رئيس الوزراء يكذب صباحاً وظهراً ومساء فقط
انفجر الغضب في شوارع بودابست واشتبك متظاهرون مع رجال الشرطة على خلفية تسريب شريط لرئيس الوزراء المجري فيرنس غيورشاني يقول فيه ان حكومته "كذبت صباحاً وظهراً ومساء" في شأن الاقتصاد لضمان فوزه في الانتخابات الأخيرة. وخرجت الأمور عن السيطرة بسرعة، فشهدت المدينة "الليل الاطول والاكثر ظلاماً" كما قال غيورشاني نفسه، رافضاً الدعوات المتصاعدة إلى استقالته.
وكان نحو عشرة آلاف شخص من اليمين واليمين المتطرف احتشدوا سلمياً امام مبنى البرلمان ليل الاثنين-الثلثاء، ثم هاجم ثلاثة آلاف منهم مبنى التلفزيون الرسمي في بودابست بعدما تجاوزوا حواجز الشرطة التي قابلتهم بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، مما ادى الى سقوط 150 جريحاً، بينهم 102 من رجال الأمن.
وتمكن عدد من المتظاهرين من اقتحام مبنى التلفزيون وتلا أحدهم عريضة امام شاشته. وأشعل المتظاهرون حريقاً في المبنى، قبل ان تخرجهم الشرطة الساعة الثالثة فجراً (الاولى بتوقيت غرينيتش).
وعاد مئات الى التجمع صباح امس امام مبنى البرلمان من غير ان تسجل اي اعمال عنف. غير ان سيارات متفحمة وصناديق قمامة مقلوبة كانت لا تزال منتشرة في الساحة المجاورة للمبنى لتشهد على عنف المواجهات الليلية. وهاجم متظاهرون مسلة كبيرة ترمز إلى الجنود السوفيات الذين سقطوا في مواجهة القوات النازية قبل طردها من المجر في نهاية الحرب العالمية الثانية. وردد بعضهم أناشيد وطنية ورفعوا أعلاماً تحمل رمز الملكية التي حكمت البلاد قبل قرون.
ومع حلول الليل امس، بدا ان المتظاهرين يستعدون لمزيد من المواجهات وأرسلت تعزيزات أمنية إلى منطقة بيست في وسط المدينة لحماية المباني الحكومية، بينما احتشد آلاف حول البرلمان.
وجاءت أعمال العنف هذه رداً على بث التلفزيون تسجيلاً لغيورشاني (45 سنة) خلال اجتماع مغلق في أيار أقر فيه بأن حكومته "كذبت" لاخفاء خطة تقشف قاسية كانت تعد لها منذ اعادة انتخابه في نيسان، تتضمن زيادة الضرائب وفرض ضرائب جديدة وخفض الاعانات وصرف موظفين، من اجل الحد من العجز في الموازنة الذي يتجاوز عشرة في المئة، وذلك استعداداً لاعتماد الأورو عملة رسمية.
وهو قال في التسجيل: "لقد أخفقنا، كثيراً، ليس قليلاً. لم تقم أي دولة أوروبية بعمل أحمق مثلنا... كدت أموت لأنه طوال سنة ونصف سنة كان علينا الادعاء أننا نحكم، وعوض ذلك كنا نكذب صباحاً وظهراً ومساء".
ووصف رئيس الوزراء ليل الاثنين - الثلثاء بأنه "الأطول والأكثر ظلاماً" في البلاد منذ نهاية الشيوعية عام 1989. وقد رفض الاستقالة كما طالب المتظاهرون، متعهداً مواصلة برنامجه الاقتصادي. وقال: "أنا باق وأنا أؤدي عملي. أنا ملتزم جداً تنفيذ برنامجي. أدرك انه بالغ الصعوبة بالنسبة إلى الشعب، لكنه السبيل الوحيد امام المجر. أستنتج من أعمال العنف ضرورة مواصلة الإصلاحات والتعجيل فيها". وأكد عزمه على "فرض الامن بكل الوسائل" المتاحة، ذلك ان "الغلبة لا يمكن ان تكون لمثيري الشغب".
وأضاف ان "حرية التعبير لا تسمح بالعنف"، وحض "كل القوى السياسية" على الامتناع عن دعم المتظاهرين. واعتبر ان "مسؤولية الاضطرابات تتحملها الطبقة السياسية بكاملها"، الى السياسات الاقتصادية لليسار واليمين منذ سقوط الشيوعية عام 1989.
وهو لم يبد منزعجاً من تسريب التسجيل الذي تبلغ مدته 25 دقيقة، بل أكد صحته. ولم يستبعد محللون ان يكون يأمل في ان ينتهي الأمر في مصلحته، بعدما ظهر علناً حجم المشاكل الاقتصادية للبلاد.
ودعا غيورشاني الى اجتماع امني مصغر للحكومة قبل ظهر امس، واعلن عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب وجدد أعضاء حزبه التأييد له. ورفض استقالة وزير العدل جوزف بيتريتي لأن ما حصل "لا علاقة له بتظاهرة سياسية، وهو عبارة عن اعمال اجرامية".
وقبل هذه الفضيحة، كان غيورشاني الفتى الذهبي في حزبه الاشتراكي، فهو سياسي شاب يتمتع بصفات القائد الجذاب، وقد وعد بنقل البلاد إلى مستقبل مزدهر في الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل، طالب زعيم حزب "فيديز" اليميني المعارض فيكتور اوربان باستقالة رئيس الوزراء اذا "اظهرت الانتخابات (البلدية) في الاول من تشرين الاول ان المجريين يرفضون الاكاذيب والسياسات (الاقتصادية). على الاشتراكيين التأكد من رحيل رئيس الوزراء".
ودعا زعيم حزب المنتدى الديموقراطي المجري ايبوليا ديفيد، غيورشاني إلى "الابتعاد عن الحياة العامة".
وأظهر استطلاع للرأي شمل 500 شخص أجراه الباحث زوندا ايبسوس امس ان 43 في المئة من المجريين يريدون استقالة رئيس الوزراء، بينما أيد 47 في المئة بقاءه، ولم يدل 10 في المئة برأي. وتراجع سعر العملة المحلية الفورينت أمام الأورو.
• في بروكسيل، دعا المفوض الاوروبي ووزير الخارجية المجري السابق لاشلو كوفاكش الى الهدوء، لأن "من مصلحة الشعب المجري وكل المجموعة الاوروبية عودة الوضع الى استقراره في أسرع وقت ممكن".
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد