هل بات الاقتصاد الأمركي بخطر بعد تخفيض التصنيف الائتماني لأمريكا؟

05-08-2023

هل بات الاقتصاد الأمركي بخطر بعد تخفيض التصنيف الائتماني لأمريكا؟

صدمة أصابت الأمريكيين بعد خفض تصنيف أمريكا الائتماني للمرة الثانية فقط في تاريخها، لتنضم لسلسلة من الدول التي تم خفض تصنيفها الائتماني مؤخراً، وسط تساؤلات حول تأثير ذلك على الاقتصادين الأمريكي والعالمي.

ولحقت الولايات المتحدة بالعديد من الدول النامية، التي تشهد أزمات مالية أدت لتخفيض تصنيفها الائتماني مثل مصر وباكستان وغيرهما.

إذ جردت وكالة فيتش الولايات المتحدة من تصنيفها في الدرجة الأولى للائتمان السيادي، يوم 1 أغسطس/آب 2023، لتكرر بذلك الخطوة التي اتخذتها وكالة “إس أند بي غلوبال” للتصنيف الائتماني قبل أكثر من عقدٍ كامل.

وحدثت كلتا الواقعتين نتيجةً للمواجهات المريرة المرتبطة بمسألة الاقتراض في البلاد. وتُشير السوابق التاريخية إلى أن تأثير ذلك على الأسواق المالية قد يكون قصير الأجل، رغم أن الخطوة قد تصبح وقوداً للمزيد من المعارك السياسية، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.

لماذا خفضت فيتش تصنيف أمريكا الائتماني؟ فتّش عن أزمات سقف الدين
قالت وكالة فيتش إن خفض تصنيف أمريكا الائتماني بدرجةٍ واحدة، ليصل إلى “إيه إيه +” يعكس “تآكل الحوكمة” في البلاد، وهو الأمر الذي “يتجلّى في تكرار مواجهات سقف الدين والقرارات التي يجري تمريرها في اللحظات الأخيرة”. ويرجع السبب إلى أن الولايات المتحدة تواجه احتمالية التخلف عن سداد الديون كل بضع سنوات، نتيجة سياسة صنعتها بنفسها.

إذ أدى القانون الصادر عام 1917 إلى فرض حدٍّ دولاري إجمالي ثابت على الاقتراض- أي سقف الدين- ولا يمكن رفع ذلك الحد سوى بالاتفاق بين الكونغرس والرئيس فحسب. وظل شبح سقف الدين يُخيم على الولايات المتحدة طوال النصف الأول من عام 2023، مع اقتراب الولايات المتحدة بدرجةٍ خطيرة من سقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار، بينما أهدر الساسة الوقت. وتوصل الطرفان إلى حلٍّ للمواجهة في أواخر مايو/أيار، لكن الواقعة جدّدت الشكوك في التزام القادة السياسيين الأمريكيين بتنحية خطابهم الخطير جانباً، والوفاء بمدفوعات السندات الخاصة بأعباء الديون المتراكمة.

ما الذي يعنيه التصنيف الجديد الذي هبطت له أمريكا؟

يأتي تصنيف “إيه إيه +” في المرتبة الثانية بعد “إيه إيه إيه” مباشرةً، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تعد تمتلك ما تصفه وكالة فيتش بالتصنيف “الائتماني الأعلى جودة”.

وتقول فيتش إن تصنيف “إيه إيه” يدل على “توقعات منخفضة للغاية بخطر التخلف عن السداد”، وذلك مقارنة بالمقترضين من أصحاب تصنيف إيه إيه إيه. وعلى نحوٍ مماثل، لا يُمنح التصنيف الأعلى سوى في حالات “القدرة القوية والاستثنائية” على الوفاء بالالتزامات المالية، بينما يُشير تصنيف إيه إيه إلى “قدرة قوية للغاية” فحسب وفقاً لفيتش. أما على الصعيد العالمي، فتُعَدُّ فيتش أصغر وكالة بين وكالات التصنيف الائتماني “الثلاث الكبرى”، التي تضم موديز وإس أند بي.

هل يؤدي لارتفاع الفوائد على السندات الأمريكية؟

تُقيِّم وكالات التصنيف الائتماني القوة المالية لمصدري السندات، مثل الحكومات، ثم تعطي درجات ائتمانية لتصنيف قدرتهم على الوفاء بمدفوعات الديون. ويعتمد المستثمرون على التصنيفات الائتمانية عادةً أثناء شراء السندات، وتلعب تقييماتهم دوراً محورياً في تحديد حجم الفوائد التي يدفعها المقترض لجمع الأموال في أسواق رأس المال. ومع ذلك، تظل أسعار الفائدة الأمريكية منخفضةً نتيجة الطلب على الدولار الأمريكي، الذي يُعد عملة الاحتياطي العالمية، وسندات الخزانة الأمريكية التي تُعد المعيار العالمي للأصول الخالية من المخاطر. بينما قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيانٍ لها بعد خفض التصنيف إن الخطوة تُعتبر “تعسفيةً ومبنيةً على بيانات قديمة”، ولن تغير نظرة المستثمرين إلى دين الحكومة الأمريكية.

ورغم ذلك، قفز عائد السندات لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوياته منذ نحو تسعة أشهر قبل خفض تصنيف أمريكا الائتماني، بالتزامن مع زيادة الحكومة الأمريكية لمبيعاتها من أجل تمويل عجز الميزانية المتزايد.

ما الذي سيحدث في الأسواق الأمريكية؟

عندما خفضت إس أند بي تصنيف الولايات المتحدة الائتماني، عام 2011، زادت الخطوة المخاوف المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي آنذاك، بينما كانت أوروبا في خضم أزمة ديونها السيادية. ورغم ذلك لم يكن للخطوة أي تأثير كبير على المدى البعيد، حيث تهافت المستثمرون على الأصول الأمريكية، وتراجعت عائدات الدين الحكومي بنهاية العام. ويرجع أحد أسباب ذلك إلى أن الاقتصاد الأمريكي أظهر علامات قوة، بينما كان الاتحاد الأوروبي يكافح من أجل حماية اتحاد عملته في الوقت ذاته.

ولكن تشعر الأسواق المالية بالقلق حيال الاقتصاد الأمريكي هذه المرة، لكن التركيز ينصب على دورة رفع أسعار الفائدة الأكثر شراسةً في تاريخ الاحتياطي الفيدرالي منذ عقود، وذلك بهدف إخماد التضخم. ومن هذا المنطلق، من المرجح أن تؤدي تحركات الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة الضغط على أسعار الفائدة الأمريكية أكثر من خفض فيتش تصنيف أمريكا الائتماني. بينما لا تزال الولايات المتحدة تتمتع بأعلى تصنيف لدى وكالة موديز، وهو الأمر الذي صار أكثر أهمية الآن بعد خفض التصنيف في فيتش.

ما هو التصنيف الائتماني للصين منافسة أمريكا؟

ينكمش عدد الدول التي لا تزال تتمتع بأعلى درجات التصنيف الائتماني اليوم. إذ لا تزال دول أستراليا، وألمانيا، وسنغافورة، وسويسرا تحتل الدرجة الأولى من التصنيف لدى وكالات التصنيف الثلاث بحسب وكالة Bloomberg الأمريكية.

بينما تحمل كندا تصنيف “إيه إيه +” لدى وكالة فيتش. أما الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فتحمل تصنيف إيه + فقط من الوكالة نفسها، أي أقل بثلاث درجات.

وقد يُصبح تصنيف الدين السيادي لبلد بمثابة سقفٍ لأعلى تصنيف يمكن أن تحصل عليه شركات ذلك البلد، لكن الأمر لا ينطبق على كل الحالات. وربما ينكمش عدد الشركات التي تمتلك تصنيف “إيه إيه إيه” من وكالات التصنيف الثلاث الكبرى، لكن القائمة لا تزال تضم عدداً من الأسماء المعروفة مثل Microsoft Corp وJohnson & Johnson.


عربي بوست

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...