لعنة لبنان تلاحق جنرالات إسرائيل

كشفت استقالة قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلية الجنرال عودي آدم على خلفية صراع الجنرالات في حرب لبنان الثانية، عمق الأزمة في المؤسسة العسكرية، وأحيت الآمال بقرب استقالة آخرين من قادة الحرب في الحكومة والجيش على حد سواء، ولا سيما أن تصويت وزراء حزب العمل في الحكومة إلى جانب الميزانية العامة خلافا لموقف زعيمهم عمير بيرتس ووصول وزير المواصلات شاؤول موفاز إلى خيمة الاحتجاج ضد رئيس الحكومة إيهود أولمرت، أظهر في المقابل عمق المأزق الحكومي.
وبرغم أن استقالة آدم كانت أشبه بالسر المعلن، إلا أن الإعلان عنها امس أحدث هزة ليس في الجيش الإسرائيلي وحسب بل في الحلبة السياسية بأسرها. ورأى البعض فيها مجرد قطعة الدومينو الأولى التي تسقط في الجدار القيادي العسكري والسياسي في إسرائيل بسبب الحرب..
وكانت ردة الفعل الأولية انقسام الحلبة السياسية بين مؤيد ومعارض وصامت حيال هذه الاستقالة. وأسهب بيرتس في الثناء على آدم ودوره في المحافظة على أمن إسرائيل، في خطوة فسرت على أنها تحالف المظلومين بين الرجلين. فالخلاف شديد بين كل من بيرتس وآدم وبين رئيس الأركان دان حلوتس حيث يحاول كل من الطرفين أن يظهر أن الأخطاء في الحرب كانت من فعل الطرف الآخر.
وكان وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعزر من بين أول من دعوا رئيس الأركان إلى أخذ
العبرة من استقالة آدم والمبادرة إلى تقديم استقالته. وبرر بن أليعزر، وهو من حزب العمل، تركيزه على وجوب استقالة القادة الأمنيين الضالعين في الحرب بأن هؤلاء وليس رجال السياسة، هم من يمثلون المؤسسة المهنية الحقيقية في إسرائيل. وقال إن كلامه لا يعني أن رجال السياسة لا ذنب لهم ولكن إسرائيل خسرت الحرب أساسا بسبب موقف المستويات المهنية التي كان عليها أن تضبط وتمنع أخطاء السياسيين.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن آدم وجه كتاب استقالته بصيغتين مختلفتين إلى كل من رئيس الأركان ووزير الدفاع. وفي الوقت الذي كان كتاب الاستقالة الموجه إلى بيرتس عاطفيا، فإن الاستقالة الموجهة لرئيس الأركان كانت اتهامية. وكان معلوما أنه في اليوم الذي قرر فيه رئيس الأركان تعيين الجنرال موشيه كابلينسكي ممثلا له في قيادة الجبهة الشمالية، أبلغه آدم أنه قرر الاستقالة وأنه لن ينفذ ذلك إلا بعد انتهاء الحرب. وتشير هذه الوسائل إلى أن آدم لم يكن ينوي تقديم استقالته أمس بل في الأيام المقبلة، غير أن تسرب أمر الاستقالة إلى وسائل الإعلام جعله يسارع إلى تقديمها اليوم.
وفي كتاب استقالته الموجه الى حلوتس انتقد آدم رئيس الأركان بشدة حول سلوكه أثناء الحرب. وبحسب آدم، فإن كل شيء موثق عندي في ملفات سأعرضها في الوقت المناسب مضيفا فقد اختلفت معك حول عدد من القرارات وحول طريقة اتخاذها . وقال في الاستقالة إنني متصالح مع نفسي في كل القرارات التي اتخذتها وأنا جاهز لمواجهة أي لجنة تحقيق بهذا الشأن. سوف أنهي مهامي عندما يخرج آخر جندي من لبنان . وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نقلت عن آدم قوله قبل تقديم استقالته إن عندي الكثير مما سأقوله .
وأشار مقربون من آدم إلى أنه يخرج من الجيش ب بطن مليئة ضد حلوتس وعدد من أعضاء هيئة الأركان.
أما في كتاب استقالته إلى وزير الدفاع فكتب إنك تعلم أنني اختلفت مع عدد من القرارات وطريقة اتخاذها أثناء الحرب. والمسائل الأساسية التي ينبغي فحصها هي الجاهزية، التغييرات التنظيمية التي أدخلت على الجيش في السنوات الأخيرة وخصوصا في العام الأخير، وتوقيت تجنيد القوات الاحتياطية وتفعيلها، وشكل اتخاذ القرارات واستخدام القوات على المستوى التكتيكي .
وكانت الصحف الإسرائيلية قد أشارت إلى حوارات قاسية جرت أثناء الحرب بين حلوتس وآدم، بينها قول حلوتس بودي وضع قائد الذراع البري بني غينتس مسؤولا عنك فرد آدم إذا جلبته إلى هنا فسوف ألقي لك بالمفاتيح .
وبرغم أن آدم يوحي للمقربين منه بأن ضميره نقي وأن الأخطاء وقعت أساسا بسبب أوامر خاطئة تأتي من رئيس الأركان، فإن كثيرين في إسرائيل يحملونه المسؤولية عن الإخفاق.
وفي كل الأحوال رأى كثيرون في إسرائيل أن خطوة آدم قد تقود إلى جعل حلقات سلسلة العناد تتفكك. وقال الجنرال عامي أيالون من حزب العمل إن آدم تحمل المسؤولية ويجب على بيرتس أن يلحق به ، فيما اعتبر النائب عن الاتحاد القومي أوري إلداد أن آدم لقن دولة إسرائيل درسا حول الطريقة التي يتصرف بها ضابط نزيه. وقال ولو أن لبيرتس، أولمرت وحلوتس أساسا أخلاقيا لساروا في إثره .
غير أن في إسرائيل من يرى أن آدم يدفع ثمن لعنة لبنان لانه فقد والده الجنرال يكوتئيل آدم أثناء حرب لبنان الأولى في العام ,1982 وها هو الابن بعد 25 عاما يدفع ثمنا شخصيا آخر.

حلمي موسى

المصدر: السفير