هآرتس: فظائع الحرب .."صور الانتصار"

د. يهوشوع سيمونن_ هآرتس

الفشل الذريع هو صورة الانتصار.

صورة الانتصار هي 200 ألف نازح إسرائيلي، لاجئون في بلادهم.
صورة الانتصار هي عشرات البلدات الأشباح التي تم إخلاؤها منذ أكثر من شهرين في شريط أمني على الحدود في الشمال والجنوب. 
صورة الانتصار هي الإحساس بالحصار الذي يعيشه الإسرائيليون من جانب العالم. 
صورة الانتصار هي روتين موت الجنود.
إن صورة الانتصار  هي غياب المستقبل للإسرائيليين الذين يبحثون عن سبل تؤدي إلى عالم هادئ وطبيعي. 
صورة الانتصار  هي صعود معاداة السامية ضد اليهود في جميع أنحاء العالم، والسير جنبا إلى جنب مع معادين علنًا للسامية مثل مارين لوبان. صورة الانتصار  هي احتجاز ميزانية علاج النازحين كرهينة ميزانية للعلاج النفسي لشبيبة التلال.  
صورة الانتصار هي التنكيل بأهالي المختطفين، الذين لو كانوا أعضاء في مركز الليكود لكان رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأمن القومي تعاملا من أجلهم بكامل النوايا والجدية.

 صورة الانتصار هي أن  شقيق المقدم يوني نتنياهو، الذي سقط في عملية إنقاذ رهائن إسرائيليين في أوغندا على بعد أكثر من 4600 كيلومتر من إسرائيل، هو رئيس حكومة ينام بهدوء ليلاً في منزل ملياردير في القدس، دون أن يفكر في الإسرائيليين المختطفين في غزة على مسافة اقل من مائة كيلومتر.

صورة الانتصار هي أفيعاد فريجة الذي قتل  يوفال كاستلمان. 
صورة الانتصار هي المختطفون الثلاثة الذين أطلق الجيش الإسرائيلي النار عليهم وهم يلوحون بالعلم الأبيض.

صورة الانتصار هي العدد الكبير من القتلى في غزة، ونسبة عالية بشكل مخيف من الأطفال. 

صورة الانتصار هي أكثر من 40% من المباني المدمرة شمال قطاع غزة، و75% من سكان القطاع المهجّرين. 

في النهاية، صورة الانتصار هي أنه بينما يحدث كل هذا، ليس لدينا القدرة على تصور حتى طرف اخلاء، ولو حتى كرسي واحد، في المستوطنات. الحرب هي صورة انتصار المستوطنات. وعدم القدرة على الحلم بالسلام أو تصور معناه هو صورة انتصار المستوطنات. 

الفشل العسكري المدوي هو صورة الانتصار للمستوطنات. الحرب الرهيبة هي هي صورة انتصار المستوطنات.

 على مدى سنوات، حدث الضم الزاحف لمناطق في الأراضي المحتلة من الضفة الغربية إلى إسرائيل بالتوازي مع عملية متسارعة لضم دولة إسرائيل الى المستوطنات: من استخدام جنود الخدمة الالزامية في الجيش الإسرائيلي كقوة شرطة للاحتلال، إلى تطبيع التنكيل بالفلسطينيين كمسألة روتينية؛
عكَس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مسألة ضم إسرائيل للمستوطنات في المناطق المحتلة عندما زار كل عائلة قُتل ابنها أو مات في هجوم فلسطيني في المناطق، لكنه لم يكلف نفسه عناء زيارة عائلات القتلى في الكيبوتسات في غلاف غزة..الحرب في غزة هي استمرار للانقلاب على النظام، بوسائل أخرى.

وداخل منظومة مفاهيم الصهيونية الإسرائيلية، يدور صراع بين عنصرين مطلقين: معسكر الوعد الإلهي بأرض اسرائيل للعبرانيين، ومعسكر المحرقة.

 تاريخياً، يتحرك كل زعيم صهيوني - إسرائيلي بين محورين: 
الأول، الوعد الإلهي: الأرض، الصهيونية في صهيون، التوراة عقيدتهم،  الاستيطان، “الأرض المقدسة”، تحطيم المذابح، جبل الهيكل (الأقصى)، الترانسفير.

المحور الثاني المحرقة: الديموغرافيا، ومعاداة السامية، وجيش قوي، وحرب وقائية، الاعتماد على القوى العظمى، "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، الاحتلال، الهايتك، الترانسفير.

إن المذبحة التي ارتكبتها حماس بحق المدنيين الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/أكتوبر صادمة ولكنها ليست مفاجئة، تمامًا مثل الإبادة المنهجية لحياة الفلسطينيين في قطاع غزة - سوف تُذكر إسرائيل بالأشياء التي يفعلها الآن جنود جيدون من أجل صورة الانتصار للاستيطان.

هذه الحرب هي استمرار للتحالف مع حماس لمنع قيام الدولة الفلسطينية، وهي استمرار للانقلاب على النظام، وهي استمرار لضم إسرائيل الى المستوطنات.

* باحث في الثقافات