أيلول شهر الحسم لأربع ملفات ساخنة ستنقل المنطقة الى حقبة جديدة
كمال خلف:
أربعة ملفات مقعدة شكلت أزمات مستعصية خلال السنوات الماضية اقتربت من الوصول الى خواتيمها. وعلى الأرجح سيكون شهر أيلول القادم حافلا بالأحداث والوصل الى الحسم في هذه الازمات، والانتقال من خلال النتائج الى مرحلة جديدة سيكون لها اثرها الكبير في شكل المنطقة وخارطة العلاقات الدولية فيها.
اول هذه الملفات هو توقيع العودة الى الاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة، وإعادة احياء اتفاقية العمل الشاملة المشتركة، بعد مفاوضات شاقة استغرقت عام ونصف، تقول المؤشرات والمعطيات في العواصم المعنية ان موعد العودة سيكون الشهر المقبل. وما من شك ان العودة الى الاتفاق يشكل حدثا كبيرا سيكون له تبعات تشمل عموم المنطقة. وأول المتوقع هو خفض مستوى التصعيد بشكل كبير، ووقف الضغوطات القصوى التي مارستها الولايات المتحدة على ايران في مستويات مختلفة وخروج ايران منتصرة في هذه المعركة القاسية.
الملف الثاني الذي ظهرت بوادر وصوله الى الخواتيم هو مسار الحوار الإيراني السعودي، وقد ساعدت انباء الوصول الى اتفاق في فيينا على دفع هذا المسار طوال الشهر الماضي وهذا الشهر. وتفيد المعلومات والتصريحات ان الحوار وصل الى درجة متقدمة جدا وينتظر الانتقال الى مستو ارفع. من المرجح ان يشهد الشهر المقبل نقلة نوعية، قد تتمثل في لقاء بين وزيري خارجية البلدين، وإعلان عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين الرياض وطهران.
لكن هذا ليس نهاية المطاف في هذا المسار، فالحوار بين البلدين سوف يستمر لمناقشة جملة من الملفات والمشكلات على مستوى المنطقة. وتبقى الحرب السعودية على اليمن عقدة مزمنة، ووقفها مفتاح الاستقرار والنجاح لأي اتفاق.
بكل الأحوال سيكون هذا التطور بداية لاغلاق حقبة استمرت سنوات من التوتر، رافقها حملات إعلامية لشيطنة ايران، وتحريض طائفي، ولغة تصعيدية ارخت بظلال ثقيلة على عموم المنطقة. يتطلب هذا التقدم الجيد في الحوار وعودة العلاقات إرساء قواعد جديدة للعمل الدبلوماسي، والخطاب الإعلامي.
اما الملف الثالث المستجد والساخن هو بوادر التواصل المباشر بين سورية وتركية، بعد عشر سنوات من العداء بسبب انخراط تركية في مشروع اسقاط النظام في سورية، ودخولها الى شمال سورية ودعم الجماعات و الفصائل المسلحة هناك.
التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية شاويش اوغلو، والرئيس اردوغان، وقادة الأحزاب المتحالفة مع العدالة والتنمية كلها تقول شيء واحد وهو ان ثمة تحول في تركية في مقاربتها للملف السوري. كلام الرئيس اردوغان عن التعاون مع دمشق لمواجهة مؤامرة أمريكية في الشمال السوري. كلام خطير جدا، والمقصود فيه ليس القوات الكردية وحدها، بل ان الرئيس اردوغان كان يشير الى مشروع امريكي لدى فصائل مسلحة في الشمال وامتدادها السياسي في الخارج. مشروع امريكي خطير داخل المناطق التي تقع تحت النفوذ التركي شمال سورية، يهدف لانشاء كيان منفصل ومستقل ” دولة سنية ” تحت الحماية والدعم الأمريكي. ربما هذا الكشف التركي عما تقوم به الولايات المتحدة سرا داخل مناطق الشمال، وهو ما يفسر الصمت الأمريكي حتى الان تجاه الغزل التركي الموجه لدمشق.
وقد بدانا نلاحظ ارتفاع أصوات من داخل “هيئة تحرير الشام” وغيرها من الفصائل تهاجم التوجه التركي الجديد، وتتهم اردوغان ببيع دماء السوريين من اجل الفوز بالانتخابات. وقد يدفعنا حديث الرئيس اردوغان حول المؤامرة، واتساع رقعة هجوم قادة ادلب ومشايخها على تركية، الى القول ان شهر العسل بين تركية وفصائل الشمال قد شارف على النهاية. ولا يمكن التكهن كيف ستتطور الأمور على هذا الصعيد.
بعض المصادر باتت تتكهن ان قمة شنغهاي في “سمرقند” في منتصف أيلول ستكون موعد اللقاء الحدث بين الرئيسين اردوغان والأسد. قد تكون روسيا فعلا تبذل جهدا لترتيب هذا اللقاء في هذا الموعد. وعلى الرغم من عدم القدرة على الجزم بذلك، الا اننا يمكن ان نستيقظ على اخبار هذا اللقاء في أي لحظة.
الملف الرابع على قائمة الحسم في أيلول هو ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الملف بات بتوقيت حساس جدا، حزب الله وضع الإسرائيليين امام سيف الوقت، لمنع المماطلة الإسرائيلية وسياسية التسويف التي تنتهجها إسرائيل والولايات المتحدة على هذا المسار. سيكون شهر أيلول هو شهر المصير لهذا الملف. اتفاق ترسيم يضمن حقوق لبنان ويسمح له الاستفادة من ثروته او التصعيد الذي لا يمكن لاحد توقع المدى الذي يمكن ان يصل اليه.
التوجه الإسرائيلي حسب الظاهر هو تأجيل الاتفاق وتجميد الاستخراج الإسرائيلي من حقل كاريش الى حين اجتياز الانتخابات في إسرائيل في نوفمبر. ولتجنب التصعيد من قبل حزب الله سوف تلجأ الولايات المتحدة الى اتباعها داخل لبنان للضغط على المقاومة واتهامها بجر لبنان الى حرب لمصالح خارجية، وتفعيل همروجة الاحتلال الإيراني للبنان، وهيمنة حزب الله على الدولة وغيرها من السرديات المعروفة. لكن هذه العدة قد تكون فقدت الكثير من فاعليتها، خاصة في أجواء التغيرات المتسارعة في الإقليم والتي لا تصب في صالح هذا المعسكر داخل لبنان، وإعلان الأمين العام لحزب الله الفصل التام بين الملف النووي وبين قرار الحزب بخصوص قضية الترسيم.
ايلول المقبل هو شهر الاحداث وحسم الملفات، وبناء على نتائج تلك الاحداث سنكون في المنطقة امام حقبة وليدة وخارطة سياسية جديدة.
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد