إسرائيل تعترف بحربها السيبيرية.. على العرب
اعترف الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى بمشاركته في هجمات منظمة على حواسيب في الجانب العربي في إطار مساع للحصول على معلومات استخبارية. وجاء هذا الاعتراف ضمناً في إطار حفل توزيع شهادات التقدير على المتميزين في الإطار التكنولوجي الذي جرى أمس الأول في تل أبيب. وقد بدا أحد الفائزين بالتقدير في شريط عرض على الحضور وهو يقول «حظيت بشرف المشاركة في عمليات... أفلحت في توفير المعلومات الاستخبارية لدولة إسرائيل».
وحتى اليوم لم يعترف الجيش الإسرائيلي رسمياً بأن أياً من وحدات شعبة الاستخبارات العسكرية تعمل بشكل هجومي لتحقيق أغراض مختلفة، من بينها جمع معلومات استخبارية من حواسيب وخوادم انترنت عربية وأجنبية. وكان الفائز هذه المرة شخصا مدنيا يعمل لصالح الجيش، وقد أثار ضحك بعض الحاضرين في الحفل ممن يعلمون الدور الذي يقوم به والخدمات التي أداها.
ويتجنب الجيش الإسرائيلي عموماً الحديث عن أي أدوار هجومية يؤديها في مجال الاستخبارات السيبيرية برغم كل ما ينشر في الخارج عن مثل هذه الأدوار سواء أكانت مستقلة أم بالتعاون مع استخبارات أخرى كالأميركية والبريطانية والفرنسية. ومن الجائز أن أهم ما نشر في الخارج حتى الآن عن هذه الأدوار الهجومية كان يتعلق بدودة «ستوكسنت» الإلكترونية، التي هاجمت حواسيب وخوادم في الشرق الأوسط عموماً وفي إيران خصوصاً.
ومن المعروف أن إسرائيل كانت بين الدول الأولى في العالم، التي كرست جهداً وأموالاً طائلة لتعزيز قدرتها الاستخبارية عموماً والاستخبارية التكنولوجية خصوصاً. وتعتبر «الوحدة 8200» المتخصصة في التجسس الإلكتروني وحدة النخبة في شعبة الاستخبارات العسكرية، وقد اجتذبت هذه في السنوات الأخيرة أفضل الكفاءات لتطوير منظومات وبرامج ذات طابع تجسسي، وغدت بعدها أهم «مشتل» للمبادرين لإنشاء شركات متخصصة في التواصل عبر الانترنت وحماية البرمجيات وبلورة برامج جديدة، خصوصاً في مجالات حساسة كالصوت والصورة.
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أنه أثناء ورشة حول الأمن والتكنولوجيا عقدت مؤخراً في جامعة تل أبيب، أعلن رئيس الورشة الجنرال احتياط البروفيسور اسحق بن إسرائيل أن «كل ما يرتبط بأي شكل بالحواسيب يغدو هدفاً لهجمات سيبيرية. وأنه بالوسع إلحاق ضرر مادي عبر ضرب الحواسيب، التي تسيطر على أو تشرف على منظومات حيوية مثل انتاج الكهرباء وتوزيع المياه».
وكانت أولى الإشارات حول دور إسرائيل في هجمات سيبيرية قد أطلقت بنشر نبأ تعيين ضابط برتبة رائد كمستشار قانوني في مجال حرب السايبر. وقد وضع هذا الضابط في نطاق دائرة القانون الدولي في النيابة العامة العسكرية بهدف تقديم المشورة القانونية للمستوى التنفيذي في الجيش الإسرائيلي الضالع بهذا النمط من الأعمال.
ويقضي هذا المنصب بتوفير الرأي بشأن قانونية أو عدم قانونية هذا الفعل أو ذاك من وجهة نظر القانون الدولي، وبقصد تحديد نطاق هذه الأعمال حتى لا تعتبر إضراراً بمصالح أفراد أو شركات يمكنهم أن يلاحقوا إسرائيل قضائياً في العديد من دول العالم.
وكان مصدر في النيابة العامة العسكرية قد رفض تأكيد أو نفي ما إذا كانت مهمة الضابط المستشار هذا هي «تقديم التسويغ لأهداف الهجوم»، ولكنه قال إن مهمته هي «تشريب» منظومة السايبر بمبادئ القانون الدولي.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بني غانتس قال، في حفل توزيع شهادات التقدير على رجال المنظومة التكنولوجية في الجيش، إنه «بقدر ما يتعاظم الإبداع، فإننا نقلص الحاجة إلى الجرأة (يقصد جرأة المنظومة القتالية)». وأضاف أن جانباً من المهمات التي بفضلها نال عشرة من رجال المنظومة التكنولوجية شهادات التقدير كانت «بالغة الأهمية جداً». وتابع «وكل كلمة سنقولها، برغم أنه لا يمكننا الإسهاب، تقزم هذه الأعمال».
يُذكر أن القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي نشرت أن بين العشرة، الذين نالوا شهادة التقدير شابا من أصل إيراني ولد في مدينة كرمنشاه يحمل رتبة نقيب هاجر إلى إسرائيل وعمره 16 سنة العام 2000. وبعدما أنهى شهادتين جامعيتين في الهندسة، بات يتولى رئاسة طاقم في منظومة الحرب الإلكترونية التابعة للجيش.
ويخدم هذا الشاب في «الوحدة 8200» إلى جانب الكثير من الشبان الإيرانيين ممن يتحدثون اللغة الفارسية. وقد نال جائزة التقدير، وفق ما قال رئيس الأركان، «بسبب الاختراق الجوهري الذي حققه في مجال الحرب الإلكترونية»، حيث أفلح في التعامل مع مخاطر مختلفة عبر الوسائل المتوفرة حالياً للجيش الإسرائيلي ومن دون استثمار أموال كثيرة. وأضاف غانتس «نحن نتعامل مع مخاطر كثيرة لم نكن نتمكن في الماضي من مجابهتها، وحينما لا يكون أمامك مفر تشعر بأنك ملزم بفعل المستحيل».
وتجدر الإشارة إلى أن حوافز الخدمة في سلاح الاستخبارات الإسرائيلي تعتبر من بين الأعلى في ظل الحديث عن تراجع الحوافز لدى المجندين للالتحاق بالوحدات القتالية.
وفي مقابل ذلك، بينت صحيفة «يديعوت احرونوت» أمس أن التقديرات تشير إلى أن ما يقارب 13 ألف كلمة سر وبريد الكتروني إسرائيلي تعرّضت لهجوم قراصنة الانترنت في شهر حزيران من العام الحالي، ما تطلب توجيه دعوة للإسرائيليين لمراقبة بريدهم الإلكتروني.
وذكرت الصحيفة أنه بالرغم من أن العدد الأكبر من الرسائل الإلكترونية التي تعرضت للهجوم لا تعمل وجرى توقيفها، إلا أنه «لا بد من عملية مراقبة وفحص للبريد الالكتروني مجدداً خوفاً من تعرّضها للسرقة أو تفعيلها مجدداً كما ظهر خلال الأيام الماضية».
وبحسب الصحيفة، فإن موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» نفى بشكل قاطع أن يكون له أي علاقة بتسريب كلمات السر، مؤكداً أنه لا يوجد دليل على عملية اختراق للخدمة التي يقدّمها.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد