سعوديات يخرقن القيود القبلية بالرياضة
تعلو أصوات الدعوة إلى صلاة المغرب في كل أرجاء الرياض فيسرع كثيرون إلى أداء فريضة الصلاة. أما هنّ، فينشغلن بتناول غزل البنات والمثلجات على وقع هتافاتهن الصارخة.
سجّل فريق كرة القدم المفضل لديهنّ هدفاً جديدا للتو. «نعم! نعم! نعم!»... يصرخن باللغة الإنكليزية، ويقفزن صعوداً وهبوطا في تشجيع لفريق «التحدي» الأصفر.
في الواقع يتخطى الانتصار الذي عاشته السعوديات المشجعات الهدف المسجّل: فمن يشارك في البطولة طالبات جامعيات، وهي حالة نادرة في المجتمع السعودي الذي يسيطر عليه الرجال وتبقى فيه النساء في مكانهنّ التقليدي... في الخلف.
اللاعبات «المتمردات»، ومن بينهنّ طبيبات ومحاميات ومصرفيات، جزء من مجموعة صغيرة ولكن متنامية، تحاول تحدي قيود المجتمع. وفي وقت يضطررن إلى ممارسة ألعابهن الرياضية المفضلة في السر حيث لا يتابعها الذكور ولا حتى الآباء يظهر ان اتجاههنّ يستقطب زخماً متنامياً دفاعاً عن حقوق المرأة.
بهذه الطريقة، تحاول السعوديات تعزيز قدراتهن ليس على مستوى اللعبة فحسب بل أيضا في المدارس والمجتمع ومكان العمل، من دون أن يتجاهلن ضرورة تعزيز منطق العمل الجماعي في بلد تحتاج مؤسساته إلى التطوير.
«الرياضة نافذة صغيرة في جدار التغيير»، وفقا للمياء عبد الكريم، سيدة أعمال سعودية ساهمت في الآونة الأخيرة في إطلاق برنامج كرة قدم جديد للفتيات. ربما هذا ما تعبّر عنه الفارسة دالما ملحس، التي قد تصبح أول امرأة سعودية تشارك في الألعاب الاولمبية. وبما أنها ولدت في الولايات المتحدة وتدربت في أوروبا، فيفترض ان يكون انتصارها رمزياً. لكن هدير صدقة، اللاعبة في فريق جدة لكرة السلة، تقول إنها «في نهاية المطاف إمرأة سعودية وتمثل المملكة».
في الواقع، تعد السعودية من بين البلدان الثلاثة الوحيدة في العالم التي لم تشرك المرأة يوماً في الوفود الاولمبية، وهذا ما يرجح ألاّ يتغير في القريب المنظور. فإذا شاركت ملحس في ألعاب لندن هذا الصيف، فستكون مدعوة شخصياً، وبشكل فردي، من قبل اللجنة الدولية للأولمبياد، لا كعضو في البعثة السعودية المشاركة. ولا يبدو جديداً على ملحس مثل هذا الإجراء خصوصا أنها شاركت في الألعاب الاولمبية للشباب في العام 2010 في ظل ظروف مماثلة وفازت بالميدالية البرونزية.
لماذا هذا التضييق؟ لا يتردد العضو في هيئة كبار العلماء في المملكة الشيخ عبد الكريم الخضير، في وصف الدفع باتجاه قيام نواد رياضية للنساء بـ«الخطوات الشيطانية»، وفقا لتقرير «هيومن رايتس ووتش»، فضلا عن اعتبار مشاركة المرأة في الرياضة محاولة لضرب معايير المجتمع السعودي (اللباس الضيق والاختلاط بين الجنسين). ويوجز تقرير المنظمة بيانا صدر عن رجال الدين في آذار العام 2010، وخلص إلى أن المشاركة في الألعاب الرياضية هي «من أعظم أدوات مشروع إفساد المرأة»!
تقاليد راسخة في هذا المجتمع القبلي، تضاف إلى افتقار كل المدارس الحكومية إلى التربية البدنية أو الرياضية الخاصة بالبنات، فضلا عن عدم إعطاء تراخيص تجارية لإنشاء صالات رياضية للإناث، إلا إذا ارتبطت بالمراكز الصحية والمستشفيات، الأمر الذي يبرر ارتفاع معدلات البدانة بشكل غير متناسب بين السعوديات.
الحراك النسائي الرياضي قائم في السعودية، من الفروسية إلى كرة السلة وكرة القدم. وإذا كان النشاط الحالي في خدمة وضع أساسات اللعبة الرياضية، فمن المرجح ان تُقدم هذه اللعبة الى الجيل النسائي المقبل على طبق من فضة.
السفير (عن «كريستيان ساينس مونيتور» بتصرّف)
إضافة تعليق جديد