الاندبندنت: واشنطن تطلب من السعودية تسليح ثوار ليبيا
بدافع تجنب التدخل العسكري الأميركي المباشر وتهدئة الضغوط الداخلية والخارجية المتصاعدة المطالبة بهذا التدخل، ذكرت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية ان الإدارة الأميركية طلبت من السعودية تزويد ثوار بنغازي بالسلاح، مشيرة الى ان السعودية التي تواجه أصلاً «يوم غضب» في أراضيها، لم تمتثل حتى الآن لهذه المطالب الأميركية «السرية للغاية»، وذلك رغم الكراهية الشخصية التي يكنّها الملك عبد الله لمعمر القذافي الذي اتهم بالتورط في محاولة لاغتياله.
بعد تردد واضح من قبل إدارته، وتصريحات متناقضة الأسبوع الماضي، ازدادت أمس الأول الضغوط فجأة على الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولا سيما من قبل الجمهوريين الذي يرون أنه يتم تفويت فرصة مهمة لإقصاء القذافي. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين إن فرض منطقة حظر جوي سيسمح بـ«بعث إشارة حازمة» للزعيم الليبي في حين اعتبر السيناتور الديموقراطي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري انه يجب فرضها لمنع الطيران الليبي من قصف الثوار والمدنيين. وقال كيري إن «آخر ما نريده هو تدخل عسكري لكني لا اعتبر أن فرض منطقة حظر جوي يدخل في هذا السياق».
وأضاف كيري لقناة «سي ان ان» «لا نريد قوات على الأرض وهم لا يريدون قواتنا على الأرض»، موضحاً أن هناك اساليب أخرى لإظهار النفوذ الأميركي وإرضاخ القذافي.
وأضاف «اعتقد أن كمية من الأسلحة ستنقل (إلى ليبيا) بطريقة أو بأخرى في الأسابيع المقبلة» من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل.
وكان موقف الحاكم الديموقراطي السابق لولاية نيومكسيكو بيل ريتشادسون القريب من إدارة كلينتون، مباشراً من خلال تأكيده أن «الأوان قد حان لتسليح الثوار سراً».
وهذا هو أيضاً موقف مستشار الرئيس السابق جورج بوش للأمن القومي ستيفن هادلي الذي قال لـ«سي ان ان» أيضاً «إذا كان من الممكن وضع أسلحة بأيدي الثوار وإذا زودناهم بمضادات أرضية ليتمكنوا من فرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي التي يسيطرون عليها سيكون الأمر مفيداً».
كما قال المتحدث باسم البنتاغون ديفيد لابان إن «جميع الخيارات مطروحة، لكننا لن نكشف تفاصيل».
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» أمس فإن استخدام طائرات حرب الكترونية للتشويش على الاتصالات في المجال الجوي الدولي لمنع الحكومة الليبية من الاتصال بقواتها العسكرية، بين هذه الخيارات. والخيار الآخر سيكون إلقاء أسلحة ومعدات حربية أخرى جواً للثوار الليبيين بحسب الصحيفة.
وتابع المصدر أن إرسال وحدات صغيرة من القوات الخاصة لمساعدة الثوار كما حصل في أفغانستان لإطاحة نظام طالبان قيد الدرس أيضاً.
ومن جهته، قال وزير الدفاع روبرت غيتس خلال زيارة مفاجئة إلى أفغانستان إن أي تدخل أجنبي في لبيبا يتطلب دعم المجتمع الدولي، مؤكداً أنه «علينا مراقبة الوضع باهتمام كبير». وأضاف أن فرض منطقة حظر جوي خطوة أساسية قبل أي تدخل فعلي، وهي عملية تتطلب أسابيع من التحضير.
- تأتي هذه المطالب الأميركية من السعودية لتسليح ثوار ليبيا، في سياق التنسيق العسكري المحكم مع السعوديين. ولطالما دعمت العائلة الحاكمة في السعودية جهود تسليح الأميركيين للحركات المناهضة للسوفيات خلال حقبة الثمانينيات، ومن ثم ـ ولسوء حظّ الأميركيين ـ تمويل وتسليح حركة طالبان.
غير أن السعوديين، وبموقعهم الاستراتيجي وقدراتهم المتعدّدة، يبقون الحليف العربي الوحيد القادر على تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. وفي الوقت نفسه، قد تبرئ هذه المساهمة الأميركيين من أي تدخل عسكري في عملية التسليح ـ وذلك رغم أن السلاح سيكون أميركياً بتمويل سعودي.
قيل للسعوديين إن أعداء القذافي بحاجة إلى صواريخ مضادة للدروع ومدفعية ثقيلة في المرحلة الأولية، وذلك بغية حماية أنفسهم ضد هجمات مدرعات القذافي، ومن ثم صواريخ أرض ـ جو لقصف طائراته.
قد تبلغ هذه الذخائر بنغازي خلال 48 ساعة، غير أنه يجب إيصالها عبر قواعد جوية ليبية أو عبر مطار المدينة. وفي حال استطاع الثوار عندها الانتقال نحو الهجوم على قواعد القذافي المتينة في غرب البلاد، ستخف الضغوط على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لفرض حظر جوي.
وقد أوضحت القيادات العسكرية الأميركية أن خطوة من هذا النوع قد تتطلب غارات جوية أميركية على بعض المراكز الحيوية الليبية، ولا سيما قواعد الدفاع الجوي، مما يضع واشنطن في حرب مباشرة إلى جانب خصوم القذافي.
وفي الأيام الماضية، كثفت الطائرات الأميركية الاستطلاعية تحليقاتها في محيط ليبيا حيث تواصلت بشكل دائم مع مطار مالطا، طالبةً معلومات حول الحركة الجوية في ليبيا، وبشكل خاص عن نشاط طائرة القذافي الخاصة.
وكانت قناة «الجزيرة» قد بثت حديثاً مسجلاً بين طيار أميركي وقيادة المطار المعني، وتبين أن طائرة القذافي قامت السبت الماضي برحلة إلى الأردن لتعود إلى مطار القذافي الخاص في المعيتقية.
غير أنه، وفي حال استجابت السعودية للمطالب الأميركية بإرسال السلاح والذخائر للثوار الليبيين، وهي في الوقت نفسه تنتظرها مسؤوليات داخلية كبرى للتعامل مع التظاهرات المرتقبة، سيكون من المستحيل تقريباً على أوباما أن يدين أسلوب تعامل القوات الأمنية السعودية مع هذه المستحقات حتى لو بلغ هذا الأسلوب مستويات قياسية من العنف.
ومجدّداً، تفرض هذه اليقظة العربية والمطالبة بالديموقراطية والاحتجاجات المرتقبة في السعودية والثورة ضد القذافي، وخلال ساعات فقط، على الأميركيين إعادة تحديد أولوياتهم العسكرية في المنطقة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد