لماذا تفضّل أميركا استمرار الحرب؟

تستمر الولايات المتحدة في تشجيع إسرائيل على مواصلة جهودها للتخلص من أي نشاط “حماسي” باعتبارها تهدف أيضًا إلى تفكيك ما تبقى من غزة، التي تُصنَّف على أنها بيئة “معادية وإرهابية”، كما تسعى إلى مواصلة التصدي لإيران في معركة مستمرة عبر المنطقة، لا سيما في سوريا، وتستغرق وقتًا أطول في دراسة الخيارات المتاحة في الجبهة الشمالية مع “حزب الله”، حيث يشارك المبعوث الأميركي أموس هوكستين.

مع ذلك، يتعامل محور المقاومة بفعالية مع تلك التحديات، أولاً، من خلال التصدي لدور الولايات المتحدة، حيث يقدم واشنطن الدعم العسكري واللوجستي والاستخباري للعمليات الإسرائيلية في المنطقة، ويستهدف الوضع في اليمن بأسلحة أميركية مباشرة، وتهدف الولايات المتحدة أيضًا إلى تهدئة الدول العربية القلقة من تصرفاتها الحسابات الخاطئة، ومنع اتخاذ قرارات دولية بوقف إطلاق النار، وتأمين مسارات خروج لإسرائيل في حال تعثرت الجهود الحالية، وتتولى الولايات المتحدة أيضًا ملف العلاقات العامة للدفاع عن إسرائيل وتبرير مهمة “الإبادة الجماعية”، بما في ذلك تضخيم المسافة بين واشنطن وتل أبيب لتمكين المناورة وتحسين المراكز.

ثانيًا، يتعلق النصف الآخر من المعادلة بالدور المميز الذي تلعبه “حماس” واليمن في محور المقاومة، يظهر “حماس” بشكل فعّال في المشهد بشكل فريد، مما يعزز الوحدة في المقاومة، في الوقت نفسه، يظهر اليمن كعضو جديد ذو أهمية فائقة، حيث انضمت “أنصار الله” للمحور منذ 2014، وهو انضمام غير متوقع كان له تأثيرًا كبيرًا، بما في ذلك إقناع السعودية بالواقع الجيوسياسي لإيران.

ثالثًا، تُظهر وحدة المقاومة النظرية وحدة الساحات بفعالية، حيث تعمل المقاومة على دعم جبهة غزة وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، هذا النهج ناجح لأنه لم يؤدي إلى حرب كبيرة وحافظ على العقيدة الدفاعية للمقاومة، ويعزز تعزيز “حماس” دورها في هذا السياق، ويظهر ذلك من خلال الحضور الإعلامي المتواضع للأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي”، زياد النخالة، رغم أدائها الملحوظ في الأشهر الثلاثة الأخيرة وفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية.

رابعًا: الفرضيات الإسرائيلية حول جنوب لبنان

ترى إسرائيل في “حزب الله” قوة متنامية، وتعتقد أن عليها أن تتخذ إجراءات لمواجهته عاجلاً أو في وقت لاحق، يعتبرون أن تأجيل المعركة أو تسيير الصراع معه إلى مدى زمني أطول قد يؤدي إلى تكبد خسائر إسرائيلية متضاعفة، سواء من الناحية البشرية أو المالية، في أي حرب قد تتأجل، على الرغم من أن الاحتفاظ بقواعد الاشتباك في جنوب لبنان قد ضمن نوعًا من الاستقرار على مدى الثمانية عشر عامًا الماضية، إلا أن الحزب اللبناني قد أصبح مسلّحًا بشكل فائق من حيث القوة والتجهيزات، ويصعب تقدير حجمها في المستقبل، ومع ذلك، يظل التحدي الذي واجهته إسرائيل منذ عام 2006 وحتى الآن، والذي دفعها لتجنب الحرب، هو الخوف من أن يكون رد “حزب الله” صاعقًا لا يزال قائمًا، وهذه المشكلة لا تُعالَج بتسليم لبنان مزارع شبعا، فذلك لن يؤدي سوى إلى تعزيز علاقات “حزب الله” مع سوريا وإيران واليمن الذي يشيد به السيد حسن نصر الله بشكل غير مسبوق، لذا، في ظل الردع القائم الذي يملكه لبنان، والذي يُفترض أن يحافظ على مستوى محسوب من الصراع، قد تدفع المخاوف التي يشعر بها الكيان منذ 7 أكتوبر إلى الاعتقاد بأنه يجب عليه اتخاذ إجراءات أمام نموذج مقاومة يمتد إلى أوسع من حلفائه.

خامسًا: الموقف السعودي من استهداف المقاومة

لن تكون الرياض مرتاحة إذا خرجت “حماس” و”حزب الله” وصنعاء وطهران منتصرين من هذه الحرب، وهي تأمل في أن تنتهي، إن انتهت، وقد أُدميت كل أطرافها، وليس من المبالغة القول إن إشعال أميركا وإسرائيل المزيد من النيران في جسد المحور المقاوم سيثير علامات الغبطة في المحور السعودي، الذي يأمل في زيادة وتيرة استهداف الوجود الإيراني في سوريا، إضافة إلى ذلك، فإن السعودية لا تزال بعيدة عن التورط المباشر في الحرب، في حين تستهدف واشنطن صنعاء، لم تصل الصواريخ اليمنية إلى الرياض، وفي حين يقوم الكيان بقصف غزة، تحافظ الرياض على علاقاتها مع السلطة الفلسطينية، وتتجنب الاشتباك مع “حماس”، وتنسق علاقاتها مع المحور التركي – القطري، وتعزز علاقتها مع واشنطن، وعلى الجانب الآخر، تعمل إيران على إبقاء السعودية حيادية في هذه المنطقة، ومع ذلك، يجب علينا أن نتذكر أن المملكة، التي كانت قد غذت حروب المنطقة، أشعلت نارها مطلع التسعينيات وبعد عام 2015، وثُبت أن إهمالها للملف الفلسطيني كان خطأ واضحاً، أما محور المقاومة، فقد ازداد ترسيخاً حتى في ظل الحروب التي شملت دوله وفصائله.

الأخبار