الطائرة المصرية المنكوبة: فرضية الإرهاب ممكنة!
بعد أكثر من ستة أشهر على حادثة تفجير الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء، والتي تبناها الفرع المصري لتنظيم «داعش» المعروف باسم «ولاية سيناء»، تعرّضت مصر، يوم امس، لكارثة جوية جديدة، حيث تحطمت إحدى طائرات شركة «مصر للطيران»، في البحر الأبيض المتوسط، خلال رحلتها من باريس الى القاهرة.
وحتى ساعة متأخرة من ليل امس، لم تكن ملابسات الحادثة قد اتضحت بعد، خصوصاً في ظل انشغال كافة السلطات السياسية والمدنية والامنية والعسكرية، لا سيما في مصر وفرنسا واليونان، بالبحث عن حطام الطائرة التي كان على متنها 66 شخصاً، ومن ضمنهم افراد الطاقم السبعة.
ومع ذلك، فإنّ تقديرات أولية تحدثت عن فرضية العمل الإرهابي، التي، في حال صحّت، ستكون أصابع الاتهام فيها موجهة الى تنظيم «داعش»، الذي لم يصدر عنه، حتى ليل يوم امس، أي بيان يشير، ولو تلميحاً، إلى مسؤوليته عن اسقاط الطائرة، خلافاً لما جرى مع الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء في 31 تشرين الأول الماضي، بعد دقائق على اقلاعها من مطار شرم الشيخ، حين سارع فرعه المصري الى اصدار بيان مقتضب يعلن فيه مسؤوليته عن الحادث، أتبعه بعد أيام بتسجيل صوتي بعنوان «موتوا بغيظكم.. نحن من أسقطها».
ولكن الملفت يوم امس، ان سقوط طائرة «مصر للطيران» ترافق مع نشر رسم توضيحي «انفوغرافيك» يحمل توقيع الفرع المصري لـ«داعش» بعنوان «انجازات ولاية سيناء منذ البيعة».
الكارثة الجوية وقعت بعد منتصف ليل امس، حين سُجّل اختفاء طائرة «ايرباص» تابعة لشركة «مصر للطيران»، والتي كانت تقوم برحلة بين مطار باريس ـ شارل ديغول ومطار القاهرة الدولي، عن شاشات الرادار في الساعة 2:45 بتوقيت القاهرة (00:45 بتوقيت غرينيتش)، اثناء تواجدها في المجال الجوي المصري، بحسب ما اعلن نائب رئيس الشركة المصرية.
وذكرت شركة «مصر للطيران» ان الطائرة تنقل 56 راكباً، بينهم طفل ورضيعان، بالاضافة الى طاقم من سبعة أفراد وثلاثة عناصر امن. واضافت ان الركاب هم 30 مصرياً، و15 فرنسياً، وبريطاني، وكندي، وبلجيكي، وبرتغالي، وجزائري، وسوداني، وتشادي، وعراقيان، وسعودي وكويتي.
وبحسب السلطات اليونانية، فإنّ الطائرة المنكوبة اختفت عن شاشات الرادار اليونانية اثناء خروجها من المجال الجوي اليوناني، ودخولها المجال الجوي المصري.
ووفقاً لقسطنطين لتزيراكوس، مدير الطيران المدني اليوناني، فإنّ آخر اتصال مع قائد الطائرة كان «بعيد الساعة 00:05 بتوقيت غرينيتش»، وبعدها لم يجب على اتصالات المراقبين الجويين اليونانيين التي استمرت «حتى الساعة 00:29 بتوقيت غرينيتش، عندما اختفت الطائرة عن شاشات الرادار».
ولم يشر طاقم الطائرة الى «اي مشكلة» خلال آخر اتصال اجراه معه المراقبون الجويون اليونانيون، بل كان «مزاجه جيدا وشكر محدثيه باللغة اليونانية».
كما اكد الجيش المصري ان طاقم الطائرة لم يرسل اي اشارة استغاثة.
وارسلت مصر واليونان طائرات وزوارق الى البحر المتوسط، بحثا عن الطائرة المنكوبة، حسبما اعلن الجيش المصري في بيان، مضيفا انه نشر طائرات استطلاع وزوارق لتحديد موقع الطائرة وانقاذ ناجين محتملين.
واكدت السلطات المصرية، مساءً، العثور على حطام طائرة «مصر للطيران».
وقالت شركة «مصر للطيران»، في بيان نشرته عبر موقع «تويتر»، ان «وزارة الطيران المدني تلقت من وزارة الخارجية المصرية خطابا يفيد العثور على الحطام»، فيما اكد الجانب اليوناني ان طائرة مصرية من طراز «سي – 130» عثرت على «حطام» في جنوب شرق جزيرة كريت في منطقة تابعة للمجال الجوي المصري، و «سُترسل سفن الى الموقع للتحقق من الامر».
من جهته، قال التلفزيون اليوناني العام انه «عثر على حطام على بعد 230 ميلا بحريا من جزيرة كريت».
وبحسب السلطات اليونانية، فقد حدد الموقع المفترض الذي سقطت فيه الطائرة على بعد 130 ميلاً بحرياً قبالة جزيرة كارباثوس شرقي جزيرة كريت.
وفيما تستعد السلطات المعنية بالحادثة الجوية الى تشكيل فريق للتحقيق، يفترض ان تقوده مصر، بصفتها الدولة المالكة للطائرة، وتشارك فيه فرنسا، بصفتها الدولة المصنّعة لها، بالاضافة الى محققين بصفة مراقبين يمثلون الدول التي لديها ضحايا، فإن جهات عدّة رجّحت فرضية العمل الارهابي.
وبمجرّد العثور على حطام الطائرة، والتأكد من هويتها، ستبدأ لجنة التحقيق عملها لاستكمال جمع المعلومات، وانتشال الصندوقين الأسودين، في محاولة للتوصل الى أي أدلة توضح ملابسات الكارثة الجوية.
وقال وزير الطيران المصري شريف فتحي، انه «اذا اردنا تحليل الموقف فان فرضية العمل الارهابي قد تبدو الاحتمال الارجح او المرجح»، مع تشديده على عدم استبعاد فرضيات اخرى.
ولم يستبعد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كذلك فرضية العمل الارهابي، اذ قال في كلمة متلفزة ان «المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا ان هذه الطائرة تحطمت وفقدت»، مضيفاً «علينا التأكد من معرفة كل ملابسات ما حصل، ولا يمكن استبعاد او ترجيح اي فرضية... وحين نعرف الحقيقة، علينا استخلاص كل العبر سواء كان الامر حادثا او فرضية اخرى تخطر على بال كل شخص، وهي فرضية عمل ارهابي».
وتتعاظم احتمالات العمل الارهابي في ظل معطيات اولية تقنية وامنية.
وبالنظر الى ان الطائرة المنكوبة حديثة التصنيع نسبياً (2003)، فإن احتمالات الخلل التقني الضخم، مثل انفجار المحرّك، تبقى ضئيلة، علاوة على ان الحادثة وقعت وسط أجواء مستقرة تماماً، إن على المستوى الملاحي، حيث لم يبلغ قائد الطائرة عن اي خلل قبل اختفائها عن شاشات الرادار، ولا على مستوى الطقس، بحسب ما اعلنت المنظمة الاوروبية المختصة بشؤون الملاحة الجوية «يوروكونترول».
وفي المقابل، فإن الظروف الامنية السائدة، في ظل تعاظم تهديدات الجماعات الارهابية، وابرزها تنظيم «داعش»، تجعل فرضية العمل الارهابي الأكثر ترجيحاً، حيث تميل التقديرات، في هذه الحالة، الى فرضية التفجير بعبوة، بالنظر الى صعوبة اسقاط طائرة تحلق على ارتفاع 37 الف قدم، عبر صاروخ محمول على الكتف، ولكون الجماعات الارهابية الجهادية باتت قادرة على اختراق الثغرات الامنية في المطارات، كما ظهرت حادثة الطائرة الروسية التي انفجرت في اجواء سيناء، مع العلم بأن الطائرة المصرية المنكوبة قامت برحلات عدة، امس الاول، بين اريتريا ومصر وتونس وفرنسا.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد