فتيات الصومال وحلم الزواج بالقراصنة
لم يعد القراصنة الصوماليون ظاهرة تؤرق العالم بسبب تدخلهم في الملاحة الدولية ومسار السفن فحسب، بل صاروا مشكلة اجتماعية صومالية داخلية أيضا. فعمليات القرصنة، التي يقوم بها هؤلاء تكسبهم أموالا طائلة، وخصوصا المبالغ التي يحصلون عليها من خلال الفدية التي يدفعها ذوو الرهائن الذين يحتجزونهم من السفن المختطفة. وأخذ تأثير هذه الأموال يظهر على حياة القراصنة إذ باتوا يعيشون حياة نعيم ويسكنون في أغلى الفنادق ويتزوجون بأجمل الفتيات الصغيرات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18و25 عاما. وصار القراصنة يقيمون حفلات زواج فاخرة، الأمر الذي يثير إعجاب كثير من الفتيات الصوماليات اللواتي يعتبرن الزواج بقرصان «جنة الدنيا».
لا يتعامل القراصنة مباشرة مع الفتيات اللواتي يرغبون في الزواج بهن وإنما هناك وسطاء بين الطرفين. فمثلا عندما يرغب قرصان في الزواج يطلب من أحد معارفه أن يرسل له صور أجمل الفتيات في المدينة التي يعيش فيها ليختار واحدة منهن شريكة لحياته. ليس هذا فحسب، بل تطير الفتاة نفسها فرحا بمجرد معرفتها بأن الاختيار وقع عليها وأنها مقبلة على نمط حياة جديد.
ويقول إسماعيل، أحد الوسطاء بين القراصنة وفتيات صوماليات: «لا يرى بعضهم البعض ولا يوجد هناك اتفاق مسبق. العملية تبدأ بأن يطلب القرصان صورة فتيات جميلات، وعندما يعجب بواحدة يتزوج بها فورا». وبعد ثلاثة أو أربعة شهور لا تطيب العلاقة بين الطرفين ويدب الخلاف بينهما حيث ينتهي هذا الخلاف أخيرا إلى الانفصال.
ويتزايد عدد الفتيات اللواتي يرغبن في الزواج بالقراصنة في الآونة الأخيرة للحصول على نصيب مما يتلقونه أثناء عمليات اختطاف السفن الدولية التي تستخدم السواحل الصومالية. ولا تخفي «منى»، التي لم تتجاوز العشرين من العمر، رغبتها في الزواج بقرصان قائلة «إذا تزوجت بفقير لا يستطيع أن يفعل لي شيئا». وتضيف بثقة بالنفس «الشباب عاطلون عن العمل ولا يقدرون على تحمل أعباء الأسرة لذلك لا أرى مشكلة في البحث عن بديل». ولم يحالف «منى» الحظ حتى الآن للعيش في الفيلات الجميلة التي يملكها القراصنة إلا أنها لا تزال تنتظر دورها وتقول مبتسمة «لم تتح لي فرصة الزواج بقرصان، سأوافق على أي عرض يأتيني من أي واحد منهم».
أما فائزة فوضعها مختلف، فقد عاشت زوجة لقرصان مدة ستة أشهر. وتفضح فائزة أسرار القراصنة تجاه الزواج قائلة: «لا يريدون حياة زوجية حقيقية بل يريدون التنوع والزواج بكل الفتيات». وتتحدث فائزة عن كيفية بدء علاقتها مع القراصنة بالقول: «تعرفت الى أحدهم بالصدفة ولم أكن أظن أنه قرصان، لكن عندما علمت بهذا الأمر فرحت كثيرا لأنني سمعت أن القراصنة يكسبون أموالا كثيرة». وانقلب الأمر على فائزة عندما طلقها زوجها القرصان لأتفه الأسباب بعد ستة شهور من زواجهما الفاخر الذي أقيم في احد الفنادق الراقية في بونت لاند شمالي الصومال.
وتوجه فائزة نصيحة إلى الفتيات اللواتي يحلمن بالزواج بالقراصنة قائلة: «أنا عدت إلى بيتي من دون أن أحصل على الأموال وفترة زواجي كانت قصيرة جدا ولم أستفد شيئا. لذلك أنا أنصح مثيلاتي بعدم الزواج من القراصنة لأنهم ليسوا جيدين وأنا عرفتهم من خلال العشرة معهم».
أما الشباب الصومالي فيعاني كثيرا من هذه الظاهرة التي أدت إلى ارتفاع تكاليف الزواج بالنسبة اليهم، خصوصا بعد تفضيل الفتيات الزواج بالقراصنة.
وفي هذا السياق، يؤكد الشاب إبراهيم شريف (25) قائلا: «نحن أيضا ضحايا القراصنة لأن لديهم أموالا كثيرة، وبالتالي بمقدورهم الزواج بسهولة ويسر ومن أجمل الفتيات». ويعتقد الشاب الصومالي أن إنهاء ظاهرة القرصنة في الصومال تنهي كل شيء وتعيد المياه إلي مجراها معللا ذلك بالقول: «في حال إنهاء عمليات القرصنة لا أحد يرغب في الانضمام إلى هؤلاء الرجال وستزول رغبة الفتيات في الزواج بهم».
(دويتشيه فيله)
إضافة تعليق جديد