القوات الخاصة الأميركية تهرب من "المتمردين" المعتدلين في سورية
الجمل ـ Bill Van Auken ـ ترجمة وصال صالح: اضطرت قوات العمليات الخاصة الأميركية يوم الجمعة للفرار من قرية الراعي الواقعة في شمال سورية، بعد أن هدد عناصر ما يُسمى بالجيش السوري الحر، وهي مجموعة غير منظمة من الميليشيات الإسلامية المتشددة التي دعمتها واشنطن في حربها المستمرة على مدى خمس سنوات لتغيير "النظام".
وكان شريط فيديو أظهر رتلاً من مركبات تقل القوات الخاصة الأميركية تهرب بسرعة خارج القرية، بينما يلوح حشد من "الجهاديين" بالأسلحة الآلية مرددين هتافات معادية للولايات المتحدة ويهددون بالقتل "نحن سنذبحكم" وكان ما يُسمى ب"المتمردين المعتدلين" يصيحون "فلتسقط أميركا، اخرجوا أيها الخنازير" وبدا الشخص الذي يقود المظاهرة يهتف "إن شركاء أميركا هم كلاب وخنازير، وهم شنوا حرباً صليبية ضد سورية والإسلام".
يتزامن ظهور الفيديو مع أول تقرير نقلته صحيفة وول ستريت جورنال، أن البنتاغون نشر 40 وحدة من جنود القوات الخاصة لمساعدة الجيش التركي الذي غزا سورية الشهر الماضي في عملية أطلق عليها اسم درع الفرات، ويُمثل أول محاولة من هذالقبيل مباشرة من التعاون الأميركي- التركي في سورية منذ أمرت إدارة أوباما بنشر المئات من قوات العمليات الخاصة في البلاد في الربيع الماضي، وبينما يبدو ظاهرياً أن العمليات المشتركة تهدف إلى طرد داعش من البلدات التي احتلتها في شمال سورية، إلا أن هدف أنقرة يتجاو ذلك إلى دحر المقاتلين الأكراد السوريين من وحدات حماية الشعب (YPG) ومنعهم من إقامة دولتهم المستقلة على الحدود التركية.
يُظهر شريط الفيديو ان الحادثة وقعت في قرية الراعي بالقرب من الحدود التركية، على الطريق المؤدية إلى الجنوب من بلدة الباب التي يسيطر عليها داعش، والتي تعتبر حلقة وصل استراتيجية بين الكانتونات التي تقطنها الأغلبية الكردية كوباني وعفرين، القوات الكردية عازمة على استعادة البلدة، بينما تركيا عازمة أيضاً على حرمانهم من حقهم بها. حتى وقت قريب خدمت ال(YPG) باعتبارها العمود الفقري للقوات السورية الديمقراطية SDF القوات البرية الرئيسية التي تعمل كوكيل للولايات المتحدة في الحرب ضد داعش، وتم تسليحهم وتدريبهم من قبل "مستشارين" في القوات الخاصة الأميركية، محاولة نشر هذه القوات مع الميليشيات المدعومة من تركيا أثارت الاحتمال الحقيقي للجنود الأميركيين لمواجهة بعضهم البعض على طرف نقيض في ساحة المعركة، وكان لتحالف الولايات المتحدة مع القوى الكردية بلا شك عاملاً في إثارة غضب ما يُسمى بالجيش السوري الحر-حسبما ظهر الفيديو- لا سيما أن هذه الجماعات لا تعادي فقط الأكراد وإنما تعتنق نفس الفكر الأساسي لتنظيم القاعدة.
المواجهة التي تم التعتيم عليها إلى حد كبير من قبل وسائل الإعلام الأميركية، تكشف الطابع الحقيقي لما يُسمى ب"المعارضة المعتدلة" المدعومة من واشنطن وحلفائها الأساسيين في المنطقة وعلى رأسهم -تركيا، والسعودية وقطر- كذلك التناقضات المستعصية الناجمة عن السياسة الإجرامية المتهورة التي انتهجتها واشنطن على مدى السنوات الخمس الماضية في تدمير ممنهج لسورية، أيضاً هذه الحادثة كشفت وجهة النظر المحرجة لإدارة أوباما، التي هي ربما غير راغبة بالضغط على الميليشيات الإسلامية التي سلحتها الCIA وتدفع لها مقابل الالتزام ببنود وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية الأميركية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
فلاديمير سافتشينكو وهو رئيس مركز روسيا للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سورية، ذكر يوم الجمعة، أنه خلال ال24 ساعة كان هناك 39 حالة منفصلة لخرق الهدنة من قبل ما يسمى المتمردين الذين قصفوا مواقع حكومية ومناطق مدنية وقال ان الهجمات أشارت إلى أن المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة "تستخدم مرة أخرى نظام وقف إطلاق النار لاستعادة قدراتها القتالية وتجميع قواتها" وقد أعرب المسؤولون الروس عن الإحباط تجاه فشل واشنطن في تقديم معلومات دقيقة حول أعداد المشاركين من "المتمردين المعتدلين" و طلبوا أن تفصل نفسها عن "جبهة النصرة"المرتبطة بالقاعدة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، التي سميت نفسها مؤخراً جبهة فتح الشام.
الحقيقة هي أن قوات القاعدة هي الميليشيات المسلحة المسيطرة والتي تهاجم الجيش السوري، بينما وجود القوات "المعتدلة" الأقل علمانية بكثير والمعارضة هي اختراع آلة الدعاية الأميركية وحلفاؤها، ليتم دمج الميليشيات المدعومة من الCIA إلى حد كبير مع قوات النصرة وهذه لايمكنها البقاء معهم بصورة مستقلة عنهم.
في الوقت نفسه حاولت الولايات المتحدة إلقاء اللوم على الدولة السورية وحليفتها روسيا بسبب فشل إيصال الشاحنات التي تحمل مواد إغاثية إلى المدينة المحاصرة حلب وأوضح مسؤولون أميركيون أن واشنطن مستعدة للاستفادة من التأخير كذريعة لإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك والأهم إنشاء "مركز التنفيذ المشترك" لتنسيق العمليات العسكرية الروسية والاميركية في سورية.
في مؤتمر صحفي يوم الجمعة قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي " إذا ما استمرينا بحلول يوم الاثنين سنواصل رؤية انخفاض العنف وبدون وصول المساعدات الانسانية لن يكون هناك مركز التنفيذ المشترك" إن منع وصول قافة المساعدات مرتبط بامن الطريق من الحدود التركية إلى المتمردين شرق حلب، والذي يتعرض للقصف مراراً وتكراراً من قبل الميليشيات المدعومة أميركياً، قوات النصرة التي تسيطر على المنطقة، قادت مرات عدة المظاهرات مهددة بمنع وصول أي مساعدات للأمم المتحدة احتجاجاً على وقف إطلاق النار، أيضاً مانعت إدارة أوباما اقتراح عرض شروط وقف إطلاق النار على العامة وتقديمه لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإقراره، ويقوم هذا التكتم على انقسامات عميقة داخل الولايات المتحدة نفسها حول الاتفاق مع روسيا، مسؤولون فيي البنتاغون ومن بينهم كبار القادة العسكريين النظاميين في الشرق الأوسط، عبروا علناً عن تحفظات على الاتفاقية، في إشارة إلى عدم التزامهم بتنفيذه على الرغم من موافقة رئيس الولايات المتحدة، وكان أوباما التقى يوم الجمعة مع كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر، الذي عارض مراراً
ً وقف إطلاق النار وكذلك فعل غيره من المسؤولين الأمنيين الآخرين.الانقسامات السياسية والعصيان داخل الحكومة الأميركية تكمن وراء تصريحات كبار الجنرالات والخلافات لا تقتصر على الاستراتيجية التي تعاني منها أزمة الولايات المتحدة في سورية والأهم من ذلك تركيز كبارضباط الجيش الأميركي على مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، الرقم الثاني عالمياً في الطاقة النووية، ويرون في وقف إطلاق النارقطع لسبل الاستعدادات لمثل هذا الصراع المأساوي.
عن:World Socialist Web Site
الجمل
إضافة تعليق جديد