نهوض إمبراطورية: لعنة زاك سنايدر
ثمة أخطاء في السينما لا تغتفر. لا يتعلق الأمر بأخطاء إخراجية أو تقنية ولا حتى بالسكريبت أو القصة، بل في إكمال جزء ثانٍ من فيلم حققه مخرج من طراز رفيع، فتكون النسخة الثانية مسخاً عن الأولى. هذا الخطأ لم يستطع نوام مورو تفاديه في فيلم «300 ـ نهوض إمبراطورية».
في الجزء الأول المبني على إحدى أساطير هوميروس التي لم تثبت صحتها، قدم زاك سنايدر عملاً مبهراً وفريداً، وأطلّ الممثل جيرارد باتلر كما لم يره الجمهور أبداً، ما جعل العمل تحفة من حيث المونتاج السينمائي وقدم أسبارطة بطريقة هي الأجمل منذ فيلم الأسطورة «تروي».
لكن نوام مورو كان مكبلاً بالرؤية السينمائية التي وضعها سلفه، وهو نفسه الذي كتب نص العمل، وبدا عاجزاً عن ردم الفراغ الذي أحدثه باتلر. فضلاً عن ذلك، لم يكن الربط بين العملين سلساً. بدت القصة مسقطة بالقوة على العمل الجديد لتؤدي وظيفتها في التمهيد لجزء ثالث. يتحدث الفيلم عن حروب ميديا التي رواها هوميروس بين الملك الفارسي داريوس وابنه احشوريوش وبين اليونان، وأراد المخرج التلاعب بالقصة الأصلية، فجعل داريوس يُقتل بسهم من الجنرال الأثيني ثمستيكلس (سوليفان ستبلتون) في معركة ماراثون الشهيرة، علماً أنّ داريوس مات مريضاً على فراشه بحسب هوميروس.
يبدأ أحشوريوش معركة الانتقام من اليونانيين المنقسمين بقيادة القائدة العسكرية ارتيمسيا (إيفا غرين)، فيهاجم ليونيداس في معركة الفيلم الأول ويتّجه بأسطوله نحو ثمستيكلس في الجزء الثاني. تبدأ ملحمة جديدة تؤدي إلى هزيمة الفرس وأسطولهم في بحر إيجه وتوحيد اليونانيين ودخول أسبارطة في الحرب.
لم يكن اللعب في القصة مقتصراً على تزوير الحقائق فحسب، بل أرادها الكاتب أن تكون ذا بعد سياسي يضع أسس الصراع بين الشرق «الهمجي» والغرب «المتحضّر»، فحشا العمل بإسقاطات سياسية عن الديموقراطية والحرية التي لم يعرفها الفرس، والقيم الأخلاقية لليونان مقابل همجية أبناء الشرق، كأن العمل درس في صراع الحضارات، لا مجرد عمل تاريخي فيه من الأسطورة أكثر مما فيه من الحقيقة.
على صعيد التمثيل، أبدعت إيفا غرين، فيما بدا ستبلتون ضعيفاً مقارنة بسلفه باتلر، حتى دور أحشوريوش (رودريغو سانتوريو) نفضت عنه الشخصية الصلبة التي عرفناها في الدور
الأول.
لكن التصوير بدا على حاله، معتمداً على التركيب التقني أكثر من اعتماده على البراعة السينيماتوغرافية، ففاق العمل في الاستوديو العمل على الأرض، ما شكل نقطة ضعف في الفيلم الأول أيضاً.
إذا سلخنا العمل عن الجزء الأول وأنقذناه من المقارنة، فإنّ الفيلم يستحق الاهتمام، لكن المقارنة تسقط نوام مورو في فخ زاك سنايدر. فخ سيلاحق مورو لوقت طويل.
فريد قمر
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد