
      - تمديد روابط التعاون أكثر فأكثر مع الأمريكيين في قضايا الشرق الأوسط الأخرى, وعلى وجه الخصوص ملف مستقبل العراق, وملف الحرب ضد الإرهاب.
       - توحيد القوام السياسي الفلسطيني, بما يتيح إدماج كامل الفلسطينيين ضمن مسار عملية سلام الشرق الأوسط التي ترعاها واشنطن.
في مجرى تفاعلات الصراع السياسي اللبناني خلال مرحلة ما قبل اتفاق الدوحة, ظلت القاهرة تتعامل مع مكونات قوى 14 آذار اللبنانية، من جهة ومن الجهة الأخرى تخاصم مكونات قوى 8 آذار اللبنانية الحليفة لسوريا.. استطاعت القاهرة أن تتعامل بانفتاح أكبر مع مكونات تحالف قوى 14 آذار, ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل, منها على سبيل المثال لا الحصر:
     - قيام الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة بِحث زعماء قوى 14 آذار على ضرورة التعامل مع القاهرة, وقد لعب فيلتمان السفير الأمريكي السابق في لبنان, و ديفيد والش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة لشؤون الشرق الأوسط دوراً أكبر في ذلك.
      - مباركة السعودية لعلاقات مصر مع حلفاء السعودية اللبنانيين, وعلى وجه الخصوص سعد الحريري زعيم تيار المستقبل, والذي لم تكن ترى الرياض أي حساسية إزاء علاقاته مع القاهرة..
على خلفية معطيات خبرة  تفاعلات القاهرة مع ملفات الأوضاع اللبنانية خلال الفترة الممتدة من لحظة حرب صيف 2006م و حتى لحظة التوقيع على اتفاق الدوحة الذي أنهى خلافات قوى 14 آذار – قوى 8 آذار, وأفسح المجال لإنتخاب الرئيس اللبناني ميشيل سليمان, وعقد جولة الإنتخابات اللبنانية العامة وتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة, فقد أدركت القاهرة الآتي:
    - من الصعب إن لم يكن من المستحيل في ظل علاقات القاهرة المتزايدة مع أمريكا وإسرائيل أن تنجح القاهرة في مساعي بناء الروابط والعلاقات مع مكونات قوى 8 آذار, وعلى وجه الخصوص حزب الله اللبناني . وازداد موقف القاهرة سوءاً بعد قيام السلطات المصرية باعتقال من أطلقت عليهم الأجهزة المصرية تسمية شبكة حزب الله اللبناني في مصر..
     - من الممكن والمتاح أن تسعى القاهرة لبناء الروابط مع مكونات قوى 14 آذار اللبنانية, خاصة وأن الكثير من أجندة وبنود المشروع الأمريكي إزاء لبنان ماتزال قائمة و موجودة..
سعت دبلوماسية القاهرة لجهة القيام بالمزيد من التحركات الناعمة التي هدفت لـ(ترويض) مكونات قوى 14 آذار, ولكن, ولما كانت هذه المكونات تمثل الحليف الرئيسي للسعودية في لبنان, فسوف لن يكون أمام دبلوماسية القاهرة سوى مواجهة الآتي:
      - إقناع سعد الحريري وبقية رموز قوى 14 آذار بضرورة التخلي عن الرياض واعتماد مصر حليفاً استراتيجياً جديداً بدلاً من السعودية.
      - إقناع الرياض بالتخلي عن حليفها سعد الحريري وبقية رموز قوى 14 آذار, والتعامل معهم عبر القاهرة حصراً..
      - إقناع واشنطن بضرورة ممارسة الضغوط المزدوجة على  رموز قوى 14 آذار من أجل أن يتخلوا عن الرياض, وعلى الرياض لكي تتخلى عن قوى 14 آذار.
حتى الآن, لايوجد ما يفيد بأن سعد الحريري وحلفاءه سوف يتخلون عن تحالفاتهم مع السعودية لصالح مصر, ولا يوجد مايفيد بأن السعودية سوف تتراجع عن لبنان و تحويل "إختيارات" حلفاءها اللبنانيين إلى القاهرة, وعلى مايبدو فإنه ليس أمام القاهرة سوى البحث عن طريقة لـ(نشل) رموز قوى 14 آذار من الجيب السعودي, خاصة وأن إقناع واشنطن بدعم جهود القاهرة في لبنان سوف يتطلب من القاهرة إقناع تل أبيب أولاً, ونتنياهو لن يعطي دون أن يأخذ سلفاً أضعاف ما سوف يعطيه.. فهل تبقى للقاهرة شيء لكي تعطيه لبنيامين نتنياهو الذي أخذ منها كل شيء!!!
                                                                                                            الجمل قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

تحاليل جيدة ولكن.. منذ متى خرائطنا تذكر اسم اسرائيل بدلاً من فلسطين؟ هذا والله غير مقبول.. لاتوجد منطقة اسمها اسرائيل، هي فقط فلسطين.. لقد ضاع ماقرأت من تحليلات في هذا الموقع بمجرد أن قرأت اسم اسرائيل منسوبا لأراضي فلسطين...!!!!

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...