ما أسباب تصاعد الخلاف بين بايدن ونتنياهو؟
قال الرئيس الأميركي جو بايدن، انه يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي “تغيير حكومته” المتشددة، بعدما باتت تل أبيب “تفقد دعم المجتمع الدولي، نتيجة للقصف العشوائي” في غزة الذي يعاني تحت وطأة أزمة إنسانية فادحة .
وقال محللان أميركيان إنه لا يوجد شقاقا بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مسار الحرب الراهن والهدف المعلن في تدمير القدرات السياسية والعسكرية لحركة حماس واستعادة الراهن، ولكن هناك خلافا محوريا بشأن قضية حكم غزة بعد الحرب، وهو ما تسبب في تصاعد الخلاف إلى الرأي العام العالمي، فضلًا عن قلق الإدارة الأميركية من عرقلة تيارات متطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية لمسار عملية السلام ومستقبل حل الدولتين.
وقال بايدن للمانحين في حملة لجمع التبرعات في واشنطن، إن حكومة نتنياهو تخاطر بتآكل الدعم الدولي للحملة العسكرية ضد حماس برفضها تأييد مبدأ “حل الدولتين” ، موضحاً أن إدارته ستواصل دعم إسرائيل، لكنه في ذات الوقت أثار مخاوف بشأن مواقف الدول الأخرى، مضيفًا: “يجب على إسرائيل أن تكون حذرة لأن الرأي العام العالمي بأسره يمكن أن يتغير بين عشية وضحاها”.
وكرر بايدن نداءه لنتنياهو بعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، كما ذكر على وجه التحديد السياسي الإسرائيلي المتطرف إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، متابعا أن “هذه الحكومة في إسرائيل تجعل الأمر صعبا للغاية”.
كذلك قال بايدن: “لدينا فرصة للبدء في توحيد المنطقة، وما زالوا يريدون القيام بذلك ، ولكن علينا أن نتأكد من أن بيبي (نتنياهو) يدرك أنه يجب عليه اتخاذ بعض الخطوات.. لا يمكنك أن تقول لا دولة فلسطينية.. هذا سيكون الجزء الصعب”.
بينما اعتبرت وكالة “رويترز” أن تصريحات بايدن هي الأكثر أهمية حتى الآن في تعامل نتنياهو مع حرب إسرائيل في غزة، إذ تأتي كتناقض صارخ مع عدمه السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي ، في حين قالت “بلومبرغ” إن تعليقات بايدن تمثل بعضا من أقوى انتقاداته لحكومة نتنياهو منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث تشير إلى قلقه بشأن تحفظ نتنياهو على التفاعل مع نصيحته بخصوص سير العمليات ومرحلة ما بعد الحرب.
ويأتي حديث بايدن بعد وقت قصير من مقطع مصور نشره نتنياهو، على حسابه في منصة “إكس”، يقول فيه إن واشنطن وتل أبيب “تختلفان بشأن المرحلة اللاحقة للحرب في غزة”، وبعد تأكيد إسرائيل على استمرار الحرب في القطاع، وتهديد نتنياهو للسلطة الفلسطينية بالحرب، قائلاً إنه “إذا قرّرت السلطة الفلسطينية، مهاجمة إسرائيل، فإنّ الجيش سيردّ بقوة في الضفة الغربية”، وبعد تهديد مماثل وجهه المتحدث باسمه أوفير جندلمان للبنان.
وذكر نتنياهو أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في أهدافها المتمثلة في القضاء على حماس واستعادة المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية، لكنه أشار إلى أن الحليفتين تختلفان بشأن المرحلة اللاحقة للحرب في غزة.
في حين نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إنهم يطرحون أسئلة محددة على الإسرائيليين بشأن الالتزامات القانونية لحماية المدنيين.
من جانبه، قال أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق دونالد ترامب، جبريال صوما، إن الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي كانت غير معلنة حتى وقت قصير، ظهرت إلى العلن عندما حذر بايدن من أن إسرائيل قد تفقد الدعم الدولي لحملتها ضد حماس، بالتزامن مع رفض نتنياهو علنا الخطط الأمريكية لقطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
وأوضح “صوما”، في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه قبل اندلاع الحرب كان بايدن صريحاً في انتقاداته لائتلاف نتنياهو الحاكم، خاصة أن الحكومة الحالية في تل أبيب تضم أحزاب اليمين المتطرف، لكنه رغم ذلك وقف جنبا إلى جنب مع نتنياهو في أعقاب هجمات حماس، على الرغم من الانتقادات المتزايدة للحملة العسكرية الإسرائيلية.
وبشأن تداعيات هذا الخلاف على مسار الحرب في غزة، رجح “صوما” استمرار العمليات العسكرية في القطاع حتى تقرر إسرائيل أنه تم القضاء على حماس، ولكن في الوقت الحاضر هناك ضغوط على إسرائيل من قِبل الولايات المتحدة لفتح معبر “كرم أبو سالم” أمام إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، كون المساعدات التي تدخل عبر رفح ليست كافية وهناك ضرورة لإدخال مزيد من المساعدات.
وأضاف: “يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد ذلك، ولكني أعتقد أنها ستوافق في نهاية المطاف”.
وأكد عضو المجلس الاستشاري السابق لترامب، أن محور الخلاف الأمريكي الإسرائيلي يتمحور حول ما يجب أن يحدث في غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب الراهنة، مضيفًا: “بايدن أكد على مواصلة واشنطن تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل حتى تتخلص من حماس، ولكن على الإسرائيليين أن يكونوا حذرين لأن الرأي العام من الممكن أن يتغير بين عشية وضحاها”.
وعلى هذا المنوال، تقول الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه هناك خلاف حول قضية حكم غزة، إذ تشعر الولايات المتحدة بالقلق من الحصول على دعم إقليمي لأي حل بسبب وجود “عدد من الأشخاص في حكومة نتنياهو غير محترفين، وأدلوا بتصريحات واتخذوا مواقف متطرفة، وتحديدا بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية) وبن غفير”.
وأشارت “تسوكرمان”، إلى ارتباط هؤلاء الوزراء ارتباطا مباشرا بالسياسات والقرارات المتعلقة بغزة “أمر يثير قلقا عميقا لدى الإدارة الأميركية، وهناك خوف من أن يكون وجود هذه الشخصيات حجر عثرة أمام تحقيق أي نوع من التوافق في الآراء على مستقبل حل الصراع”.
ومع ذلك، أشارت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية إلى أن إدارة بايدن لا تزال تريد القضاء على حماس بالكامل، لكنها لا ترغب في بقاء هؤلاء الأفراد في موقعهم لعرقلة عملية السلام ولا تشجع أي نوع من العنف ضد المدنيين في المستقبل أو التدخل بطريقة أخرى في حل النزاع وبناء السلام.
وأضافت: “يأتي ذلك في ظل الإخفاقات الاستخباراتية والسياسية الكارثية لحكومة نتنياهو، وبذلك فإن الاحتفاظ بأي شخص يرمز إلى الفشل وعدم الاحتراف، يعقد فكرة الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل ويساهم في الضغط الدولي على كل من إسرائيل والولايات المتحدة في آن واحد”.
ولفتت “تسوكرمان” إلى أن نتنياهو، لأسباب واضحة، يشعر بالقلق من انهيار ائتلافه إذا لم يبقى هذان الوزيران في الحكومة، لذلك إذا انهار الائتلاف ستكون هناك انتخابات مبكرة، ومن المحتمل أن يتم إجباره على الخروج من الحكومة.
سكاي نيوز عربية
إضافة تعليق جديد