أيام سوداء تتربص باللاجئين في أوروبا
برزت قضية الهجرة بشدة على الأجندة السياسية الأوروبية في الفترة الأخيرة مع اقتراب موعد القمة الأوروبية التي يراد منها أن تساعد في إيجاد ردود على العديد من الأسئلة المهمة.
ومن المتوقع أن يكون ملف الهجرة من أهم المواضيع التي ستبحثها قمة الاتحاد الأوروبي أواخر الشهر الجاري. وسيبحث قادة الاتحاد إصلاح سياسات الاتحاد في مجال الهجرة، ومن المرتقب أن يتخذوا قرارا حول الاجراءات لمنع تنقل الأشخاص الذين قد حصلوا على حق اللجوء في إحدى دول الاتحاد.
واقترحت المفوضية الأوروبية تخصيص نحو 35 مليار يورو ضمن ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة 2021 – 2027 لتطبيق السياسات في مجال الهجرة، وهذا يزيد بثلاثة أضعاف عن المبلغ الوارد في الخطة الحالية للأعوام 2014 – 2020.
وحسب معطيات منظمة الهجرة الدولية، وصل إلى أوروبا هذا العام 32 ألفا من المهاجرين. وفي العام الماضي بلغ عدد طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي أكثر من 728 ألف شخص. وعلى الرغم من تقلص هذا العدد بالمقارنة مع مؤشرات عام 2016، لا بد من الإشارة إلى أن هذا العدد كان هائلا في 2016، حين بلغ 1.3 مليون طلب.
وأصبحت قضية الهجرة محل خلاف كبير بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث ترفض دول مثل جمهورية التشيك وهنغاريا استقبال اللاجئين على أراضيها. كما تتخذ النمسا موقفا متشددا بشأن قضية الهجرة. فقد تحدث المستشار النمساوي عن ضرورة حماية حدود الاتحاد الأوروبي والتصدي للهجرة غير الشرعية، محذرا أوروبا من كارثة.
وتوجد هناك خلافات أيضا بين الدول التي تستقبل اللاجئين. وبمثابة دليل على ذلك، كانت الفضيحة المتعلقة بسفينة “أكواريوس” التي كان على متنها نحو 600 مهاجر والتي رفضت إيطاليا استقبالها في موانئها. وتسبب ذلك بأزمة دبلوماسية بين إيطاليا وفرنسا على إثر ردود فعل فرنسية شديدة اللهجة.
عملة صرف أوروبية جديدة
وتحولت قضية الهجرة والمهاجرين إلى عملة صرف وعامل السياسة الداخلية في العديد من الدول الأوروبية. ويشير المراقبون إلى تنامي شعبية قوى اليمين واليمين المتطرف في مختلف الدول الأوروبية.
ومن آخر الأمثلة على ذلك فوز اليمينيين في الانتخابات الأخيرة لدى كل من هنغاريا والنمسا، وتحقيق حزب “بديل لألمانيا” اليميني المتطرف نتيجة غير مسبوقة في انتخابات البوندستاغ، مع أنه لم يفز فيها.
وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى المشهد السياسي الداخلي في ألمانيا، حيث تواجه المستشارة أنغيلا ميركل ضغوطات غير مسبوقة حتى من قبل حلفائها، ناهيك عن تعزيز مواقع اليمينيين في البرلمان.
وتقدم وزير الداخلية الألماني، زعيم حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي هورست زيهوفر خطة عامة في مجال الهجرة تقضي ببعض القيود على دخول مهاجرين من دون التنسيق مع أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي. وعارضت ميركل هذه الخطة، مشيرة إلى أنها لا تريد أي خطوات أحادية الجانب في هذا المجال، وطلبت مهلة أسبوعين للبحث عن حل أوروبي مشترك لهذه القضية.
ترامب يصب الزيت على النار
وعلى ما يبدو، فإنه لا يستغل موضوع الهجرة الساسة الأوروبيون فحسب، بل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كانت سياسته المتشددة في مجال الهجرة أحد أهم عناصر برنامجه الانتخابي، والذي بدأ يتحدث عن قضايا أوروبا من أجل تبرير موقفه.
وقد انتقد ترامب بشدة السياسات الأوروبية في مجال الهجرة، معتبرا السماح بدخول آلاف المهاجرين “خطا كبيرا”، وأن المهاجرين أنفسهم “تحد للثقافة” الأوروبية.
كما تحدث ترامب عن تنامي معدلات الجريمة في ألمانيا بسبب المهاجرين. وفيما لا تتطابق هذه التصريحات مع المعطيات الرسمية عن مستوى الجريمة في ألمانيا، الذي هو الأدنى حاليا منذ التسعينات، من غير المستبعد أن تجد آذانا صاغية داخل الولايات المتحدة وتساعد ترامب على حشد التأييد لسياساته، وخاصة في ظل علاقات صعبة بين إدارته والدول الأوروبية.
وعلى خلفية كل هذه التطورات، لا يوجد ما يدعو للتفاؤل بشأن مصير اللاجئين في أوروبا، حيث لا تزال قضايا المناطق التي يأتون منها عالقة، وحل قضية الهجرة لا تزال مرهونة بنجاح الدول الأوروبية في تجاوز خلافاتها، علما بأن كل دولة لها حسابات سياسية واقتصادية خاصة بها.
والسؤال ماذا ينتظر المهاجرين في حال عدم إيجاد حل؟
المصدر: RT
إضافة تعليق جديد