القصة الكاملة لمجزرة عقرب
مقدمة:
بيانات بعض القوى المعارضة للنظام السوري قالت إن قصف النظام تسبب بمقتل عائلات علوية، ثم نشرت رواية أخرى وهي أن "شبيحة" ارتكبوا المجزرة في عقرب عندما اعتقلوا عائلاتهم وقاموا بقتلهم، لكي يتهموا المعارضة بـ"قتل العلويين"، كما جاء في تصريحات بعض نشطاء قوى المعارضة المذكورة. شهادة سيدة من القرية اسمها "أم أيهم" قالت إن بعض الآباء قتلوا زوجاتهم وبناتهم لكي لا يقعوا في يد المعارضة، وهي شهادة مناقضة لما أدلت به قوى المعارضة المذكورة أعلاه. كما أن جميع الشهادات والأشرطة لم تتطرق إلى مرحلتي ما قبل وما بعد وجود العائلات العلوية في الاحتجاز أو الحصار.
وكانت جماعات مسلحة تابعة للمعارضة أعلنت قبل وقوع المجزرة بأيام، وتحديدا يوم 6 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت "تحرير قرية عقرب".
التحقيق الصحفي حول مجزرة عقرب
مصادر التحقيق: اتصالات مع ناشطين محليين من منطقة ريف حماة.
الجو العام في المنطقة قبل وقوع المجزرة:
كانت قرية عقرب تعاني من أجواء متوترة بسبب توسطها بين تلدو (السنية) وبعرين (العلوية)، وقد تلقى علويو المنطقة تهديدات وعانوا من استهدافات متكررة، وكانت قرية العزيزية في الغاب تعرضت لعدة هجمات ولكن سكانها نجحوا في التصدي لها، بعد مؤازرة من القرى المجاورة، والكثير من أهالي العزيزية نزح عنها بعد تهديدات من قرى مجاورة، ولكن القسم الأكبر منهم عاد إليها بعد أن نظموا عملية الدفاع الذاتي عن أنفسهم. الجيش لا يقوم بحماية جدية للسكان في مناطق التوتر الطائفي.
بالنسبة للمسلمين السنة في القرية فهم من التركمان، مثلها مثل تلدو وبعض القرى الساخنة الأخرى في محيط حمص. علما أن هذه القرى كان فيها فرق لحزب البعث، ولكن مؤخرا نشطت الأعمال التي تؤكد هويتهم التركمانية.
تجاور "عقرب" قرية بعرين (العلوية) وهناك نمط من التفاعل الحذر بين القريتين، وكان مسلحون في تلك المناطق ينظرون إلى القريتين على أنهما "الثغور"، ولم يكن بينهما الكثير من الاحتكاك، إلا ما تفرضه طبيعة خطوط النقل بين مصياف وحمص، حيث يمبر خط النقل الرئيسي في بعرين - عقرب - تلدو ... وهكذا إلى حمص. وهذا الطريق لايعبره إلا السنة، وهو مقطوع بين القريتين (بعرين وعقرب) بسبب استهداف العابرين على أساس طائفي. وقد حصلت حالات عديدة قتل فيها أشخاص مدنيون علويون على ذلك الطريق. ويسلك الناس طريقاً آخر يمر بقرى مسيحية ومرشدية وعلوية عبر القبو إلى مصياف إلى قرى الغاب العلوية والمسيحية والمرشدية والسنية الموالية.
ليس هناك زواج مختلط بين السنة والعلويين في القرية بالعدد الذي يشكل ظاهرة، هناك حالات قليلة جدا، كما ان التعاملات التجارية محدودة أيضاً.
هكذا حصلت المجزرة
حصل هجوم لمسلحين، يصنفون أنفسهم على المعارضة للنظام السوري، من جهة تلدو، نحو قرية عقرب حيث استهدفوا حاجز اللجان الشعبية (وفق التسمية الرسمية والشبيحة وفق تسمية المعارضة) علما أن اللجان الشعبية تضم مواطنين من عقرب من العلويين والسنة.
وكان أهل عقرب قد قاوموا ضغوطا كبيرة من أجل الانضمام للمسلحين، كما قاوموا ضغوطا كبيرة أيضا طلبت منهم طرد العلويين في عقرب نفسها وهم عدة عائلات يقارب عددهم ألف نسمة، وأكبر تلك العائلات هي عائلة "الجبيلي".
وبعد ذلك، ووفق شهادة بعض النازحين، هاجم المسلحون منازل العلويين الذين كانوا تجمعوا في منطقة محددة لتسهيل حمايتهم وخوفاً من اختطافهم، وحاصر المسلحون المكان، وطلبوا من الرجال الخروج من البناء، بقصد أسر النساء والاطفال.
يقول أحد النشطاء:طلب الناس، العلويون والسنة الموالون، نجدة الجيش. وعندما علم المسلحون بذلك بدأوا بذبح عدد من المحتجزين العلويين وكذلك عدد من السنة الذين حاولوا التوسط أو اعترضوا على القتل الطائفي، وقال أحد أبناء المنطقة إن محاميا من القرية اتصل بزملاء من القرى المجاورة وقال "من شان الله عملوا أي شي، المسلحين عم يذبحوا الناس هون. نحنا ماالنا علاقة وما بدنا الشي اللي عم يصير".
وأضاف: شعر العلويون أن المسلحين يريدون "سبي" النساء والاطفال لأغراض معروفة، وهناك منهم من فضل الموت على أن يحدث ذلك. وناقشوا موضوع الانتحار الجماعي لكي لا يقعوا بيد المسلحين لمعرفتهم بالأهوال والفظائع التي يرتكبونها بحق من يقع بأيديهم من العلويين.
قال أستاذ جامعي من أبناء المنطقة في وصف سياسي لما جرى: المهاجمون لم يتحملوا وجود قرية مختلطة مذهبياً لأن ذلك يشوش على مزاعمهم الطائفية.
وبدوره يقول ناشط يعمل في مجال الإغاثة في مدينة سلحب، إن "عدداً كبيرا من الضحايا سقطوا، كما أن المسلحين اختطفوا عدداً من العلويين والسنة الرافضين للعنف الطائفي بوصفهم من الرافضة أو الموالين للنظام".
وذكر الناشط، في اتصال هاتفي معه، أنه "يريد أن يوصل مشاهدته إلى منظمات حقوق الإنسان الدولية التي اتهمها بأنها تستقي معلوماتها من مصادر موالية للمعارضة أي من الجهة المتورطة في القتل، ولا تهتم بتقصي المعلومات من مصادر أهلية محلية أي من القتيل الذي سكت النظام نفسه عما جرى له، كما سكتت وسائل الإعلام من كل الجهات، لأن الضحايا اليوم علويون، وليس للعلويين من يكتب يدافع عنهم بعد أن "حاول" النظام في "أبلستهم" و"أَسرِهِم" - وقد نجح في ذلك إلى حد ما - ربما بالقدر الذي أرادته أو حاولته المعارضة، كما يقول الناشط.
وقد رجا ذلك الناشط في المجال الإنساني أن يتم النظر إلى العلويين كـ"أسرى" لدى الاطراف المتنازعة، طرف يسارع في قتلهم وآخر يقتلهم على مراحل. طرف يفتي بقتلهم وآخر يقتلهم من دون فتوى.
وبحسب ناشط ميداني في المنطقة "هناك تقديرات متفاوتة بأن (400-500) شخص من العلويين (خاصة من عائلة الجبيلي) ومن السنة الذين رفضوا الانضمام للعنف الطائفي، قُتلوا أو خطفوا في حادثة عقرب. وهناك تعتيم مريب من قبل مختلف وسائل الإعلام حول تلك الحادثة".
ناشط حقوقي آخر، ولكن من مدينة حمص وعمل في مجال المجتمع المدني، قال " لو كان في الحادثة شبهة مسؤولية من قبل النظام لكان اجتمع مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان ومنظمة التعاون الإسلامي وعدم الانحياز، ومجالس الافتاء، ومنظمات حقوق ووسائل الإعلام (الخ) لإدنة القتل. أما والضحايا علويون فلا يحدث ذلك. وهذا مما يدفع بشريحة من العلويين لرفض النظام والمعارضة معاً، لأن الطرفين يقامران بأرواح الأبرياء ويتاجران بدمائهم".
يتساءل الناس وخاصةً من أهالي الضحايا "لماذا لم يصدر أي مواقف من قبل منظمات الهلال والصليب الأحمر الدولي وأي منظمات أخرى بخصوص عمليات القتل الطائفي لمدنيين عزل". يقول ناشط من المنطقة ذاتها "من يريد أن يعرف المزيد من الحقائق عليه أن يأتي ويلتقي الناجين من المجزرة والهاربين من القرية والذين نزحوا إلى قرية (التاعونة) المجاورة لقرية عقرب".
تقرير مراسل القناة الرابعة البريطانية، وهو أول مراسل يدخل تلك تلك المنطقة، بعد حصول المجزرة، وقد التقى بعض الناجين من المجزرة
سيريا بوليتيك
إضافة تعليق جديد