الرياح تودي بأطنان الحمضيات المتساقطة والسياسة التسويقية ما زالت في خبر كان
تبقى مشكلة الحمضيات من أكبر المشاكل القائمة التي تقض مضاجع آلاف الأسر في الساحل السوري، وخاصة في اللاذقية التي يتركز أغلبية إنتاج الحمضيات بها، حيث يتوقف مصدر عيش الأسر التي تعتمد زراعة الحمضيات على المردود الذي تحققه لهم هذه الزراعة
هذا المردود الذي لا يؤتي أكله نتيجة تضافر غلاء مستلزمات الإنتاج، وغياب السياسة التسويقية، واستغلال تجار سوق الهال من ناحية تحكمهم بالسعر، والتي يضاف لها التأثيرات السلبية للعوامل الطبيعية على الإنتاج، فتشكل الضربة القاضية لتطيح بأحلام وآمال وجهد المزارعين، والتي كان آخرها تساقط ثمار الحمضيات بكل أصنافها على أثر الأحوال الجوية التي سادت الشهر الماضي من قوة رياح أتت على نسبة كبيرة من الإنتاج الذي تتوقف عليه آمال الفلاحين، حيث أدت الرياح لتساقط الأطنان من الحمضيات في البستان الواحد، هذه الكميات التي شكلت بساطاً برتقالي اللون تحت الأشجار، ما اضطر عامة المزارعين للمسارعة إلى جمع هذه الثمار من تحت أمهاتها، وبيعها بخسارة وبسعر متدن لم يتجاوز بحده الأفضل خمس ليرات سورية للكغ الواحد، في حين أن الكلفة الفعلية له تتجاوز 10 أو 12 ليرة سورية، لتضاف بذلك مشكلة أخرى للمشاكل التسويقية، تتحالف ضد المزارع وتبخسه حقه بعد جهد وتعب عام بأكمله، وبعد التكلفة الكبيرة التي يتكبدها من مصاريف إنتاج، وأجرة يد عاملة، وعبوات النقل، والكومسيون أو السمسرة، هذه المصاريف في حال تم احتسابها جميعا، فهي تأكل جهد الفلاح فيضيع حقه، ولا يبقى له من الربح إلا الجزء اليسير في ظل غياب الدعم الحكومي لإيجاد أسواق تصريفية لهذا المنتج الزراعي الاقتصادي، هذا الجزء اليسير الذي يتلاشى مع الظروف الجوية التي تأكل الهامش المتبقي من الربح، لكن يبقى للأمل مكانه، حيث يبدو أن حكومتنا الموقرة وبعد سنوات طويلة لمعاناة مزارعي الحمضيات، وآلاف الشكاوى التي طرحت عبر وسائل الإعلام المقروء والمسموع عن الظلم الذي يلحق بمزارعي هذه المادة، أظهرت مؤخراً بعض بوادر التفكير بإيلاء بعض الاهتمام لهذه المشكلة، من خلال بدء السعي لإيجاد معامل عصائر من خلال تخصيص بعض المساحات في المنطقة البحرية البرية لطرحها للاستثمار بإقامة معامل عصير طبيعي عليها، وذلك من باب معالجة جزء من المشكلة.
وفي هذا المجال قال عدد من مزارعي الحمضيات في اللاذقية: نحن دائماً نتناسى خسائرنا السنوية التي نتكبدها، على أمل التعويض الذي يمكن أن نحققه في موسم لاحق، هذا الأمل الذي يبرز نتيجة وصول مسامعنا أن الحكومة تعمل على فتح أبواب التصدير، إلا أن أملنا دائماً كان يذهب أدراج الرياح، والآن نتمنى ما نسمعه عن إقامة معامل العصائر ألا يحذو حذو الإجراءات السابقة من حيث إيجاد الحلول التسويقية بالكلام وليس بالفعل.
جدير بالذكر أن اتحاد فلاحي اللاذقية ومع بداية موسم جني الحمضيات أرسل مذكرات لكافة المعنيين بالتسويق سواء اتحاد الفلاحين، أو مؤسسة الخزن والتبريد، أو الفعاليات الاقتصادية لإيجاد آلية لتسويق ما يمكن تسويقه بشكل مباشر من المزارعين، على أن تسوق الخزن والتبريد كميات معينة وفق طاقتها كما تم الطلب من التجار والجهات المعنية لمعامل العصائر استجرار كميات من الحمضيات لكن هذه الإجراءات لم تجد نفعها لعدم التجاوب معها على أرض الواقع.
نهى شيخ سليمان
المصدر : الوطن
إضافة تعليق جديد