قصائد بيلتي الفينيقية بصياغة أدونيسية

بيلتي الفينيقية : يختلف الكتّاب حول هذه الشخصية ومنهم من ذهب لنكران وجودها ولكن قصائدها المضمّخة بروائح القرن السابع قبل الميلاد لابد أن تلفت نظرك وتشدك إليها.

عاشت بيلتي بين 610 و675 ق.م حيث ولدت لأبوين فينيقيين (أو ربما والدها يوناني) وعاشت مع أمّها في شمالي غرب سوريا قبل أن تنتقل إلى الجزيرة الفينيقية يومها (قبرص) ومنها انتشرت أغانيها وقصائدها إلى العالم القديم
الغريب أن قبرها وجده العالم الأركيولوجي الألماني (م.ج.هايم) قرب بور سعيد الحالية في القرن التاسع عشر ليجد قبراً فينيقي الطراز عميقاً بأسفله تابوت عليه رسم وجهها الجميل وبداخله جسدها الرقيق ويدها ممدودة كأنها ممسكة بقلم وحولها العديد من زجاجات العطر ومنحوتة لربّتهاالسورية عشتار وكثير من المخطوطات الشعرية التي جمعها الشاعر الفرنسي (بيير لويس) في كتاب "أغاني بيلتي" ونشرها عام 1894 من 143 قصيدة للحياة والحب والطبيعة والجنس السوي والمثلي
تكرر نشر هذه القصائد مراراً وأنتج عنها العديد من المقطوعات الموسيقية والأفلام
فيما يلي أورد لحضراتكم بعض قصائدها تلك مع بعض التصرف لتجنب الاطالة بما لا يغير لا المضمون ولا حتى الشكل وأول من ترجم هذه القصائد للعربية على حد علمي الشاعر السوري "أدونيس"

1-
في الوطن الذي تتفجر ينابيعه
وتكوّن صفائح الصخر مجرى الأنهار
أنا بيلتي
رأت عيناي النور
لقنتني أمي الفينيقية أغاني كالسحر
عبدت عشتار في قبرص
قضيت عمري سعيدة
فيا ابن السبيل غني حبي كما هو
وقص ذلك على بناتك
لا تضحي من أجلي بعنزة
ولكن اعتصر ثدييها ودعه يدفق هادئاً
....
2-
خلعت ثيابي لأتسلق الشجرة
كان فخذاي عاريان
يحتضنان جذعها
وحذائي يدرج على أغصانها
كانت قطرات المطر تنساح على جسدي
وتبقّعت يداي بأشنة
احمرّت أصابع قدمي كوردة
وشددت ساقيّ أكثر أكثر
وعلى عنق الغصن المورق
أطبقت شفتيّ بقبلة
.....
3-
أمام بيتي في المساء
مرّ شاب عابر
نظر إليّ فأشحت وجهي
كلمني فلم أجب
وحين اقترب أمسكت منجلاً
كنت سأشق وجهه
ولكنه تراجع وابتسم
وطيّر لي قبلة
صرخت وبكيت فأسرعت أمي
قلت لها باكيةً كمن لسعته العقرب :
لقد قبّلني
فحملتني بين ذراعيها
و.........قبلتني أيضاً
......
4-
غنّ يا عصفور قبرص الصغير
رغباتَنا الأولى
فللصبايا كما الأرض ربيع ٌ
وليل أحلامهن يقترب
نقارن محاسننا وشعرنا ونهودنا وفروجنا المكتنزة كطيور السماني تحت الزغب النابت
ميلانتو تزهو بصدرها أمامي وقد كبر
تعرينا أنا وهي أمام الفتيان
حين كانت تهزمني بناحية
كنت أفوقها بالكثير
غنّ ياعصفور قبرص الصغير
غنّ معنا
رغباتنا الأولى
.........
5-
يا لحم الزهر يا نهديّ
كم أنتما عامران باللذّة
يا ثديي بين أناملي كم أنتما دافئان
كنتما سابقاً مجلّدين كتمثال وجامدين كالرخام
أحب ليونتكما اليوم أكثر
اكتنازكما مجد صدري الأسمر
خبأتكما بغلالة الذهب أم عريتكما
فأنتما تسبقاني ببهائكما
كونا سعيدين اليوم
فبيليت
تنام هذه الليلة مع بيليت !!
........
6-
دامت العاصفة الليل بطوله
كان عندنا سيلينس ذات الشعر الفاتن تغزل معي الصوف
بقيت خوفاً من التوحّل
ونامت في سريري الصغير
- قولي يا بيليت من حبيبك
وتركت فخذيها ينزلقان على فخدي وناغشتني بلطف
- أعرفه يا بيليت
أغمضي عينيك فأنا ليكاس
- أنت تمزحين إنك فتاة
فأردفت : حقاً أنا ليكاس فها يداه وها شفتاه وها ذراعاه
وبكل الحنان أرضت هواجسي بوهم ٍفريد ..
.......
7-
الشتاء قاسٍ يا ميناسيديكا
كل شيئ بارد خارج فراشنا
تعالي قرب نار الجذوع والحطب المحطّم
سنتدفأ جاثيتين عاريتين
وشعرنا ينسدل على ظهرينا
نشرب الحليب بكأس واحدة ونأكل العسل
كم يتأجج هذا اللهيب
جسدك احمرّ فدعيني أقبّل أنحاءه المضطرمة
بتلك الجذوة المتأججة
سأكوي شعرك الجميل وأزيّنه
وأكتب اسمك على الجدار
ميناسيديكا
..........
8-
لمحني ليكاس مقبلةً في غلالتي الرقيقة
أراد أن يخرج نهديّ
عجن الصلصال على نهدي وجعله كأساً واعتصر الأزهار حوله
ذهبنا إلى النبع
ورمينا الكأس في المجرى
وتراشقنا بأزهار القرنفل
.....
9-
أهداني الأول عقد اللؤلؤ
وأبدع الثاني قصائدَ لأجلي
أما الثالث فكان جميلاً جداً
حتى أمّه تحمرّ إذا قبّلته
داعب ركبتيّ بيديه وقدميَّ بشفتيه
وأنت لم تقل لي كلمة
ولم تهدني شيئاً
أنت فقيرٌ ولست جميلاً
ولكن
أنت أنت من أحببت
.......
10-
أيها الفتى لا تعبر دون أن تحبني
فأنا ما زلت جميلة
في الليل سترى خريفي أشد دفئاً من ربيع الأخريات
لا تبحث عن حب العذارى
فالحب فنّ عسير لا يعرفنه بإتقان
تعلمته طوال حياتي
لأقدمه لحبيبي الأخير
أعرف أنك حبي الأخير
ها شفتاي اللتان مرض شعب كامل من أجلهما
ها شعري الذي تغزّلت به بيسافا العظيمة
سأفني معك ما تبقى من شبابي الآفل
سأحرق من أجلك ذكرياتي
وأعطيك مزمار ليكاس
وزنّار ميناسيديكا