سوريا: الأزمة إلى انفراج وتكليف لجنة لتعديل قانون الانتخابات
أضيف إلى مؤشرات تحوّل الأزمة الأمنية في سوريا نحو خلاصات سياسية أمس، مؤشران، تمثل الأول في مناقشة القيادة السورية للمرة الأولى مع شيوخ محافظة حماه إغلاق ملف الثمانينيات والانتهاء إلى تفاهمات تريح الجانبين، وايضا إعلان الحكومة تكليف لجنة دراسة تعديل قانون الانتخابات العامة خلال أسبوعين كمهلة قصوى، وذلك في الوقت الذي انحصرت الأحداث الأمنية في «جيوب توتر» تمركزت في حي بابا عمرو في حمص وبلدة انخل في درعا.
ويمكن القول إن الأبرز أمس كان في اللقاء الذي جمع للمرة الأولى خلال هذه الأزمة وفداً من رجال الدين في محافظة حماه، في إطار استقبال الرئيس بشار الأسد الوفود الشعبية والدينية والشبابية. وقال الشيخ عبد الباسط سليمان إن أهم الملفات كان المطالبة بإغلاق ملف الثمانينيات في سوريا. وأضاف سليمان أن هذا الموضوع كباقي المواضيع التي طرحت أمام الأسد لقي «استجابة من الرئيس الذي كان منفتحاً جداً، وأثنى على دور رجال الدين» في حماه، ولا سيما أنها لم تشهد أحداث شغب كبيرة، عدا ما جرى الاسبوع الماضي من حرق لجزء من مبنى المحافظة والذي قالت السلطات إن «مشاغبين من مدينة أخرى» كانوا وراءه.
وقال الشيخ عبد الباسط إن رجال الدين طالبوا بإغلاق ملف الثمانينيات بما فيه من مظالم وقضايا معلقة، ولا سيما ما يتعلق بالمهجرين خارج البلاد بسبب أحداث الثمانينيات والتوتر الأمني الذي ميزها. ووافق الأسد على دراسة هذا الملف شريطة أن يشمل من «لا شكوك بوطنيتهم». وفسر الشيخ عبد الباسط هذا بعدم الارتباط بتنظيمات معادية أو المشاركة في أعمال عنف، مشيرا إلى أن الأسد ذكر أن الدولة السورية سمحت لرموز من تلك الفترة بالعودة شريطة إعلان فك ارتباطها بالتنظيمات المعادية للبلاد كما عدم «وجود دم على أيديهم».
وتطرق اللقاء الى موضوع الإصلاح فقال الشيخ صالح مطر إن الوفد وافق الأسد على ضرورة عدم التسرع في تطبيق الإصلاحات، حيث تحدث الأسد عن عدة حزمات إصلاحية، مشيرا الى أن الأولى قدمت والثانية على الطريق وهناك حزم أخرى. كما أثنى الأسد على دور المساجد في ترسيخ عوامل اللحمة الوطنية، مشجعاً على ممارستها دور التوعية في هذا السياق. وناقش الوفد كما العادة المشاكل الاقتصادية والمعيشية، ولا سيما الطلب الشعبي بخفض أسعار المحروقات وخصوصا المازوت.
ونقل أعضاء الوفد عن الأسد قناعته بأن «الأزمة بدأت بالانفراج، وملامح الخطر بدأت بالزوال».
وفي سياق مشابه أصدر رئيس مجلس الوزراء عادل سفر قراراً تضمن تشكيل لجنة مهمتها إعداد مشروع قانون جديد للانتخابات العامة يتوافق مع أفضل المعايير المتعارف عليها عالميا، على أن ترفع اللجنة نتائج عملها إلى رئيس المجلس خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين، وفقاً لما نقلت وكالة «سانا».
وتتألف اللجنة من كبار رجال القانون والإدارة الذين تتوافر فيهم الكفاءة الأكاديمية والإدارية والعلمية وهم معاون وزير العدل الدكتور نجم الأحمد ومعاون وزير الداخلية للشؤون المدنية العميد حسن جلالي والمستشار القانوني في رئاسة مجلس الوزراء محمود صالح، والأساتذة في كلية الحقوق في جامعة دمشق الدكتور محمد يوسف الحسين والدكتور محمد خير العكام والدكتورة جميلة شربجي والمستشار في وزارة الإدارة المحلية فوزي محاسنة ومدير المجالس في وزارة الإدارة المحلية خالد كامل. وأكد الأحمد رئيس اللجنة في تصريح لوكالة «سانا» أن اللجنة بدأت عملها وسوف تنهي المهمة المكلفة بها في الوقت المحدد، مشيراً إلى أن اللجنة تقوم بدراسة قوانين عربية وأجنبية بهدف انتقاء أفضل ما لديها، كما أنها ستتواصل مع عدد كبير من المختصين للاطلاع على آرائهم والاستفادة من تجاربهم الفكرية بما يحقق الهدف المراد لوضع مسودة قانون انتخابات عامة يحاكي أفضل قوانين العالم المعمول بها.
وفي مقابلة أجراها مع الزميلة غدي فرنسيس قال وزير الإعلام عدنان حسن محمود إن قانون الإعلام الجديد «عصري وسيأخذ بالاعتبار كل المتغيّرات... لكن الورشة لن تنتهي بين ليلة وضحاها»، مرجّحا أن يأتي ذلك «خلال أشهر». وأضاف «نحن سنفتح نقاشاً عاماً مع الإعلاميين. ستعرض الأفكار بشكل مفتوح ليكون للإعلاميين السوريين دور في التغيير، فسوريا اليوم بحاجة لهم لورشة البناء. كما ستفتح الأبواب أمام نشوء وسائل الإعلام الخاص المرئي، المسموع، والمكتوب».
وأكد رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء السوري عادل سفر أن «الأردن يثق بحكمة القيادة السورية في احتواء الاحتجاجات»، معرباً عن الأمل «بعودة الهدوء إلى كافة ربوع سوريا».
وميدانيا، صرح مصدر عسكري مسؤول لـ«سانا» بأن «وحدات الجيش والقوى الأمنية تتابع ملاحقة فلول المجموعات الإرهابية المسلحة حيث تمكنت (أمس) من إلقاء القبض على عشرات المطلوبين والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر المختلفة في بابا عمرو بحمص وفي ريف درعا، كما عُثر على مشفى ميداني في جامع الجيلاني بحمص». وأضاف المصدر أن «حصيلة الملاحقات كانت شهيدين وخمسة جرحى من عناصر الجيش حيث استشهد الملازم الطبيب صفوك خليفة وجرح أربعة آخرون بينهم ضابط في منطقة بابا عمرو في حمص، كما استشهد الرقيب أحمد الحسين وأصيب آخر في ريف درعا».
وقال المصدر إن الملاحقات أسفرت أيضاً عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في «صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة». بدوره، أذاع التلفزيون السوري خبر وفاة سيدة من بابا عمرو إثر إصابتها بالرصاص وجرح شخص مدني. كما بث التلفزيون خبر إسعاف عدد من العسكريين والمواطنين من ريف درعا إلى مشافي القنيطرة أصيب أغلبهم في تبادل لإطلاق النار وقامت عناصر الجيش بإسعافهم.
في المقابل، قال الناشط الحقوقي في حمص نجاتي طيارة لوكالة «رويترز» إن «حمص تهتز بأصوات الانفجارات من قصف الدبابات والاسلحة الآلية الثقيلة في حي بابا عمرو». وقال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا عمار القربي لـ«فرانس برس» إن 19 مدنياً بينهم طفل في الثامنة من العمر قتلوا في منطقتي درعا وحمص.
بدوره قال بيان لوزارة الداخلية السورية إن عدد الذين سلموا أنفسهم من المتورطين بأعمال شغب ارتفع ليصل حتى تاريخ يوم أمس الى 3308 أشخاص في مختلف المحافظات أُفرج عنهم فوراً بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن.
من جهته، أصدر نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى وزير العدل القاضي تيسير قلا عواد قراراً يقضي بتعديل «مهمة اللجنة القضائية الخاصة لإجراء تحقيقات فورية في جميع القضايا التي أودت بحياة عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين في محافظتي درعا واللاذقية»، لتصبح في المحافظات كافة وتتلقى الشكاوى بهذا الخصوص.
واعتبر القرار كلا من المحامي العام وقاضي التحقيق الاول وأقدم رئيس نيابة عامة في المحافظة بمثابة لجنة فرعية تتبع لجنة التحقيق القضائية الخاصة وتباشر مهمات هذه اللجنة في نطاق المحافظة وترفع نتائج أعمالها الى اللجنة. كما بث التلفزيون السوري اعترافات لمجموعة من المسلحين اعتدت على وحدات من الجيش في الأسابيع الماضية ببانياس.
إلى ذلك، أكد مصدر في وزارة الخارجية الروسية ان روسيا لا تريد إجراء مناقشة في مجلس الامن الدولي حول الوضع في سوريا كما يرغب الغربيون. وقال هذا المصدر في تصريح اوردته وكالة «انترفاكس» الروسية «يجب عدم مناقشة (الوضع في) سوريا في مجلس الامن، انه أمر بديهي». وأضاف هذا المسؤول ان «المعارضة السورية مسؤولة عن العنف، لذلك فإن الوضع ليس كما هو في ليبيا حيث تحرك القوات الحكومية أدى الى تصعيد المواجهات». واعتبر الدبلوماسي الروسي «هناك (في سوريا) الوضع مختلف تماما: المعارضة ليست سلمية منذ البداية». وقال مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير لي بيدونغ إن «الدول الغربية لن يكون بإمكانها تكرار ما حدث مع ليبيا مرة اخرى».
وأعلنت السفارة السورية في واشنطن أن الصحافية في قناة «الجزيرة» دوروثي بارفيز التي تحمل الجنـــسيات الأمــــيركية والكندية والإيرانية والتي فُقد الاتصال معها في سوريا نهاية نيسان الماضي، طُردت إلى إيران في الأول من أيار الحالي.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد