براميرتز في دمشق ... والتسخين في لبنان
وصل سيرج براميرتز الى دمشق في الساعة العاشرة من صباح اليوم الثلاثاء، وقالت مصادر لـ " الجمل" أن رئيس لجنة التحقيق الدولية في عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري ، والذي ستنتهي زيارته اليوم، التقي الرئيس بشار الأسد، فيما تحدثت مصادر صحافية عن اجتماعه مع نائب الرئيس فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم. وقد أحيطت الزيارة بالتكتم الشديد.حيث نفت مصادر في منطقة الحدود السورية / اللبنانية علمها بدخول براميرتز الى الأراضي السورية، كما لم تذكر وسائل الإعلام السورية أية انباء عن الزيارة لغاية كتابة هذا الخبر .
وتعتبر هذه ثاني زيارة يقوم بها براميرتز الى دمشق منذ تعيينه رئيسا للجنة التحقيق الدولية خلفا للألماني ديتلف مليس. وكانت سوريا أبدت استعدادها للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، كما أعلنت في وقت سابق عن موافقتها على استقبال رئيس لجنة التحقيق براميرتز كأي ضيف على دمشق. وجاء ذلك لدى الحديث عن تحديد موعد للزيارة قبل نهاية شهر آذار الماضي، ومنذ بداية شهر نيسان ترددت شائعات كثيرة عن توقعات بموعد الزيارة، ما أعطى أنطباعاً أنها لن تتم ، إلى أن تمت اليوم، وكانت مصادر لبنانية ذكرت أن المستشار القانوني في وزارة الخارجية رياض الداودي التقى براميرتز في بيروت يوم أمس الأثنين، لترتيب جدول الزيارة.
كما كان لافتاً عودة ما عرف بـ "الشاهد الملك" محمد زهير الصديق الى الواجهة الإعلامية، قبل يومين من موعد الزيارة، عبر لقاءين حملا معلومات متناقضة، الأول نشرته جريدة "الديار" صباح يوم الأحد الماضي وتناول ما دار في اتصال هاتفي بين رئيس تحرير "الديار" شارل أيوب وبين محمد زهير صديق الذي أدلى بشهادته في التحقيق ثم هرب الى فرنسا، حيث تم اعتقاله لعدة أشهر ومن ثم الافراج عنه في ظروف ملتبسة وحيثيات غامضة، حيث رفضت فرنسا تسليمه للسلطات اللبنانية، وجاء في حوار "الديار" إعلان الصديق تراجعه عن الشهادة التي أدلى بها أمام لجنة التحقيق التي كان يرأسها الألماني ديتليف ميلس والتي تتهم مسؤولين سوريين بالضلوع في جريمة الإغتيال .
اللقاء الثاني كان حوار مع جريدة "الرأي العام" الكويتية، و كذّب فيه الصديق ما نقلته الديار عن لسانه، وأعاد اتهام مسؤولين سوريين والضباط اللبنانيين الأربعة الموقوفين، مضافاً اليهم أسم رئيس الحكومة السورية محمد ناجي عطري ، حيث ذكر الصديق أنه حاول تبليغه بالمعلومات المتوفرة لديه إلا أن عطري نصحه بالصمت ، ذاكراً كلاماً على لسانه يشير الى علمه بمنفذي الجريمة، ومما يثير الشك في صحة هذين الحوارين نشرهما في يوم واحد ، الأول صباحاً والثاني مساءً حيث لم تنتظر جريدة الرأي العام لنشره لغاية صباح اليوم الثاني وقامت بنشره بالاتفاق مع جريدة إيلاف الإلكترونية مساء الأحد ، الأمر الذي فسره مراقبون بأنه محاولة لتجديد "ورقة الشاهد الصديق" رغم احتراقها الكامل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن سير التحقيق بدأ يأخذ مسارات أخرى بعيدة عن مسار الشك بمسؤولية سوريا عن الجريمة، أي أنها محاولة أخيرة لإحياء ملف "الحقيقة" للضغط على سوريا، قبل أن تسقط نهائياً من الحسابات الدولية، في التعامل مع الملف اللبناني، ويشير المراقبون الى مؤشر آخر نضحت عنه زيارة رئيس الحكومة اللبنانية الى واشنطن، بعد يأسه من الحصول على موعد لزيارة سوريا ولقاء الرئيس الأسد، وأنه هناك في واشنطن ، طرح موضوع شبعا وتجريد سلاح المقاومة كأولوية ، فيما تراجعت المطالبة بمعرفة "الحقيقة" التي استمدت منها الشرعية قوى 14 آذار في احتلالها للأغلبية النيابية والتي ينطق بلسانها "السنيورة" .
وكانت تقارير صحفية سابقة أشارت الى احتمال قوي بخروج سوريا من دائرة الاتهام ، خاصة وأن براميرتز أثناء تقديم تقريره للأمم المتحدة قال أن التحقيق يجري بسرعة وقد قاربنا من التوصل الى نتيجة. وأن سورية تتعاون معنا بالشكل المطلوب بعد أن تمّ التوافق على تحديد المعايير التي ستـُعتمد في التحقيق؟! مؤكداً مرة أخرى "أن عددا كبيراً من خيوط التحقيق الجديدة قد مكنتنا من الوصول الى تقدم أسرع من المتوقع لمعرفة قتلة الحريري". ويرى المراقبون أن هذه هي النتيجة التي آلت اليها تطوّرات الأوضاع بشقيها السوري واللبناني، والتـي لا يمكن وصفها بـ "لا غالب ولا مغلوب" قادت القوى اللبنانية الى طاولة الحوار الوطني. لكن المستجدات على الساحة الإقليمية، التي شهدت صعوداً في مد تحالف قوى الممانعة بالمنطقة في مقدمتها سوريا وحماس و القوى الداعمة للمقاومة في لبنان الى جانب ما أظهرته ايران من تحد للولايات المتحدة الأمريكية في رفضها التراجع عن برنامجها النووي، كلها عوامل ساهمت في إعادة القوة الدولية محاولتها لتسخين الساحة اللبنانية والضغط على سوريا.عبر ملف التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
الجمل ـ وكالات
إضافة تعليق جديد