تونـس: الجبـالـي يشكـل الحكـومـة خـلال أيـام
كلف الرئيس التونسي الجديد منصف المرزوقي أمس، كما هو متفق عليه سابقاً، الامين العام لحزب «النهضة» الاسلامي حمادي الجبالي بتشكيل الحكومة، ووعد هذا الأخير بتشكيلها سريعاً للتصدي لظرف اقتصادي واجتماعي صعب.
وجاء في بيان للرئاسة انه «عملاً بأحكام الفقرة الاولى من الفصل 14 من القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم الموقت للسلطة العمومية، قرر رئيس الجمهورية السيد محمد المنصف المرزوقي تكليف السيد حمادي الجبالي بتشكيل الحكومة باعتباره مرشح الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي». وتنص احكام القانون على وجوب ان ينتهي رئيس الحكومة المكلف من تشكيل الحكومة في اجل اقصاه 21 يوماً من تاريخ التكليف، غير أن الكثير من المصادر تشير الى ان الحكومة سترى النور قريباً.
وقالت مصادر سياسية إن تشكيلة الحكومة «لا تزال موضع تشاور» بين الائتلاف الثلاثي صاحب الغالبية في المجلس التأسيسي والمكون من «النهضة» وحزب «المؤتمر» وحزب «التكتل». وتعرض الحكومة بعد استكمال تشكيلها على المجلس الوطني التأسيسي لنيل الثقة. وبحسب «القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم الموقت للسلطة العمومية» في تونس الذي صادق عليه المجلس التأسيسي نهاية الاسبوع الماضي، فإن رئيس الوزراء مكلف بالسلطات التنفيذية التي لا تدخل في اختصاص رئيس الجمهورية وبرئاسة مجلس الوزراء ومن ابرز مهامه إحداث وتغيير والغاء الوزارات وتحديد صلاحياتها وايضاً تعديل المؤسسات والمؤسسات العامة وتعيين كبار الموظفين المدنيين بالتشاور مع الوزير المعني ومجلس الوزراء.
ويمكن التصويت على سحب الثقة من الحكومة او احد الوزراء بعد طلب معلل يقدم لرئيس المجلس الوطني التأسيسي من ثلث الاعضاء على الاقل. ويشترط لسحب الثقة موافقة الغالبية المطلقة (50 بالمئة زائدا واحدا) من أعضاء المجلس، بحسب الفصل 18 من القانون. وأكد الجبالي انه سيشكل الحكومة التونسية الجديدة «بأسرع ما يمكن حتى تكون في خدمة الشعب»، بحسب تصريحات اوردتها وكالة الانباء الحكومية، فيما أكدت مصادر من التحالف الثلاثي الأغلبي أن تشكيلة الحكومة ستعلن قبل نهاية الأسبوع الحالي.
وولد الجبالي المسؤول الثاني في «النهضة» التي يرأسها راشد الغنوشي، في العام 1949 في سوسة في منطقة الساحل الشرقي التونسي التي سبق وان انجبت لتونس رئيسين حكماها منذ استقلالها في العام 1956 حتى العام 2011. وهو مهندس متخصص في الطاقة الشمسية وصحافي سابق واحد مؤسسي «حركة الاتجاه الاسلامي» في العام 1981 التي تحولت في العام 1989 الى «حركة النهضة». ويعتبر من قيادات الصف الاول التاريخية وكان قاد خصوصاً مع علي العريض المواجهة مع نظام الحبيب بورقيبة في العام 1986.
وتولى الجبالي رئاسة تحرير صحيفة «الفجر» لسان «النهضة» وحكم عليه بالسجن لمدة سنة في العام 1991 بداعي التشهير. وبعد عام من ذلك وفي أوج قمع نظام بن علي للاسلاميين حكم عليه بالسجن 16 عاماً أمضى فترة طويلة منها في السجن الانفرادي قبل صدور العفو عنه في العام 2006.
ويصف رئيس تحرير صحيفة «لابراس» الحكومية التونسية سفيان بن فرحات، الجبالي بأنه «رجل يملك شبكة واسعة من العلاقات». وعززت تصريحات للجبالي بعد الانتخابات في تجمع شعبي في سوسة بشأن «خلافة سادسة»، مخاوف خصوم «النهضة» الذين ينددون بـ «ازدواجية الخطاب» الإسلامي الذي يعلن غير ما يضمر. لكن الجبالي يعتبر «ضمن التيار الإصلاحي للنهضة التي هي حزب تتنازعه العديد من التيارات»، بحسب بن فرحات.
وكان الجبالي زار واشنطن بعد الثورة التونسية مع اثنين من القيادات «العصرية» للحركة هما المحاميان نور الدين البحيري وسمير ديلو وهما عضوان في المكتب السياسي لـ«النهضة». وبحسب الصحافة التونسية فإن المسؤولين الثلاثة اجروا اتصالات «على اعلى مستوى» مع المسؤولين الاميركيين ووجهوا رسالة مطمئنة. وقال مصدر دبلوماسي غربي في تونس عن الجبالي «انه معروف جيداً لدى الاميركيين»، مضيفا ان هذا المسؤول الاسلامي «لفت انتباهه بشدة» في احد اللقاءات. واضاف «انه هادئ جدا وواثق جدا من نفسه ولديه خطاب متماسك جدا. لكنه ليس من الحمائم لقد طبع بسنوات سجنه الطويلة». ويقول بن فرحات «إنه محاط بهالة من الغموض بسبب ماضيه».
وكان الجبالي صرح لصحيفة «لوموند» الفرنسية قبيل انتخابات 23 تشرين الاول الماضي بأنه «اذا فزنا بالانتخابات فلن تكون تونس دولة إسلامية (الحكم) بل ستكون دولة ديموقراطية»، مكرراً ان النهضة «حزب سياسي مدني وليست حزبا ثيوقراطيا».
إلى ذلك، هنأ الملك المغربي محمد السادس في اتصال هاتفي الرئيس التونسي منصف المرزوقي وتمنى له «كامل التوفيق في مهامه السامية»، كما هنأ الرئيس التركي عبد الله غول المرزوقي. وأكد في برقية تهنئة وجهها للرئيس التونسي الجديد انه «على يقين بأن المسار الانتقالي في تونس سيتوّج بالنجاح في ظل قيادة منصف المرزوقي». وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة هنأ المرزوقي اثر انتخابه، واعرب بوتفليقة في برقية تهنئة الى المرزوقي عن «العزم الراسخ على تعزيز عرى الاخوة الوثيقة وعلاقات التعاون المتميزة القائمة بين بلدينا».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد