موسكو ترسل شحنة طائرات وتؤكد أن النظام العالمي تحدّده التسوية في سوريا
استفاضت التصريحات الروسية أمس، في التأكيد على موقف موسكو من رفض أي خطة لسوريا تشترط التنحية المسبقة للرئيس بشار الأسد، على أساس ان الانتخابات الأخيرة في سوريا أثبتت أن نصف السوريين صوّتوا للأسد وسياسته. كما كان لافتا الموقف الروسي القائل إن نتيجة الازمة السورية، ستحدّد شكل «النظام العالمي» المقبل.
لكن انشقاق طيار سوري مع طائرته الروسية الصنع وفراره إلى الأردن الذي منحه اللجوء السياسي، غذيا الخطاب الاميركي الذي استفاد من هذا التطور اللافت ليدعو الجيش السوري إلى التمرد، مهددا عناصره ضمنيا بملاحقات مستقبلية اذا ظلوا على ولائهم. أما دمشق فاعتبرت الطيار «خائنا» وطالبت السلطات الاردنية باستعادة الطائرة.
كما قالت مصادر ان تشكيلة الحكومة السورية الجديدة ستعلن خلال اليومين المقبلين، وستضم قدري جميل نائبا لرئيس الحكومة، وعلي حيدر وزيرا لشؤون المصالحة الوطنية.
وبينما يعقد المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان مؤتمر صحافيا مشتركا اليوم مع رئيس بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا الجنرال روبرت مود، بحسب ما اكدت الامم المتحدة .
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أجرى اتصالا هاتفيا مع المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا كوفي أنان، خلال لقاء مع اذاعة «صدى موسكو» إنه «من الواضح ان الآلية التي تنص، قبل ان يحدث اي شيء من حيث وقف العنف، على رحيل الرئيس الاسد، منذ البداية غير قابلة للتنفيذ، لانه لن يذهب، اذ كيفما كان الموقف من الانتخابات الماضية، فقد انتخب نصف السوريين على الاقل ـ وهم الذين لاسباب مختلفة يربطون به (الاسد) مستقبلهم وامنهم ـ الاسد وشخصه وحزبه وسياسته».
وشدد لافروف على «انهم (السوريين) يتخوفون من مجيء متطرفين اسلاميين الى السلطة.. ومصير العلويين والدروز والاكراد والمسيحيين بالاخص يقلقنا». واعتبر لافروف ان الاسد لن يجلس بنفسه الى طاولة المفاوضات مع المعارضة قائلا: «لا اعتقد ان الاسد سيجلس بنفسه الى طاولة المفاوضات، اذ انه في شباط الماضي، حين زرت مع مدير هيئة الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف دمشق، قال انه فوض نائبه فاروق الشرع اجراء اتصالات من اي نوع مع المعارضة وحـول اي مسائل»، مضيفا انه «لم يتم سحب هذا التفويض، اذ اكد لنا السوريون مجددا هذا منذ فترة قريبة».
واشار الى «ان غالبية المجموعات المعارضة (السورية) التي نتصل بها، قالت لنا ان هذه الشخصية (الشرع) مقبولة لهم ايضا لذا لا ارى هنا اي تعارضات». ونوه لافروف بأن «ما نجري الآن حوله نقاشا مع شركائنا الغربيين والاقليميين هو حول كيفية تفعيل العامل الخارجي لانهاء الازمة، فذلك موقف واقعي (قاصدا المؤتمر الدولي حول سوريا الذي دعت إليه روسيا)، وان كان لا يضمن نجاحا كاملا، الا انه يشكل فرصة واقعية تقدر ان تأتي بنتيجة».
وعلق الوزير الروسي على اجتماع مجموعة الاتصال المقرر انعقاده في في جنيف في 30 حزيران الحالي، قائلا إنه يجب ان تشارك في المؤتمر دول عربية محورية مثل السعودية وقطر، وكذلك ايران.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش «من الواضح تماما أن الوضع السوري مرتبط بأسس النظام العالمي المستقبلي، وكيفية تسوية الوضع في سوريا ستحدد إلى حد كبير كيف سيكون هيكل نظام الأمن الدولي الجديد والوضع في العالم عموما». وقال المتحدث الروسي إن وزارة الخارجية الروسية تنصح الروس بعدم السفر إلى سوريا للسياحة أو لأي غرض آخر.
وأعلن لوكاشيفيتش أن السفينة التي ارغمت على العودة الى روسيا، قبالة سواحل اسكتلندا تنقل فعلا مروحيات وسترفع العلم الروسي لتجنب اعتراضها خلال توجهها الى سوريا. وقال ان «سفينة الشحن ابحرت في 11 حزيران الماضي وتنقل خصوصا مروحيات من نوع ام-25 تعود ملكيتها للجانب السوري ومن المفترض تسليمها الى سوريا بعد اعمال اصلاح».
في المقابل، ذكرت تقارير صحافية ان بريطانيا والولايات المتحدة ناقشتا عرضا يمكن تقديمه للاسد يمنحه الحصانة من الملاحقة القضائية اذا ما تنحى في اطار اتفاق حول اجراء عملية انتقال سياسي. وردا على ما جاء في تقارير الصحف البريطانية نقلا عن مسؤولين في الحكومة البريطانية لم تكشف عن هوياتهم، قالت وزارة الخارجية البريطانية انه «لا يوجد عرض جديد» مطروح على الطاولة.
وقالت صحيفة «الغارديان» ان مناقشة هذه المبادرة المحتملة جاءت بعد ان تلقى الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تشجيعا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محادثات في قمة مجموعة العشرين التي جرت في المكسيك.
وفر قائد مقاتلة سورية من طراز «ميغ 21» بطائرته عبر الحدود إلى الأردن وحصل على اللجوء السياسي في اول عملية فرار بطائرة من سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات. وقال مسؤولون ان الطيار هبط بالطائرة في قاعدة الملك حسين الجوية العسكرية على بعد 80 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من عمان وطلب اللجوء السياسي. وقال وزير الدولة الأردني للإعلام سميح المعايطة إن بلاده منحت حق اللجوء السياسي للطيار السوري.
وقال التلفزيون الحكومي السوري ان الطيار المنشق هو العقيد حسن الحمادة. وقال ان الاتصال انقطع مع طائرته عندما كان في مهمة تدريب قرب الحدود مع الاردن. وقال بيان صادر عن الوزارة إنها «تعتبر الطيار المذكور فارا من الخدمة وخائنا لوطنه ولشرفه العسكري وستتخذ بحقه العقوبات التي تترتب على مثل هذه الأعمال بموجب الأنظمة والقوانين العسكرية المتبعة.» وتابع البيان الذي نشرته وكالة الأنباء العربية السورية «يتم التواصل مع الجهات المختصة في الأردن من أجل ترتيب استعادة الطائرة».
وقالت مصادر في المعارضة ان الحمادة (44 عاما) من محافظة ادلب وانه قام بتهريب أسرته إلى تركيا قبل انشقاقه. وقال نشطاء معارضون تحدثوا إلى اسرته ان بلدته كفر تخاريم تعرضت لهجمات متكررة على مدار الاشهر الماضية وعانت من قصف مكثف بالمدفعية والمروحيات في الايام القليلة الماضية.
في المقابل، قال السفير الاميركي في سوريا روبرت فورد ان الولايات المتحدة ترى «دورا ثمينا ومهما» للجيش السوري في مستقبل سوريا ديموقراطية. واضاف «لسوء الحظ فان معظم عناصر الجيش السوري يتصرفون كقوة رئيسية في زعزعة الاستقرار». وقال انه اضافة الى ذلك فإن «عناصر رئيسية محددة» في الجيش لعبت في اوقات كثيرة دورا كبيرا في «حملة التعذيب والرعب التي يقوم بها الاسد»، واضاف انهم كذلك «دعموا مجازر الشبيحة في مدن الحفة والحولة».
واضاف فورد ان على الضباط والجنود ان «يختاروا: هل يريدون تعريض انفسهم للمقاضاة الجنائية بدعمهم الاعمال الهمجية التي يقوم بها نظام الاسد، ام هل يريدون المساعدة على الحفاظ على دور الجيش المحترف في سوريا ديموقراطية عن طريق دعمهم الانتقال الى ديموقراطية شاملة ومتسامحة تمثل الجميع وتحترم حقوق الانسان والمعاملة المتساوية والعادلة لجميع شرائح الشعب السوري؟». واشار فورد الى دعم واشنطن للمحكمة الدولية التي تنظر في قضايا في نزاعات البلقان وقال «نحن مستعدون ان نفعل نفس الشيء بالنسبة لسوريا».
وبينما طالب روسيا بالتوقف عن تسليح سوريا، أعلن نائب الامين العام للجامعة العربية احمد بن حلي ان الجامعة العربية طلبت تعزيز مهمة كوفي انان، مبعوثها المشترك مع الامم المتحدة الى سوريا، بشكل يتيح للاسرة الدولية «التأكد» من ان اطراف النزاع في هذا البلد تطبق خطة السلام. واضاف «لكن من اجل تطبيق هذه الخطة، يجب القيام بخطوة جديدة من قبل مجلس الامن، وقد يكون ذلك عبر تعزيز الضغط على النظام السوري». واعتبر ان على مجلس الامن الدولي «عاجلا ام آجلا» ان يلجأ، كما ترغب الولايات المتحدة وفرنسا خصوصا، الى الفصل السابع.
وعبر بن حلي من جهة ثانية عن «تأييده» حضور ايران اجتماع مجموعة الاتصال حول سوريا في جنيف، مشيرا في الوقت نفسه الى ان مشاركة طهران لا تزال في مرحلة التباحث، بينما أوضح الامين العام للجامعة نبيل العربي ان أهمية اجتماع جنيف تكمن في تميزه بمشاركة القوى الخمس الكبرى. كما كشف العربي عن بدء الاجتماعات التحضيرية لعقد مؤتمر موسع للمعارضة السورية في القاهرة يومي الثاني والثالث من تموز المقبل.
وكالات
إضافة تعليق جديد