المشهد البحريني على خلفية الاحتجاجات الشعبية ومطالب المعارضة
الجمل: تحدثت التقارير هذه المرة وباهتمام غير مسبوق عن تزايد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في مملكة البحرين، وما هو مثير للاهتمام يتمثل في مصداقية هذه الاضطرابات والاحتجاجات لجهة الإطاحة بنظام الملك البحريني الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة: ماذا تقول التفاصيل الدقيقة الجارية داخل البحرين؟
* تطورات المسرح البحريني: توصيف المعلومات الجارية
تقول التسريبات والتقارير بأن حالة الانقسام بين الأقلية الحاكمة السنية الإسلامية و الأغلبية المحكومة الإسلامية الشيعية قد تعمقت أكثر فأكثر بما أدى لاحقاً إلى تصاعد حركة الاحتجاجات الشعبية، هذا، وبرغم حضور تأثير الاحتجاجات التي رافقت النموذجين التونسي والمصري، فإن الاحتجاجات البحرينية سوف تشكل نموذجاً يتميز بالخصوصية وذلك بسبب صعود نوعين من المعارضة:
• المعارضة السياسية التقليدية: وتتمثل في الأحزاب السياسية البحرينية الممثلة في البرلمان إضافة إلى الأحزاب السياسية البحرينية المحظورة.
• المعارضة السياسية الشابة: وتتمثل في مجموعات الشباب التي تجمعت ونفذت المزيد من الاصطفافات السياسية بفعل تأثير عمليات التواصل التي تمت عن طريق شبكة الإنترنت.
خلال جولات الصراع السياسي البحريني-البحريني السابقة، والتي تعددت جذورها لسنوات طويلة، ظلت المواجهات تدور بين القوى السياسية السنية الحاكمة والقوى السياسية الإسلامية الشيعية المعارضة، ولكن ما هو جدير هذه المرة يتمثل في عامل الشباب الذي دخل على خط المواجهة السياسية على غرار سيناريو دخول حركة الشباب المصرية في الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.
* الاضطرابات السياسية البحرينية
تحدثت التقارير عن وجود نوعين من المطالب، وبرغم وجود بعض التطابقات والاختلافات بينها فقد أثارت التقارير، وعلى وجه الخصوص تقرير وكالة رويترز، الآتي:
• أولاً المطالب الخاصة بالأغلبية الشيعية: وتضمنت الآتي:
- القضاء على عمليات التمييز والتهميش التي يعاني منها الشيعة البحرينيون، وعلى وجه الخصوص في مجالات: خدمات السكن، خدمات الصحة إضافة إلى خدمات حق الحصول على الوظائف العامة.
- إجراء التعديلات الدستورية والبرلمانية بما يتيح تمثل أكبر للمجتمع الشيعي البحريني.
- إعادة ضبط توازن القوى البحراني بما يعيد قسمة السلطة والثروة بين المكونات الثلاث: القوى الإسلامية الشيعية، القوى الإسلامية السنية، القوى العلمانية.
- الوقف الفوري لعمليات منح القوى الإسلامية السنية الخارجية لمزايا النسبية المتمثلة في: الحصول على الجنسية، الحصول على الوظائف في القوات المسلحة وقوات الأمن.
- الوقف الفوري لعمليات استيعاب المسلمين السنة القادمين من البلدان الأخرى ضمن الهوية الوطنية البحرينية الأمر الذي أصبح يهدد التوازن الديموغرافي الذي يشكل الشيعة أغلبيته العظمى.
- الوقف الفوري لعمليات الأجهزة الرسمية البحرينية التي ظلت تستهدف السكان الشيعة البحرينيين.
• ثانياً: المطالب الخاصة بالشباب المعارضين:
- حل دستور عام 2002.
- تكوين مجلس يضم الخبراء وجميع مكونات السكان البحرينيين تكون مهمته وضع مسودة الدستور الجديد.
- إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والناشطين السياسيين والمدنيين إضافة إلى التحقيق في عمليات التعذيب والانتهاكات الأخرى.
- إقامة جهاز قضائي مستقل عن السلطة السياسية.
- التحقيق في عمليات منح الجنسية البحرينية للأجانب وفقاً للدوافع والميول السياسية والطائفية.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن حركة الوفاق الشيعية البحرينية التي حصلت في الانتخابات الأخيرة على 18 مقعداً في البرلمان من جملة عدد المقاعد الكلي البالغة 40 مقعداً، قد علقت مشاركتها في البرلمان، أما مجموعة الشباب المعارضين فقد أصدرت بياناً أعلنت فيه بدء حركة الاحتجاجات العامة عن طريق تسيير المواكب السلمية والاستمرار إلى حين تتم الاستجابة لمطالبها. وفي هذا الخصوص، وبرغم تعدد وجهات النظر والتوقعات، فقد أكدت المصادر العليمة في البحرين بأن حركة الاحتجاجات السياسية المعارضة لا تنوي القيام بعملية إسقاط الملك وتطالب فقط بالمزيد من عمليات تداول السلطة التنفيذية وإفساح المجال أمام قدر أكبر من عمليات الانفتاح والمشاركة السياسية.
* ماذا تقول التفسيرات؟
توجد العديد من التحليلات السياسية التي سعت لجهة تحليل ووضع التفسيرات المتعلقة بمحفزات حركة الاحتجاجات البحرينية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• النظرية التفسيرية الأولى: تركز على مقاربة الاحتجاجات من خلال منظور العدوى وذلك بسبب ما يطلق عليه الخبراء تسمية "تأثير الدومينو السياسي"، وبالتالي، فإن اضطرابات تونس ومصر لا يمكن أن تمر دون أن يكون لها حضورها في الساحة السياسية العربية.
• النظرية التفسيرية الثانية: تركز على مقاربة الاحتجاجات من خلال منظور المؤامرة، وذلك بسبب ما يطلق عليه الخبراء تسمية "تأثير الأيادي الخفية" وبالتالي، فإن قيام حركة احتجاجات سعت بدعم أمريكي لاستهداف نظام طهران الشيعي قد أدت بالمقابل إلى قيام حركة احتجاجات بدعم شعبي لاستهداف نظام المنامة السني الحليف لأمريكا.
• النظرية التفسيرية الثالثة: تركز على مقاربة الاحتجاجات من خلال منظور العدالة الاجتماعية وذلك وفقاً ما يطلق عليه الخبراء تسمية "توازن المصالح" وذلك بما يؤدي إلى إعادة النظر في عمليات توزيع السلطة والثروة بما يحقق رضا الجميع.
حتى الآن، من الصعب التكهن بحقيقة سيناريو المخاطر السياسية التي يمكن أن تحدث خلال الأيام القادمة إذا استمرت حركة الاحتجاجات في التصاعد، ولكن، وبرغم كل مؤشرات التصعيد الجارية حالياً في المسرح البحريني، فإن القدرة على احتواء هذه الاحتجاجات ممكنة، وذلك عن طريق القيام بعمليات المراجعة والضبط الشاملة لصيغة توازن القوى وقسمة السلطة والثروة، وتداول السلطة التنفيذية وما شابه ذلك، وفقط يتمثل العامل الحاكم في مدى قدرة الأطراف البحرينية المتصارعة لجهة القيام بتقديم التنازلات الإيجابية لبعضها البعض، وذلك طالما أن سيناريو التصعيد السياسي يمكن أن يؤدي إلى حريق سياسي واسع النطاق في منطقة الخليج العربي بما يمكن أن يفسح المجال واسعاً أمام احتمالات اندلاع المواجهات العسكرية بين الأطراف السياسية المتصارعة وعلى وجه الخصوص أمريكا وإيران.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد