الحرب تزيد معدومي القيد خمسة أضعاف في حلب
رفعت الحرب الدائرة رحاها في حلب منذ تموز 2012 أعداد الأطفال مكتومي القيد إلى خمسة أضعاف مما كانت عليه قبلاً، بحسب تقديرات باحثين في هذا المجال، لتعذر تسجيلهم في أمانات السجل المدني لأسباب متنوعة قاهرة في مقدمتها زيادة نسبة الزواج العرفي.
وتكثر أعداد الأطفال الذين ليس لديهم أي وثائق تثبت نسبهم في مراكز الإيواء بمدينة حلب، ناهيك عن المناطق الساخنة في الأحياء الشرقية من المدينة والريف. وتحول القوانين والأنظمة النافذة، التي يجب تعديلها لتوائم المتغيرات التي فرضتها الحرب، دون تسجيل حالات عديدة يمكن تلافي المخاطر التي تنجم عنها وأقلها حرمان مكتومي القيد من فرص حق التعليم.
وترى الباحثة الاجتماعية إغراء أحمد، التي رافقتنا في بعض مراكز الإيواء كما في مشروعي الريادة و1070 بحي الحمدانية للاطلاع على نماذج من حالات كتمان القيد، أن المواليد غير المقيدين في سجلات الحكومة هم ضحايا الأزمة التي لا ذنب لهم بها وموجات النزوح التي ضربت المدينة مرات عديدة وألقت بعشرات آلاف الأسر في ظروف عيش بائسة جرت معها مخالفات قانونية بحق أكباد القلوب يمكن تصحيح عواقب معظمها.
واقترحت الباحثة الاجتماعية سن قوانين يسمح بموجبها القبول بشهادة الأصول لدى المحاكم المختصة لتثبيت النسب في ظل غياب الأب أو الأم أو كليهما، وكذلك تثبيت الزواج العرفي في ظروف محددة قد تتجاوز الزواج المبكر وتراعي خصوصية الشبان الذين يؤدون الخدمة الإلزامية ومن في حكمهم وحتى قبل الإنجاب، إضافة إلى إصدار قانون أو مرسوم عفو عن الضرائب المتراكمة الناجمة عن تأخير تسجيل المواليد وفرض عقوبات وتغليظها على الأشخاص الذين يوثقون الزواج العرفي بعقود «برانية» غير نظامية تعمق المشكلة الشائعة في مخيمات النزوح خارج سورية وفي المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة ويجب ألا تتفاقم في مناطق نفوذها وتحرم جيلاً من هويته وانتمائه.
عمار ابن الرابعة من عمر الحرب نأى والده به عن السجلات المدنية لأنه ثمرة زواج عرفي من أب عسكري رفض تسجيل زواجه كي لا يمنح الأم المطلقة حقوقها المادية وللحؤول دون دفع غرامات تأخير التسجيل المتراكمة لأنه لا يقدر على سدادها. أما رجاء (3 سنوات) فحصيلة زواج عرفي أيضاً، حال دون تثبيته وفاة الأب المدان بجريمة قتل في السجن وسفر والدتها إلى تركيا دون أن تترك للجدة أي وثيقة زواج تمكنها من منحها شهادة ولادة أو حتى تسجيل عقد الزواج لأن القانون لا يمكنها من ذلك، حالها حال الجدة التي لا تستطيع تسجيل حفيديها سمير (8 سنوات) ومحمد (9 سنوات) لأن أباهما المتزوج بشكل قانوني فُقد منذ بداية الحرب وتوفيت والدتهما وهي ليس بمقدورها الحصول على الأوراق الثبوتية اللازمة لتسجيلهما في المحكمة ولا حتى دفع ضريبة تأخير التسجيل لسنوات.
ولم تسمح ظروف عمل الأب غير المستقرة والنازح من الريف من تسجيل عائشة وبيان ابنتي الـ5 والـ 6 سنوات في السجل المدني لقناعته أن العملية غير مجدية ما دامت لا توفر له وقتئذ امتيازات مادية، إلا أن مصرعه بقذيفة دمرت منزله حالت دون اصطحاب زوجته وابنتيه الناجيتين من القذيفة لأي وثيقة تثبت زواجهما العرفي، وما لبثت الأم أن غادرت القطر تاركةً الطفلتين بعهدة أهل الزوج في أحد مراكز الإيواء الذي عجز عن تسجيلهما لأن الأمر يحتاج إلى وجود الأم الرافضة للقدوم من أجل رفعها دعوى إثبات نسب على الزوج المتوفى في الوقت الذي حال فقدان عقد الزواج دون معرفة هوية الشهود عليه وأرقامهم الوطنية لإتمام إجراءات التسجيل حيث يفرض القانون وجود أحد الأبوين أو شهود عقد الزواج لإتمام التسجيل.
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد