طلاب جزائريون يقتلون صديقهم على طريقة مسلسل «ساو»
القصة شبيهة بفيلم رعب يعرضه التلفزيون. أبطالها شباب في مقتبل العمر، «استلهموا» فكرتهم في الانقضاض على ضحيتهم من أخطر سلسلة رعب أميركية تحمل عنوان «ساو». اختاروا الضحية عبر «فايسبوك» وأقاموا معها صداقة انتهت بعد ستة أشهر بجريمة قتل بشعة عرت واقع شباب جزائريين كان همهم الوحيد الحصول على أموال الضحية وتنفيذ مشاهد من المسلسل التلفزيوني على أرض الواقع وبدم بارد.
تفاصيل هذه القصة الأولى من نوعها في المجتمع الجزائري بدأت نهاية أيار (مايو) الماضي عندما تعرف موظف في شركة تأمين جزائرية يبلغ من العمر 39 عاماً على ثلاث شبان تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة، عبر «فايسبوك». وتوطدت علاقة الشبان به إلى حد أنهم زاروه في منزله في منطقة بواسماعيل في ولاية تيبازة (40 كلم عن العاصمة الجزائرية) وراحـــوا يترددون عليه مراراً حتى باتوا يملكون حتى مفاتيح شقة صديقهم الذي يسكن وحده ويعمل ليل نهار لتأمين تكاليف عرسه في الصيف المقبل.
لكن الشبان الثلاثة تأثروا بأفلام الرعب والعنف التي يشاهدونها، وخصوصاً سلسلة «ساو» الأميركية، ما جعلهم ينفذون إحدى حلقاتها للاستيلاء على أموال الضحية بعد كسب ثقتها.
وكانت الشرطة القضائية وصلت إلى مسرح الجريمة بعد شكاوى قدمها الجيران بأن رائحة كريهة تنبعث من أحد المنازل في الحي وقالوا إن الجار لم يظهر منذ أسبوع كامل بينما سيارته مركونة أمام العمارة. ولدى اقتحام الشقة فوجئ رجال الشرطة بمشهد مخيف وبشع لجثة ملقاة على الأرض في حال تعفن متقدم. كان وجه الضحية مغطى بكيس بلاستيكي وفوقه وسادة. وتفنن المجرمون في جريمتهم فتركوا توقيعهم على الجثة، إذ دوّنوا على الوسادة عنوان مسلسلهم المفضل «ساو» باستعمال صلصة الطماطم!
وبعد عمليات التحري التي قامت بها الشرطة مع الجيران والاستفسار عن المترددين على المنزل، اكتشفوا سرقة أشياء مثل جهاز الكومبيوتر المحمول ومبلغ 13 ألف دينار وهاتفين نقالين، إضافة إلى البطاقة الرمادية (الخاصة بهوية السيارة والبطاقة التقنية لها) ومفتاح السيارة.
وكان الشبان يخططون للعودة لاحقاً لسرقة السيارة بعد أن تهدأ الأمور، لكن المحققين توقعوا ذلك ووضعوا خطة محكمة للإيقاع بالجناة. وبالفعل بعد ستة أشهر من الجريمة رجع اثنان من الشباب لأخذ السيارة وكان معهم شخص آخر فتمكن عناصر الشرطة من إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم. وطاول التحقيق 18 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة وجميعهم طلاب في المرحلة الثانوية، فيما اعتقل المنفذون.
واعترف الجناة الذين بدوا في حال طبيعية جداً أثناء التحقيق معهم بتنفيذهم الجريمة والتفنن في قتل الضحية، فأكدوا أنهم تعرفوا إليه من طريق «فايسبوك» منذ أكثر من سنة ونصف السنة عندما كان يعمل في ولاية تمنراست قبل تحويله إلى العاصمة. ومنذ استئجاره المنزل في بواسماعيل اعتادوا زيارته في شكل دائم. وفي يوم الجريمة جاؤوا نهاراً بسيارة أجرة وقرروا قتله للاستيلاء على أمواله وسيارته، فتكفل اثنان منهم بمراقبة المحيط فيما دخل اثنان آخران. واعترف الشبان بأنهم دخلوا مع الضحية في شجار، فقام أحدهم بضربه على رأسه.
وعندما سقط أحضر القاتل الرئيسي (18 سنة) سلكاً كهربائيا ولفّه على رقبة الضحية حتى لفظ أنفاسه. لكن اللافت أن الجناة وفيما هم يدلون بأقوالهم لدى المحكمة، أكدوا أنهم بقوا يستمتعون بالنظر إلى الضحية وهو يلفظ أنفاسه، وبعد أن توقف عن الحركة بقيت عيناه مفتوحتين، وهو ما دفع القاتل الرئيسي إلى إحضار كيس ولفه على رأس الضحية ووضع فوقه وسادة وترك توقيعهم على الجريمة وكتابة «ساو» باستعمال صلصة الطماطم، فيما كتب المجرم الرئيسي عنوان حسابه الإلكتروني على شبكة «فايسبوك».
وتقول المختصة في علم الاجتماع كريمة مكتاف أن مظاهر العنف تزايدت في أوساط الشباب الجزائري وخصوصاً مع التأثير الصارخ لدراما العنف في الأفلام.
وربطت مكتاف ما يشاهده الشباب في المسلسلات والأفلام العنيفة وما يحدث في الواقع حيث تصور الدراما أصحابها بأنهم أبطال.
وقالت مكتاف: «بدأ العنف يتخذ منحى جديداً في الجزائر وله أسباب عدة ولكنه مرتبط أساسا بما يتلقاه الشاب يومياً من معلومات وثقافة عامة، ومما تنشره وسائل الإعلام، وخصوصاً التلفزيون، من سموم عبر مسلسلات عدة غزت البيوت وسيطرت على العقول والسلوكيات اليومية».
ولفتت إلى أن الجزائر عرفت فترة قاسية بسبب الأزمة الأمنية التي خلقت بدورها كبتاً قوياً تراكم مع الوقت وتحول إلى مظاهر عدائية وصور مختلفة من العنف الممارس على أرض الواقع.
وأكدت الدكتورة سامية بن عبد الرحمن المختصة في علم النفس التربوي أن المسلسلات الدرامية تحاول تصوير ممارسة العنف على أنه نجاح وقهر للآخر وتعززه بصفته أمراً صحيحاً ومقبولاً من باب أن «الخطأ إذا شاع أصبح قاعدة».
فتيحة زماموش
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد